الخميس 19 يونيو 2025 م - 23 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة: دور دبلوماسي عماني متواصل

أضواء كاشفة: دور دبلوماسي عماني متواصل
الثلاثاء - 17 يونيو 2025 05:22 م

ناصر بن سالم اليحمدي

300

مع استمرار القصف المتبادل بَيْنَ طهران و»تل أبيب» والانفجارات الَّتي تدوِّي فـي عدَّة مُدُن بالجانبين المتصارعَيْنِ.. قد يعتقد البعض خطأً بأنَّ الدَّوْر العُماني لاحتواء التوتُّر بَيْنَ إيران والعالَم انتهى، بل على العكس ما زالتِ الدبلوماسيَّة العُمانيَّة تَقُوم بِدَوْرها الرَّائد في احتواء التَّصعيد الخطير في المنطقة والَّذي سبَّبته دولة الاحتلال «الإسرائيلي» بعدوانها الغاشم على الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، حيثُ لا تتوانى الحكومة العُمانيَّة، وعلى رأسها عاهل البلاد المُفدَّى الرَّاعي الرَّسمي للسَّلام حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ ومعالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجيَّة عن البحثِ عن الوسائل الكفيلة بوقف الحرب، واللجوء لطاولة الحوار البنَّاء المثمر وإقرار السَّلام والعدالة الدوليَّة وذلك من خلال الاتِّصالات المكثَّفة مع العديد من الدول الشَّقيقة والصَّديقة.. فمن مُنْطلق مبادئ سلطنة عُمان وإحساسها بالمسؤوليَّة لم تفقدِ الأمل في ترميم الشَّرخ الَّذي أصاب المفاوضات السَّابقة واستعادة السَّلام الَّذي تاهَ بَيْنَ تبادل الضَّربات المُوجِعة.. كما أنَّ العالَم أجمع ينظر للطَّرف العُماني على أنَّه الأمل؛ كونه وسيط السَّلام الَّذي باستطاعته احتواء الموقف وفرض التَّهدئة وإيقاف التَّصعيد العسكري الخطير. لقد أعلنَها معالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي صراحة في تغريدة نشرها عَبْرَ حسابه الرَّسمي على منصَّة «إكس» (تويتر سابقًا) حيثُ قال إنَّ «الدبلوماسيَّة والحوار يظلَّان السَّبيل الوحيد لتحقيقِ سلام دائم في المنطقة».. وهذا ما يَجِبُ أن يعيَه الطَّرف «الإسرائيلي» المعتدي.. فالاستقرار والأمان والسَّلام لن يتحقق إلَّا باستخدام العقل واللُّجوء للحوار البنَّاء وقد خطتِ السَّلطنة خطوات ملموسة في طريق الحلِّ من خلال المحادثات الَّتي كانتْ تتوسطها بَيْنَ إيران وأميركا حَوْلَ الملف النَّووي.. ولكن «إسرائيل» تصرَّ على العبث ونَشْر الفوضى وتخريب المفاوضات بعدوانها على إيران. والطَّريف أنَّ «إسرائيل» كانتْ تعتقد أنَّه بإمكاناتها التَّسليحيَّة الهائلة ستقضي على إيران من أوَّل ضربة، وأنَّ طهران لن تستطيع الردَّ، وإن فعلتْ فلن تصل لها بما تمتلكه من دروع وقبب حديديَّة، ولطالما روَّجتْ لِبَيتِها بأنَّه قلعة فولاذيَّة لا يُمكِن اختراقها.. ولكن سقطتِ الأسطورة الوهميَّة وانكشفتِ الهشاشة «الإسرائيليَّة»، وأصابتِ الصَّواريخ الإيرانيَّة مراكز ومواقع حيوية واستراتيجية «إسرائيليَّة» في مقتل. لقد كانتْ «إسرائيل» البادئة بشنِّ العدوان على إيران فقامتْ بضرب منشآتها النَّوويَّة وغير النَّوويَّة، واغتالت العديد من كبار المسؤولين في الدَّولة والعلماء، أي أنَّ «إسرائيل» هي البادئ؛ وبالتَّالي كان من الطَّبيعي أن تردَّ إيران على العدوان بضربات موجعة دفاعًا عن نَفْسها وعن سيادة وسلامة أراضيها ومواطنيها وفْقًا للقانون الدولي.. ولكن الغريب أنَّ أميركا ودول أوروبا انتفضتْ لِتناصرَ «إسرائيل» وتصدَّ عَنْها الصَّواريخ وتمدَّها بالسِّلاح وتؤيِّدها رغم أنَّها هي الظَّالمة والمُعتدية!! وهذا التَّناقض والكيل بمكيالين هو ما يفقد العدالة الدوليَّة مصداقيَّتها الَّتي تُسحق تحت أقدام المصالح. لا شك أنَّه لِكَيْ ترتدع «إسرائيل» لا بُدَّ أن تتكاتف دول العالَم أجمع وتمارس كافَّة صنوف الضَّغط الدبلوماسي حتَّى توقف هذا العدوان الظَّالم غير المسؤول، وتستعيد المنطقة أمْنَها واستقرارها ويحلَّ السَّلام خصوصًا أنَّ المفاوضات غير المباشرة بَيْنَ إيران وأميركا بوساطة عُمانيَّة كانتْ على وشك أن تؤتي ثمارها.. ولكنَّ العدوَّ الصهيوني لا يريد للأمور أن تهدأ أو أن يهنأ العالَم بالسَّلام أو أن يكُونَ هناك أي تقارب سياسي بَيْنَ إيران والعالَم بصفة عامَّة.. ومَن يدري لمن ستكُونُ الضَّربة القادمة طالما مبدأ انتهاك السِّيادة موجود؟! إنَّ سلطنة عُمان ما زالتْ تتمسك بسياسة فتح الأبواب أمام المفاوضات واستخدام لُغة العقل والحوار والدبلوماسيَّة.. فهذا هو الطَّريق الوحيد نَحْوَ الاستقرار والسَّلام.. أمَّا لُغة الدَّمار والخراب فلن تُحققَ أيَّ هدف، وإن كانتْ «إسرائيل» تعتقد أنَّ بإمكانها إضعاف إيران عَبْرَ القصف وإثناءها عن إكمال مشروعها النَّووي السِّلمي، فهي بالتأكيد مخطئة؛ لأنَّ العكس هو ما سيحدث.. فطهران أقوى ممَّا تتوقع وستمضي في طريقها بكُلِّ ثقة. إنَّ «إسرائيل» هي مَن بدأ وأشعلَ فتيل الحرب وعَلَيْها أن تطفئَه قَبل أن يحرقَ الجميع.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني