الثلاثاء 17 يونيو 2025 م - 21 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

متخصصة فـي تصوير الماكرو .. المصورة غنية المجرفية: عالم الحشرات مزيج بين الفن والعلم والتكنولوجيا والحس الإنساني

متخصصة فـي تصوير الماكرو .. المصورة غنية المجرفية: عالم الحشرات مزيج بين الفن والعلم والتكنولوجيا والحس الإنساني
الأحد - 15 يونيو 2025 06:12 م
40

كتب ـ خالد بن خليفة السيابي:

غنية المجرفية مصورة عمانية متخصصة في تصوير الماكرو، تبحث عن النوادر والدهشة وتسخر وقتها لاقتناص أهدافها الضوئية وتقدمها للمتلقي بتفاصيل دقيقة، وهذا النوع من التصوير يعد الأصعب في عالم التصوير الفوتوغرافي، حيث يحتاج جهدا كبيرا ومضاعفا وعلى المصور ان يتحلى بالصبر والهدوء والبذل، حيث يقوم صاحب العدسة بمطاردة الهدف من مكان إلى آخر بحكم ان الحشرات والطيور والزواحف كائنات حية متحركة والبعض منها يظهر في مواسم معينة لا تجدها طوال العام. (المجرفية) تعد من الأوائل في تصوير الماكرو، وتملك الكثير من الخبرة وبرصيدها مشاركات داخلية وخارجية متعددة، تطرقنا لبعض مشاركاتها الخارجية، حيث شاركت في معرض اتحاد المصورين العرب بصورة (الدبابير الخصرية) بإمارة الشارقة، أما محليا شاركت بسبعة أعمال في معرض (طبيعة خفية)، الذي أقيم في شهر يناير 2024م تحت رعاية سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة.

وحول عالم تصوير الماكرو تقول: تصوير الماكرو، خاصة تصوير الحشرات، هو المساحة التي أعبّر فيها عن رؤيتي العميقة لجمال الطبيعة، هذا النوع من التصوير يتطلب دقة عالية، وصبرو طويلا، واهتماماً حقيقياً بالتفاصيل وهي أشياء شعرت دائماً أنها جزء من شخصيتي، وتميّزي في تصوير الحشرات لا أراه مرتبطاً فقط بالمعدات أو التقنية، بل بطريقة نظرتي لهذه الكائنات، وأنا لا أتعامل معها على أنها (أهداف تصوير)، بل كمخلوقات مدهشة لها طريقتها في الوجود، ولها جمالها الخاص الذي يستحق أن يُرى ويُقدَّر، وكل صورة التقطها هي محاولة لتقديم هذا الجمال للناس من زاوية لا يعتادون رؤيتها. وعن طريقتها في التصوير توضح: أحرص على استخدام عدسات ماكرو احترافية، وأولي أهمية كبيرة للإضاءة، أحياناً أستخدم فلاشا مع مشتّت، وأحياناً أفضل الضوء الطبيعي، خاصة وقت الغروب، أو حين تمتزج الألوان والظلال بشكل فني يجعل الصورة أكثر عذوبة وهدوءاً، كما أنني أدرس سلوك الحشرات كثيراً، أعرف أن بعض الأنواع تظهر في أوقات معينة، أو تعود إلى نفس الورقة أو الزهرة، وهذه المعرفة ساعدتني كثيراً في التقاط صور دقيقة ولحظات نادرة، لا تعتمد على الحظ بقدر ما تعتمد على الملاحظة والتحضير. وأضافت: تصوير الماكرو هو فرع دقيق ومميز من التصوير الفوتوغرافي، يُعنى بتكبير الأشياء الصغيرة (غالباً بنسبة 1:1 أو أكثر) بحيث تظهر في الصورة بحجمها الحقيقي أو أكبر، مع إبراز تفاصيلها الدقيقة التي قد لا نراها بالعين المجردة،وهذا النوع من التصوير علمني التمهّل والتقدير والدهشة وجعلني أؤمن أن العالم الصغير مليء بالمعجزات، فقط إذا اقتربنا منه بما يكفي، وما يهمني في النهاية هو أن تكون الصورة أكثر من مجرد لقطة جميلة، أن تكون تجربة يتأملها المشاهد ويتوقف لحظة ليرى ما كان يمر أمامه كل يوم دون أن ينتبه له. وتؤكد (المجرفية): يُعد تصوير الحشرات تحديداً أحد أصعب وأجمل مجالات التصوير الضوئي، لما يتطلبه من دقة ومهارة، خاصة عند التعامل مع كائنات سريعة الحركة وفي بيئات متغيرة وظروف جوية غير متوقعة، ورغم كل التحديات، في كل مرة أعود بصورة ناجحة، أشعر وكأنني أخرجت سراً صغيراً من قلب الطبيعة وشاركته مع العالم. وحول عالم الحشرات ومايميزها تقول : عندما تقترب من حشرة بهذا الشكل المقرّب، تبدأ بملاحظة تفاصيل مذهلة لا تظهر في الحياة اليومية : ألوان دقيقة، أنسجة ناعمة، نمط عيون معقد، وملمس أجنحة يبدو كأنه من نسج الخيال، في تلك اللحظات، لا تلتقط مجرد صورة، بل توثق لحظة نادرة في حياة مخلوق صغير، والجميل في الأمر أن هذا النوع من التصوير لا يُظهر فقط الجمال الطبيعي، بل يخلق وعياً جديداً بتعقيد الحياة على نطاق صغير، وأحياناً يرى المشاهد في الصورة ملامح وجه، أو عيوناً متعددة، أو أجنحة شفافة بنقوش أشبه بالزخارف الفنية (تجربة بصرية عميقة تُقرّب الإنسان من الطبيعة بعين جديدة ومتفحصة). فيما يخص الأدوات المستخدمة في مجال تصوير الماكرو تقول : لتصوير الحشرات بنجاح، لا يكفي امتلاك كاميرا جيدة فقط، بل يتطلب الأمر معدات متخصصة مثل عدسات الماكرو (Macro Lenses)، التي تسمح بالتركيز من مسافات قريبة جداً. أحياناً أستخدم أيضاً أنابيب تمديد (Extension Tubes) أو عدسات عكسية (Reversed Lenses) للوصول إلى مستوى تكبير أعلى ودقة أكبر. وتشير : الإضاءة عنصر أساسي لأن المسافة بين العدسة والحشرة صغيرة، فقد تعيق الظلال رؤية التفاصيل، لذلك أستخدم عادة فلاشا خارجيا مع مشتت (diffuser) يعطي إضاءة ناعمة دون إزعاج الكائن، كما أحياناً أُفضل الاعتماد على الضوء الطبيعي (مثل ضوء الشمس عند الغروب)، حيث أستغل اتجاه الضوء لتكوين تون فني يحدد شكل الحشرة بطريقة مميزة، ويضيف بعداً جمالياً للصورة. وعن تأثير تصوير الماكرو بحياة غنية المجرفية تقول: تصوير الماكرو جعلني أبطئ إيقاع حياتي، وأتعلم كيف أقدّر الأشياء الصغيرة التي لا يلاحظها أغلب الناس، أصبح لدي حس مختلف تجاه التفاصيل، سواء في الطبيعة أو حتى في الحياة اليومية وكل صورة ألتقطها ليست مجرد لقطة جميلة، بل دعوة للتأمل والدهشة، واحترام هذا العالم الصغير المعقّد والمليء بالجمال، وتصوير الماكرو، خاصة في عالم الحشرات، هو مزيج بين الفن والعلم، بين التكنولوجيا والحس الإنساني ، هو وسيلة للتقريب بين الإنسان وعالم الطبيعة الخفي، وإبراز جماله وتعقيده بشكلٍ مبهر، هو أكثر من مجرد صورة بل هو اكتشاف متجدد لعالم لا نراه، لكنه موجود دائماً حولنا، ينتظر فقط من يتأمله.