الخميس 19 يونيو 2025 م - 23 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أوراق الخريف: الأهداف الصهيونية والتوسعات الإقليمية

أوراق الخريف: الأهداف الصهيونية والتوسعات الإقليمية
الثلاثاء - 17 يونيو 2025 05:20 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

300

بَيْنَ «الوعد الصادق ثلاثة» الإيراني، و»الأسد الصاعد» الصهيوني، دلائل وإشارات قويَّة بأنَّ المنطقة مقبلة على أوضاع صعبة، تجاوزتِ المذهبيَّة، وأصبحتْ تحتاج للمِّ الشَّمل سياسيًّا وأمنيًّا، فالقتال بَيْنَ إيران و»إسرائيل» هو بداية لتحقيق الشَّرق الأوسط الجديد، السيناريو الصهيوني الماسوني والَّذي يُدار من «تل أبيب» وبدعم أميركي وغربي عَلَيْنا الحذر مِنْه. فإطلاق الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة الوعد الصَّادق هو رسالة للعالَم أجمع بأنَّ طهران قوَّة لا يُستهان بها، وعقيدتها حاضرة لمواجهة أيِّ عدوان، والضَّربات الإيرانيَّة في العُمق «الإسرائيلي» رسالة بأنَّ العدوَّ ومَن يقف معه سينال الجزاء، والدِّفاع عن الوطن والشَّعب رغم الضَّربة الصهيونيَّة الَّتي خلَّفتْ عددًا من الوفيات والإصابات لن يذهبَ سدًى، وهذا حقُّهم الشَّرعي. فالقتال، الهدف مِنْه السَّيطرة على الشَّرق الأوسط بأكمله وليس إيران فقط، وليس وقف البرنامج النَّووي، الَّذي تملك «تل أبيب» رؤوسًا عديدة مِنْه. فـ»إسرائيل» ومن خلْفِها المموِّلين والدَّاعمين لها يرغبون قيادة العالَم، وأصحاب القرار النَّافذ والسَّيطرة على الدول العربيَّة والإسلاميَّة الكبرى في المنطقة، وإذا حدَث ذلك فأسوأ السيناريوهات لم يحدُثْ بعد، واللَّبيب بالإشارة يفهم. ومن هنا فالاتِّصالات الَّتي أجراها جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ ومعالي السَّيد وزير الخارجيَّة المكثَّفة مع عددٍ من نظرائهما في الدول الشَّقيقة والصَّديقة تأتي في إطار المساعي الدبلوماسيَّة لاحتواء التَّوتُّر والتَّصعيد العسكري الخطير في المنطقة، والَّذي تسبَّبتْ فيه «إسرائيل» باعتداءاتها المباشرة على الأراضي الإيرانيَّة وأهميَّة وقف العدوان، وردع المعتدي باستخدام الوسائل السلميَّة المستندة إلى القانون الدولي والعدالة من أجْلِ حقنِ الدِّماء، ووقف التَّدمير، والحفاظ على أمنِ المنطقة واستقرارها والمصالح العُليا لشعوبها. واليوم على الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة أن تُعِيدَ حساباتها، وتقرأَ ما بَيْنَ السُّطور، فما حدَث يوم الجمعة كان قاسيًا عَلَيْها، وتفاصيل الخدعة الَّتي روَّج لها الاحتلال قَبل الضَّربة بيومَيْنِ، أعطتْ انطباعًا بأنَّه لا يوجد عمل عسكري وشيك، وعدم التَّجهيز للضَّربة الاستباقيَّة، للأهداف النوويَّة والشَّخصيَّات العسكريَّة، ومع ذلك عادتْ إيران للرَّدع القوي بعد أن تجاوزتْ «إسرائيل» كُلَّ الخطوط الحمراء والقرارات الدوليَّة، ونسفتِ المفاوضات الثنائيَّة الأميركيَّة الإيرانيَّة. لذا فالقتال يُمكِن أن يتحولَ إلى حرب ومواجهة طويلة الأمد، وعلى «إسرائيل» أن تتحمَّلَ مسؤوليَّة انتهاك سيادة إيران، وأن تتحملَ تبعات القتال أمام المُجتمع الدولي، خصوصًا وأنَّ كُلَّ ذلك يحدُث أمام عِلم ومرأى المسؤولين الأميركيين الَّذين كانوا على دراية تامَّة بالوضع والمُخطَّطات الصهيونيَّة. والعالَم يتفرج، يُندِّد ويستنكِر، والرَّئيس الأميركي يصف العمليَّة بأنَّها «هجوم ناجح للغاية»، شيء غريب وعجيب! ومن هنا كيف يُمكِننا تخيُّل المقبل من الأحداث؟ وكيف سيكُونُ الوضع في المنطقة والشَّرق الأوسط بعد التَّصريحات الغربيَّة والأميركيَّة؟ فمنذُ حرب غزَّة وما تبعها من اغتيالات وحروب وسقوط أنظمة وتدخُّلات وقرارات أوضحتْ بأنَّ القادم أسوأ وأسوأ. فالهدف القادم ليس النَّووي الإيراني، وليس تقليم مخالب إيران، فمَن يَضْمن ألَّا تكُونَ لهذه العمليَّات تداعيات وتفاعلات قادمة، وإيران دَولة يحقُّ لها أن تدافعَ عن سيادتها ولن تسكتَ، وكان ردُّها قويًّا ومؤلمًا، ولن تنجوَ «إسرائيل» من عمليَّتها إلَّا بوقف القتال والتَّصعيد واللُّجوء للحلول الدبلوماسيَّة. وكُلُّ ما ذكرتْه الدول الكُبرى والصُّغرى في مجلس الأمن لا يُسمن ولا يغني من جوع، فالأبيض أبيض والأسود أسود، فقد أسقطتِ الأقنعة منذُ السَّابع من أكتوبر في غزَّة، وهي تتوالى، فلا مصلحة لإيران في امتلاكها لقنبلة نوويَّة، للدِّفاع عن نَفْسها إذا ما تعرَّضتْ لعدوان خارجي، ولا نرضى في المقابل، بامتلاك «إسرائيل» لقنبلة نوويَّة كاستثناء من بَيْنِ دول المنطقة، وهذا الَّذي يَجِبُ أن تفهمَه دول المنطقة، لا تنازلات، ولا سيطرة «إسرائيليَّة»، والعمل كفريق واحد على تطويق أهداف الصهيونيَّة والماسونيَّة وتوسُّعاتها الإقليميَّة. فالاحتمالات كُلُّها مفتوحة أمام هذه المواجهة، وقد يكُونُ من السَّذاجة القول إنَّ ما يحدُث اليوم هو نهاية المطاف، بل هو البداية، لتقليم أظافر نتنياهو وحاشيته، فالجرح كبير، ولن يندمل دُونَ ضربات إيرانيَّة انتقاميَّة موجعة، بعد اغتيال أكثر من عشرين من كبار قادتها العسكريِّين والمَدَنيِّين، وتسعة من أبرز علمائها في المجال النَّووي، والاختراق «الإسرائيلي» لها، فالحرب مختلفة وغير تقليديَّة هذه المرَّة، وعلى اللاعبين الرَّئيسين التَّدخُّل لوقفِ القتال قَبل أن يتعدَّى إلى الفضاء العربي والإسلامي بِرُمَّته. وإذا كانتْ «إسرائيل» قد استطاعتْ اختراق الجغرافيا الإيرانيَّة والعكس صحيح أيضًا، فإنَّ التَّحدِّي القادم قد يكُونُ اختراق المنطقة من قِبل الصَّهاينة والوصول لأبعد من إيران، وهو ما يستوجب اليقظة العربيَّة والإسلاميَّة على السَّواء.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا

[email protected]