على غير المتوقع وبعيدًا عن مشاهدة مسرح الأحداث في العلاقة الحميميَّة السَّابقة بَيْنَ الصَّديقَيْنِ والَّتي تمثلتْ في أحد فصولها في الانتخابات الأميركيَّة السَّابقة بالدَّعم السَّخي من قِبل أيلون ماسك إلى الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب، فتحوَّل الصَّديقان سريعًا وعلى غير المتوقع إلى خصمَيْنِ عِندَ أوَّل خلاف ليتراشقا عَبْرَ وسائل الإعلام ويظهرا خلافهما على العلن، لِتشهدَ العلاقة بَيْنَ المستشار أيلون ماسك والرَّئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية غير متوقَّعة، والَّتي كانتْ تُوصَف وكأنَّها «شهر عسل» سيمتدُّ طوال فترة الولاية الثَّانية لترامب، إلَّا أنَّ هذا (العسل) تبدَّد سريعًا وشهد تحوُّل الحُب إلى الكُره والتَّفاهم إلى تكسير العظام، بعد أن انهارتْ علنًا، وتحوَّلتْ إلى صراع بَيْنَ (ترامب وماسك)، ويمثِّل صدامًا بَيْنَ رمزَيْنِ لأميركا الجديدة، ترامب يُمثِّل فيه الغضب الشَّعبي المحافِظ بشعبويَّته وسُلطويَّته غير المحدودة في قرارات مفاجئة، وماسك الَّذي يُمثِّل المال، الذَّكاء والسُّلطة التقنيَّة، إنَّه صراع في حلبة مصارعة بَيْنَ خصمَيْنِ يعرفان قوَّة بعضهما جيِّدًا، وأيضًا أماكن ضعفهما، ويتمثل لبُّ الصِّراع على هُوِيَّة أميركا ومن يملك مفاتيحها في القرن الـ(21)، بعد أن وصلَ تهديد أيلون ماسك إلى السَّعي لعزلِ ترامب وإنشاء حزب ثالث ينافس الجمهوري والديمقراطي في قوَّته وشَعبيَّته. جاءتْ أبرز خطوات الانهيار في العلاقة بَيْنَ الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب، وما يُوصَف بمستشاره البارز في البيت الأبيض أيلون ماسك حين قدَّم ماسك استقالته في نهاية الشَّهر الماضي وغادر منصبه كمدير لإدارة «كفاءة الحكومة»(DOGE) في البيت الأبيض بعدما حقَّق توجُّهات تخفيض الميزانيَّة الَّتي وعدَ بها، وانتقاده مشروع ترامب «One Big Beautiful Bill» في أوائل يونيو، فوصف ماسك المشروع الجديد للطراز الضريبي ومخصَّصات الإنفاق بأنَّه «مفخرة بشعة» تسبّب في تضخم العجز، مؤكدًا أنَّ ذلك سيضر بما فيه مصلحة وراحة الماليَّة العامَّة، مع اتِّهام ترامب بالتَّورُّط بـ»ملفات إبستين» الَّذي اتَّهم بإدارة شبكة كبيرة للاتجار الجنسي بالقاصرات، ولم يترددْ ماسك في اتِّهام ترامب ضمنيًّا بظهوره في سجلَّات متعلِّقة بجيفري إبستين، قَبل أن يحذفَ التَّغريدة لاحقًا، فيما ردَّ ترامب بغضب، متهمًا ماسك بـ»فقدان السَّيطرة» والتَّعبير عن سُلوك «مجنون»، وهدَّد بقطع أو مراجعة العقود الَّتي منحتْ لشركات ماسك، مشيرًا إلى «عواقب جديَّة» في حال دعم ماسك للديموقراطيِّين، واشتدَّتِ الأزمة واتَّسع رقعها ممَّا أدَّى لتصاعد الصِّدام داخل البيت الأبيض بعد أن نشرتْ تقارير عن مشادَّات بالأيدي مع مسؤول الخزانة واتِّهامات عدَّة أظهرتْ أنَّ العلاقة وصلتْ إلى مستوى غير قابل للعودة. السيناريوهات المتوقَّعة للمرحلة القادمة بداية يُعدُّ ترامب لمراجعة أو سحبِ العقود الحكوميَّة الممنوحة لشركات ماسك ممَّا زاد من حدَّة التوتُّر بَيْنَهما، رغم ظهور مؤشِّرات تدلُّ على احتمال التَّهدئة بَيْنَهما بعد مشاركة ماسك لمنشور ترامب حَوْلَ أحداث لوس أنجلوس، وهو ما فتَح بابًا لسيناريو «تهدئة جزئيَّة»، في نفس الوقت عَبَّرَ والد ماسك، إرول بأنَّ ما يحدُث سحابة صيف، واصفًا التوتُّر بَيْنَ الصَّديقَيْنِ السَّابقَيْنِ بـ»إرهاق نفسي» متوقعًا أن تَعودَ المياه إلى مجاريها بَيْنَهما.. إنَّ التَّشابه كبير بَيْنَ رجلَي الأعمال الرَّئيس والمستشار وما يجمعهما من مصالح وأسرار داخل الغرف المغلقة يحتِّم عَلَيْهما تجاوز الخلافات الَّتي أدَّت إلى نهاية «شهر العسل» ورُبَّما يتمُّ تجاوز الخلاف الَّذي نشأ بشأن مشروع الإنفاق الضريبي، واتِّهام ترامب بملفات مثيرة للجدل، والَّذي ردَّ بتهديدات اقتصاديَّة، ورغم أنَّ الشجار تخطَّى الإعلام وأصبح وجوديًّا داخل الإدارة الأميركيَّة. إلَّا أنَّه ـ وكما يقولون ـ فإنَّ (المصالح) ستمهِّد الطُّرق للتَّصالح، وغلقِ باب الخلافات الَّتي سيتضرر مِنْها الطَّرفان كثيرًا، وقد يكُونُ ترامب الأكثر حرصًا على إنهاء الخلافات بعد أن اشتدَّتِ النِّيران من حَوْله وآخرها نيران لوس أنجلوس الَّتي لم تتوقفْ حتَّى كِتابة هذه السُّطور.
جودة مرسي
من أسرة تحرير «الوطن»