الاثنين 16 يونيو 2025 م - 20 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

محتوى لا تكتبه أياد بشرية

محتوى لا تكتبه أياد بشرية
الاثنين - 16 يونيو 2025 05:05 م

أحمد صبري

باتَ الذَّكاء الاصطناعي يؤدي دَوْرًا في الصحافة كما يفعل بتصاعد في المُجتمعات من دُونِ استخدامه بديلًا عن اشتراطات الحياة وديمومتها، لا سِيَّما في غُرف الأخبار كأداة مساعدة في صياغة الأخبار واتجاهاتها في ميادين العمل الصحفي. إنَّ جمع الأخبار وتحريرها وتوزيع المحتوى عَبْرَ المنصَّات بحيثُ لا يتقاطع الذَّكاء الاصطناعي مع مبادئ الصحافة الأساسيَّة كالدقَّة والحياد والثِّقة والشَّفافيَّة. والموضوعيَّة

والمخاطر الَّتي تواجهها الصحافة هي برامج الذَّكاء الاصطناعي هي بالقدرة على تعديل كُلِّ عنصر من عناصر المحتوى ـ الصَّوت والفيديو والصوَر الثَّابتة والكلمات ـ في كثير من الحالات، فيما يتعلق بالدقَّة والسِّياق والوضوح.

والسُّؤال الَّذي يراود الكثير: هل يستطيع الصحفيون مراجعة أيِّ محتوى متأثر بالذَّكاء الاصطناعي قَبل وصوله إلى الجمهور؟

الجواب يكمن في أنَّ الصحفيِّين يتَّبعون مسارات راسخة لموازنة حقِّ الجمهور في المعرفة مع حقِّ الفرد في الخصوصيَّة. ومن غير المرجح أن يتمكنَ الذَّكاء الاصطناعي من معالجة هذه القضايا بنَفْسِ الطَّريقة. من المُهمِّ ضمان برمجة الذَّكاء الاصطناعي للعمل ضِمن الحدود الأخلاقيَّة والقانونيَّة، وألَّا ينتهكَ استخدامه الخصوصيَّة أو غيرها من الحقوق الأساسيَّة، كما يحذِّر مِنْها مختصون ومراكز قياس الرأي العام واتجاهاته.

ونزيد: هل يتقبل الجمهور محتوَى لا تكتبه أيادٍ بَشَريَّة؟ أسئلة لم تَعُدْ خياليَّة في ظلِّ التَّسارع التِّقني العالَمي، حيثُ يشهد قِطاع الإعلام ـ وتحديدًا الأخبار ـ تحوُّلًا جذريًّا بفعل أدوات الذَّكاء الاصطناعي الَّتي باتتْ تُعِيدُ رسم دَوْرة العمل الإخباري من التَّخطيط إلى التَّوزيع والانتشار. وإزاء ما يجري كيف يبدو المشهد اليوم؟ وأين يقف الإعلام من هذا التَّحوُّل؟

لقد كان اشتراطات النَّجاح لأيِّ مشروع إعلامي قَبل أن يتسلل إِلَيْه الذَّكاء الاصطناعي ينبغي أن يستندَ إلى السُّرعة والدقَّة في صياغة الأخبار، والتقارير غير المنحازة، واعتماد الموضوعيَّة في طرح القضايا ومناقشتها باعتماد معايير الحياديَّة والدقَّة والمهنيَّة، والابتعاد عن الخِطاب التَّحريضي والشَّحن الطَّائفي، إضافةً إلى إشاعة ثقافة التَّسامح والقَبول بالآخر، إضافةً إلى التأكيد على حُريَّة الرَّأي والتَّعبير. ويشمل هذا الحق حُريَّة اعتناق الآراء دُونَ تدخُّل، وعرضها للجمهور دُونَ تدخُّل أو قيود.. كُلُّ هذه الاشتراطات الَّتي كانتِ المُعِين للعاملين في الصحافة، وتحديدًا في غُرف الأخبار، هل ستكُونُ حاضرةً في المحتوى الإخباري واشتراطاته الجديدة؟

لقد آنَ الأوان أن يأخذَ العاملون في أيِّ مشروع إعلامي، وتحديدًا في غُرف الأخبار، بنظر الاعتبار موجبات الذَّكاء الاصطناعي بإنتاج محتوى قريب من نبض الشَّارع وتطلُّعاته، ويلامس حاجاته الحقيقيَّة، وليس محتوى تكتبه أيادٍ غير بَشَريَّة.

أحمد صبري

كاتب عراقي

[email protected]