حتَّى وإن سبقتها أحاديث أميركيَّة عن إفساح المجال للدبلوماسيَّة والرَّغبة الأميركيَّة في لجم «إسرائيل» فإنَّ الحرب الدَّائرة بَيْنَ إيران و»إسرائيل» والَّتي بدأتْ بالضَّربات «الإسرائيليَّة» الَّتي استهدفتْ مواقع وقيادات وعلماء إيرانيِّين فجر الجمعة وتستمر بوتيرة القصف المتبادل بَيْنَ الجانبَيْنِ لم تأتِ بشكل مفاجئ، بل سبقها عدد من المؤشِّرات مِنْها تهيئة «إسرائيل» ما يُمكِن وصفه الطَّريق لمسرح العمليَّات، مِنْها ما قامتْ به على مدار الشُّهور الماضيَّة من تدمير الدِّفاعات الجويَّة في مسارات مقاتلاتها نَحْوَ إيران أو توسيعها لرقعة الاشتباكات بالمنطقة من بعد السَّابع من أكتوبر، وكذلك مؤشِّرات من أميركا نَفْسها كان آخرها إعلان الرَّئيس الأميركي قَبل بضع ساعات من بدء الحرب إنَّ بلاده لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي «على الإطلاق» وكذلك ما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركيَّة قَبل الحرب أيضًا عن مسؤول «إسرائيلي» إنَّ «إسرائيل» كانتْ مستعدَّة لتنفيذ الهجوم يوم الأحد ـ أي فَور انتهاء جلسة المحادثات الَّتي كانتْ مقرَّرة بَيْنَ الولايات المُتَّحدة وإيران دُونَ اتِّفاق لِيبقَى التَّساؤل ما الَّذي تحتاجه الولايات المُتَّحدة من هذه الحرب وما الَّذي ستُقدِم عَلَيْه. ووفقًا لتحليل موجز نشره معهد واشنطن لسياسات الشَّرق الأدنى فإنَّ ما تحتاجه واشنطن في الأيَّام والأسابيع المقبلة إلى معايرة دعمها لأعمال «إسرائيل» مع هدفَيْنِ حاسمَيْنِ أوَّلهما منع دَوْرة تصاعديَّة يُمكِن أن تؤدي إلى هجمات ضدَّ حلفاء الولايات المُتَّحدة أو قوَّاتها بالمنطقة والثَّاني هو الحفاظ على الهدف الأميركي الرَّئيس المتمثل في ضمان عدم وجود مسار لإيران نَحْوَ سلاح نووي. لِمُدَّة خمس إدارات رئاسيَّة على الأقل. وحتَّى كِتابة هذه السُّطور كان الدَّعم الأميركي المقدَّم من الولايات المُتَّحدة لـ»إسرائيل» يتمثل في البيانات العامَّة الَّتي تعزِّز الضَّربات؛ ومساعدة لوجستيَّة وأشكال دعم لأخرى للعمليَّة؛ ودَوْر نشط في الدِّفاع عن «إسرائيل» من خلال المساهمة في إسقاط الصَّواريخ الإيرانيَّة المُوَجَّهة لـ»إسرائيل» بالإضافة إلى توجيه التَّحذيرات لإيران من عدم مهاجمة المصالح أو الأفراد الأميركيِّين.. لكن «إسرائيل» تتطلع إلى مشاركة أميركيَّة أكثر فاعليَّة، خصوصًا وأنَّ «إسرائيل» تحتاج من أميركا القاذفات القادرة على توجيه قنابل تخترق ما تحت الأرض. أمَّا ما ستُقدِم عَلَيْه الولايات المُتَّحدة فهو أمْر يصعب توقُّعه في ظلِّ ما يُمكِن وصفُه بـ(المزاج المتقلب للرَّئيس الأميركي) مثل أنَّه لا علاقة بالولايات المُتَّحدة بهجوم فجر الجمعة، وكذلك تصريحه بأنَّ الحرب بَيْنَ «إسرائيل» وإيران يَجِبُ أن تنتهي في مقابل تصريحات أخرى على شاكلة التَّباهي بأن «إسرائيل استخدمت معدَّات أميركيَّة ممتازة خلال العمليَّة»، ووصفه يوم الهجوم بأنَّه «يوم كبير»..
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري