لا يراودني الشَّك قط بأنَّ التَّحالف الَّذي عُقد بَيْنَ الرَّئيس الأميركي، دونالد ترامب، من ناحية، وبَيْنَ أغنى رجُل في العالَم، الملياردير إيلون ماسك، لم يكُنْ إلَّا تحالفًا مصلحيًّا مبتورًا وغير مقدَّس؛ بدليل انهياره بعد مُدَّة قصيرة، إذ تحوَّل التَّحالف إلى تنابُز بالألقاب وإلى معركة لفظيَّة تتوّجتْ بقولِ الرَّئيس: «لا بُدَّ أنَّ ماسك قد فقَدَ عقله!»، وبقول الملياردير ماسك: «لولا دعمي له لَما فاز ترامب بالرِّئاسة!» وإذا كانتْ ذروة هذا التَّحالف قد رمز لها بـ»المنشار الإلكتروني»، ذلك المنشار الَّذي تبختر به ماسك والَّذي مثَّل قدراته على تقليص النَّفقات الحكوميَّة إلى أدْنَى حدٍّ، فإنَّ تحذير ترامب حليفه السَّابق، ماسك، من الانتماء إلى الحزب الديمقراطي ينطوي على خوف هاجسي، يقضُّ مضاجع الرَّئيس، من إمكانيَّة تحوُّل حليفه السَّابق، ماسك، إلى منافس قوي (لا يهزم) في الانتخابات الأميركيَّة الرِّئاسيَّة القادمة! والحقُّ، فإنَّ هذا احتمال، يبدو لي، قائمًا بقوَّة نظرًا لأنَّ ماسك قد تحوَّل من «ملیاردیر» إلى «بطل أميركي»! والبطل الأميركي، حسب المعايير هناك، غالبًا ما تكُونُ بطولته مبتناة على القدرة على جمع المال وكنزه، ناهيك عن قدراته على الإبداع والابتكار.. ولا شك في أنَّ صاروخ ماسك الفضائي Space X كان آخر ضربات الفرشاة لتشكيلِ صورة الـ»بطل الأميركي»، ذلك الرَّجُل القادر على غزو الفضاء في ذات الوقت الَّذي يكُونُ فيه قادرًا على تزويد الجمهور الأميركي بسيَّارات كهربائيَّة منخفضة الثَّمن، نَوع تيسلا، سيَّارة تقي المواطن تَقِيه مخاطر «الاعتماد على النِّفط العربي»! والحقُّ، فإنَّ هذا النَّوع من التَّنافس يُمكِن أن يُغيِّر بوصلة السِّياسة الأميركيَّة الخارجيَّة والدَّاخليَّة، إذا ما تحققتْ مخاوف الرَّئيس ترامب وتفاجأ بدخول إيلون ماسك السِّباق الانتخابي الأميركي القادم على حين غرَّة!
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
