الأربعاء 18 يونيو 2025 م - 22 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

وكالة الطاقة الذرية والعدوان «الإسرائيلي» على إيران

وكالة الطاقة الذرية والعدوان «الإسرائيلي» على إيران
الاثنين - 16 يونيو 2025 05:23 م

محمد عبد الصادق

20

منذُ (22) عامًا، قرَّر الرَّئيس الأميركي الأسبق جورج بوش غزو العراق بحجَّة امتلاكها برنامجًا نوويًّا وأسلحة دمار شامل، الأمْر الَّذي تبَيَّنَ كذبه فيما بعد، واتضح أنَّ نيَّة الغزو كانتْ مبيَّتة، وأنَّ بوش وحليفه توني بلير اختلقا أكذوبة الدَّمار الشَّامل من أجْلِ إقناع الرَّأي العامِّ المتشكك في شرعيَّة الغزو، وكشفتِ التَّحقيقات لاحقًا، أنَّ بعض أجهزة الاستخبارات البريطانيَّة، تمَّ رشوتها لتختلقَ معلومات عن امتلاك صدام حسين برنامجًا لتطوير أسلحة الدَّمار المزعومة. وحاولَ الأميركان تحريف تقرير الدكتور محمد البرادعي مدير عام وكالة الطَّاقة الذريَّة، آنذاك، الَّذي أكَّد فيه أنَّ فِرق تفتيش الوكالة الموجودة في العراق، لم تعثُرْ على أدلَّة بشأن تطوير برنامجها النَّووي منذُ عام 1998 حتَّى 2002، وطلب البرادعي من العراق التَّعاون مع فِرق التَّفتيش، وتقديم دلائل على خلوِّه من أسلحة الدَّمار الشَّامل الكيماويَّة والبيولوجيَّة. اتضح فيما بعد، أنَّ صدام حسين تخلَّص من مخزونه من الأسلحة الكيماويَّة، عقب انسحابه من الكويت في فبراير 1991، ولكنَّه رفضَ الإفصاح عن ذلك في محاولة منه؛ لردعِ أعدائه الَّذين كثُر عددهم بعد غزوه للكويت، وكان لجأ لتصنيعِها في زمن الحرب مع إيران الَّتي استمرَّتْ ثماني سنوات في ثمانينيَّات القرن الماضي. في الحرب المشتعلة حاليًّا بَيْنَ «إسرائيل» وإيران، استغلَّتْ «إسرائيل» تقرير وكالة الطَّاقة الذريَّة الَّذي أشار إلى أنَّها فقدتِ القدرة على تتبُّع أجهزة الطَّرد المركزي الإيرانيَّة المتقدِّمة، ووجود فجوة رقابيَّة خطيرة تهدِّد جهود استعادة الاتِّفاق النَّووي بَيْنَ إيران والغرب في العام 2015م، وأكدتِ المخاوف من امتلاك إيران سلاحًا نوويًّا، بعدما منعتْ إيران مفتِّشي الوكالة من تفقُّد أجهزة الطَّرد المركزي، الَّتي نقلتْ إلى منشأة «فوردو» النوويَّة، جنوب طهران، كما اشتكتِ الوكالة من عدم معرفتها عدد أجهزة الطَّرد المركزي الَّتي تمتلكها إيران وأماكن تصنيعها وتخزينها. وساءتِ العلاقة بَيْنَ إيران ووكالة الطَّاقة الذريَّة، منذُ ثلاث سنوات، بعدما أزالتْ طهران كافَّة معدَّات المراقبة والرَّصد الَّتي تمَّ تركيبها بموجب اتِّفاق 2015، بما في ذلك الكاميرات المثبَّتة في ورش تصنيع أجزاء أجهزة الطَّرد المركزي، رغم اعتراف الوكالة بأنَّها تراقب 20 ألف جهاز طرد مركزي، داخل منشآت التَّخصيب الإيرانيَّة، إلَّا أنَّها لم تتمكن من معرفة العدد الإجمالي للأجهزة المنتجة في السَّنوات الثلاث الأخيرة، أو أماكن وجودها. في المباحثات الَّتي دارتْ مؤخرًا بَيْنَ إيران والولايات المُتَّحدة، برعاية عُمانيَّة، رفضتْ طهران طلبًا أميركيًّا متكررًا، بالتَّخلِّي عن التَّخصيب النَّووي، كما رفضتْ تصدير مخزونها الحالي من اليورانيوم العالي التَّخصيب إلى الخارج، وكانتْ هذه العقبة الرَّئيسة، لعدم التَّوَصُّل لاتِّفاق بَيْنَ البلدَيْنِ، وموافقة ترامب على طلب نتنياهو بتوجيه ضربة للمشروع النَّووي الإيراني. وكان الاتِّفاق النَّووي الموقَّع عام 2015، حدَّد سقفًا لتخصيب اليورانيوم بنسبة (3.67%)، وتقييد عدد وأنواع أجهزة الطَّرد المركزي الَّتي يُمكِن لإيران استخدامها، كما منَع التَّخصيب في موقع فوردو، والاكتفاء بمنشأة نطنز، ومفاعل آراك، ووافقتْ إيران بموجبه على عمليَّات تفتيش مفاجئة، وتوسيع نطاق الرَّقابة ليشملَ تصنيع أجهزة الطَّرد المركزي ومخزونها من مادَّة «اليلوكيك». بعد انسحاب الرَّئيس ترامب من الاتِّفاق في 2018م، بدأتْ إيران في تجاوز حدود التَّخصيب وعدد أجهزة الطَّرد المركزي، كما ألغتِ الرَّقابة الإضافيَّة الَّتي كانتْ مطبَّقة بموجبه. الآن بعدما تعرَّضتْ إيران للاعتداء «الإسرائيلي»، هناك خشية من تسريع الخُطى لإنتاج القنبلة النوويَّة، خصوصًا إذا فشلتْ «إسرائيل» في تدمير مخزونات إيران من اليورانيوم المخصَّب، المادَّة الانشطاريَّة اللازمة لإنتاج قنبلة واحدة على الأقلِّ في أقلِّ من عام من الآن.

محمد عبد الصادق

[email protected]

كاتب صحفي مصري