الاثنين 16 يونيو 2025 م - 20 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

شراع: كيان كرتوني لكن هناك من يؤخر زواله!

شراع: كيان كرتوني لكن هناك من يؤخر زواله!
الأحد - 15 يونيو 2025 05:38 م

خميس بن حبيب التوبي

30

مَن يتابع تطوُّرات الأحداث في هذا الإقليم على خلفيَّة عدوان كيان الاحتلال الصهيوني على الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة منذُ فجر الجمعة (13/6/2025) وحتَّى كِتابة هذه السُّطور، لا بُدَّ له وأنْ يقِفَ على حقيقة ثابتة مع كُلِّ جريمة حرب وعدوان إرهابي يُنفِّذهما العدوُّ الصُّهيوني المحتلُّ تجاه شعوب هذا الإقليم ودوَلِه، وهي أنَّ التَّنسيق والجهد الاستخباري والعسكري للولايات المُتَّحدة هو الأساس الَّذي ينطلق مِنْه الصَّهاينة في عمليَّة التَّنفيذ، وليس فقط الضَّوء الأخضر، وهذا له أسبابه الَّتي باتتْ مكشوفةً لدَى الجميع؛ لِكَيْ يُبْقِيَ المُجرِم والقاتل الحقيقي الأميركي نَفْسَه خارج دائرة الاتِّهام فَتَجِدُه يُسارع إلى نفض يدَيْه؛ من أجْلِ أنْ يُجنِّبَ مصالحه أيَّ ردَّات فعل قَدْ تستهدفها. لقَدْ كان لافتًا مع بداية العدوان الصُّهيوني على إيران مسارعة الولايات المُتَّحدة على لسان رئيسها دونالد ترامب إلى نفيِ أيِّ دَوْر لبلاده في هذا العدوان، ولكن بعدما توهَّم هو والَّذين معه أنَّ الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة توشك على الانهيار والسُّقوط الكامل؛ جرَّاء الضَّربات المباغتة الَّتي استهدفتْ قيادات الصَّفِّ الأوَّل في الحرس الثَّوري والقوَّات المُسلَّحة الإيرانيَّة والعُلماء النَّوويِّين، والنَّجاح في تعطيل منظومات الدِّفاع الجوِّي، بدأ ترامب يُفصح عن دَوْر بلاده، وإعلانه إرسال المزيد من الأسلحة المطلوبة، مُخيِّرًا طهران بَيْنَ الرُّضوخ للمطالب الأميركيَّة فيما يخصُّ المفاوضات النَّوويَّة أو مواصلة العدوان بصورة أعْنَف وأقْسَى. وما يُلاحظ في السِّياق ذاتِه حالة النَّشوة والزَّهو الَّتي تملَّكتْ كلًّا من الصُّهيوني والأميركي ومَن معهما من الحلفاء والعملاء والخونة بأنَّ الإقليم قَدْ أضْحَى ساقطًا بِيَدِهم، وأخذتِ الأحلام التلموديَّة تُدغدغ الصَّهاينة باقتراب موعد قيام المستعمرَة الكُبرى «إسرائيل» من النِّيل إلى الفرات. لكنْ سُرعان ما تبخَّرتْ هذه النَّشوة، وأخذتِ الأحلام تتلاشى بعدَما تمكَّنتْ إيران مِن استيعاب صدمة العدوان المُباغت وإعادة ترتيب الصُّفوف سريعًا بتعيين قيادات عسكريَّة جديدة، وتفعيل منظومات الدِّفاع الجوِّي والأخذ بزمام المبادرة بإسقاط مقاتلات حربيَّة ومُسيَّرات صهيونيَّة، والبدء بالانتقام بإطلاق صواريخها البالستيَّة والفرط صوتيَّة والمُسيَّرات، وإلحاق الأذَى بكيان الاحتلال الصُّهيوني. إنَّ هذه الجولة من المواجهة بَيْنَ كيان الاحتلال الصُّهيوني المدعوم أميركيًّا وغربيًّا، وإقليميًّا، للأسف الشَّديد، والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة الَّتي تعتمد على قدراتها الذَّاتيَّة في منازلة أعداء الأُمَّة وَحْدَها، تُعطينا عددًا من النَّتائج المُهِمَّة وهي: أوَّلًا: إنَّ الدوَل لا تسقط بِيَدِ الأعداء إلَّا بوجود خَوَنة وعملاء باعوا أوطانهم وذِممهم وتجرَّدوا مِن كُلِّ القِيَم والمبادئ والإخلاص والولاء والانتماء، مقابل حفنةٍ قذرة من الدولارات ملوَّثة بالعار والخيانة والدِّياثة، والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة حالها حال غيرها من دوَل هذا الإقليم لم تسلَمْ من ذلك، الَّذين سهَّلوا عمليَّات الاستهداف والتَّعطيل السِّيبراني لمنظومات الدِّفاع الجوِّي، وتتبُّع حركة القيادات داخل إيران. وقَدْ تحدَّث توماس فريدمان الكاتب الصُّهيوني في صحيفة «نيويورك تايمز» عن «استعداد عديد من المسؤولين الإيرانيِّين للعمل لصالح «إسرائيل»، وذلك ـ كما يقول ـ بسبب كرههم الشَّديد لحكومتهم، وهذا يُسهِّل على «إسرائيل» تجنيد عملاء في الحكومة والجيش الإيرانيِّين على أعلى المستويات». ثانيًا: في كُلِّ مواجهة هناك صراع بَيْنَ صانعي أسلحة القتل والدَّمار، وقَدْ رأينا حالة التَّباهي الَّتي خرج بها الرَّئيس دونالد ترامب أمام شاشات العالَم ومنصَّات التَّواصُل الاجتماعي مُرَوِّجًا للسِّلاح الأميركي بأنَّه السِّلاح الأقوى والأكثر فعاليَّة، داعيًا إلى شراء السِّلاح الأميركي فقط. إلَّا أنَّ هذه النَّبرة الترامبيَّة سُرعان ما تبخَّرتْ حين نجحتْ طهران في إسقاط طائرتَيْنِ من نَوْع (أف 35) الَّذي يُعَدُّ فخر الصِّناعة الأميركيَّة، والَّذي ممنوعٌ بَيْعُه إلَّا لكيان الاحتلال الصُّهيوني. وكذلك ضرب بطاريَّات «ثاد» للدِّفاع الجوِّي المتطوِّرة، وطبعًا يُوَجِّه النَّجاح الإيراني ضربةً قاصمةً للسِّلاح الأميركي. ثالثًا: الحقيقة الَّتي لا مِراءَ فيها أنَّ كيان الاحتلال الصُّهيوني هو كيان كرتوني هشٌّ، ويَصدُق عَلَيْه تمامًا الوصف الَّذي أطلقَه عَلَيْه المغفور له بإذن الله تعالى حسن نصرالله الأمين العامُّ لحزبِ الله بأنَّه «بيت العنكبوت»، وهذا ما بدا واضحًا عَبْرَ الاستدارة الأميركيَّة السَّريعة بمطالبة ترامب وقف الحرب، حيثُ غرَّدَ أمس الأوَّل قائلًا إنَّ «هذه الحرب بَيْنَ «إسرائيل» وإيران يَجِبُ أن تنتهي». وفي هذا السِّياق بدأ إجراء اتِّصالاته مع عددٍ من قادة دوَل العالَم والإقليم مُستجدِيًا التَّدخُّل لإنهاء الحرب، من بَيْنِهم الرَّئيس الرُّوسي فلاديمير بوتين. والسُّؤال الَّذي يطرح ذاته: لماذا يُطالب ترامب بوقف الحرب الآن مع أنَّه هو مَن شجَّع عَلَيْها وأعْطَى كُلَّ ما يحتاجُه كيان العدوِّ الصُّهيوني من المعلومات والسِّلاح والدَّعم، وهو مَنْ أخذَ يتوعَّد إيران بالمزيد من العدوان؟ والإجابة بكُلِّ بساطة تؤكِّد أنَّ الكيان المُحتلَّ هو كيان كرتوني هشٌّ لا يقوَى على تحمُّل الضَّربات، خصوصًا وأنَّ الصَّواريخ الإيرانيَّة فعلتْ فِعْلَها المطلوب المُوجِع والمُؤذِي. لكن ـ للأسف ـ هناك مَن يحمي هذا الكيان الكرتوني الهشِّ أو «بيت العنكبوت» وهُمُ الحلفاء في الغرب والخَوَنة والعملاء في الإقليم الَّذين أخذوا يتزايدون يومًا بعد يوم، وهُمُ الَّذين يُكسبونه القوَّة المزعومة. رابعًا: إنَّ نجاح كيان الاحتلال الصُّهيوني ومِن ورائه أميركا والغرب والخَوَنة والعملاء في إسقاط الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، يعني أنَّ الدَّوْر آتٍ على الدوَل الأُخرى كباكستان، وهذا ما لم يُخْفِه مُجرِم الحرب «نتن ياهو» رئيس حكومة الاحتلال الصُّهيوني، وإعلانه أنَّ الدَّوْر قادم على باكستان، وكذلك الدَّوْر آتٍ ضدَّ مصر وجيشها، والجزائر.. وعَلَيْه، سيكُونُ الإقليم خاضعًا بكُلِّ دوَله وشُعوبه ومقدَّراته للاستعمار الإمبريالي الغربي بقيادة الولايات المُتَّحدة، وقاعدته العسكريَّة المُسمَّاة «إسرائيل». وحينئذٍ ستتفرغ أميركا لمواجهةِ الصِّين الَّتي ستكُونُ سهلةً عَلَيْها، وتدمير مبادرة طريق الحزام والحرير الصِّينيَّة، كما ستُحاصر روسيا الاتحاديَّة وتُخنَق بأوكرانيا بقيادة أوروبا. خامسًا: نجاح العدوان الصُّهيوني في إخضاع إيران أو إسقاط نظام الحُكم فيها، يعني تهديدًا لمُنظَّمة بريكس وتَحوُّل اقتصادها إلى الولايات المُتَّحدة، حيثُ ستتحكَّم واشنطن بالثَّروات النِّفطيَّة والغازيَّة الإيرانيَّة، وتُحرَم بالتَّالي الصِّين والأعضاء في المنظَّمة. سادسًا: كيان الاحتلال الصُّهيوني يدَّعي أنَّه باستهدافه المفاعلات النَّوويَّة الإيرانيَّة سيمنع طهران من إنتاج قنبلة نوويَّة أو على الأقلِّ تأخيرها، وهذا الأمْر من الوارد جدَّا أنْ يدفعَ طهران إلى المسارعة إلى إنتاج قنبلة نوويَّة لِتردعَ أعداءها، وهو ما سيكُونُ ضربةً أُخرى قاصمة. سابعًا: كُلُّ ما يَجنِيه هذا الإقليم ودوَل العالَم من كوارث وحروب وفِتَن ودمار تقف وراءه الولايات المُتَّحدة، ومَن لفَّ لفيفَها من دوَل الغرب كبريطانيا العقل الخبيث المُدمِّر، والخَوَنة والعملاء في الإقليم وخارجه. لذلك تُمثِّل هذه المواجهة بَيْنَ الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة وكيان الاحتلال الصُّهيوني مفترق طُرق، إمَّا أنْ تنتصرَ إيران وتُوقفَ أحجار الدُّومينو، وتمنعَ استسلام الإقليم، وإمَّا أنْ ينتصرَ الكيان الصُّهيوني المحتلُّ ومَن معه، فيحصل ما لا يُحمَد عقباه. ومَن يظنُّ أنَّه بعمالته وخيانته لهذه الأُمَّة سوف يكُونُ بمنأى عن شَررِ النِّيران المُشتعلة فهو واهمٌ، وإنَّما هو مجرَّد أداة وظيفيَّة ستنتهي بمجرَّد أنْ ينتهيَ دَوْرها. 

خميس بن حبيب التوبي

[email protected]