السبت 14 يونيو 2025 م - 18 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

مؤتمر المحيطات .. التأهيل والمتناقضات

مؤتمر المحيطات .. التأهيل والمتناقضات
الأربعاء - 11 يونيو 2025 05:31 م

عادل سعد

10

•هل يُمكِن أن يتأهلَ مؤتمر الأُمم المُتَّحدة للمحيطات لِكَيْ يتحولَ إلى منصَّة بخدمة الموقف الدّولي المشترك على طريق تعويض الانتهاكات الخطيرة الَّتي تعرضتْ لها هذه المساحات المائيَّة الشَّاسعة؟ •لا غبار على آليَّات الإعداد للمؤتمر قَبل انطلاقه في التَّاسع من الشَّهر الجاري بمدينة نيس الفرنسيَّة. •هناك حشد كبير من الوفود السِّياسيَّة المشاركة، وحشد أكبر من الخبراء يحملون وعودًا بالصيانة والحماية والتَّجديد وفْقَ محرِّكات نداء المصير المشترك للبَشَريَّة الَّذي صدر عن المنظَّمة الدّوليَّة عام 1987 إضافةً إلى الأهداف السَّبعة عشر الَّتي أطلقتها عام 2015 مع حراك عالَمي لمواجهة قائمة طويلة من الشَّكاوى الموثَّقة عن أضرار بليغة تفاقمت من عدَّة عُقود زمنيَّة نتيجة العسكرة والملوِّثات والصَّيد الجائر والمنافسة الاقتصاديَّة المُتوحِّشة، بل وحتَّى الفضلات المتعمدة، الأمْر الَّذي أدَّى إلى انخفاض واضح في معدَّلات (الاقتصاد الأزرق)، (التَّسمية نسبةً لزرقة المياه). •لقَدْ سبَق أن كتبتُ عن الاقتصاد الأزرق ضِمن صفحة (آراء)، من هذه الجريدة الغرَّاء (الوطن)، العدد الصَّادر في الـ(١٦) من أكتوبر ٢٠٢٤ استئناسًا مسبقًا بالنُّسخة الخامسة من ملتقى الدُّقم الَّذي اِنعقد في العشرين من أكتوبر في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، وتناول ركائز استراتيجيَّة الاستثمار في الاقتصاد الأزرق وفرص الاستثمار الأزرق بقِطاعات الأمن الغذائي واللوجستي والسِّياحي والطَّاقة المُتجدِّدة، وتصفُّح التقنيَّات والتَّجارب العالَميَّة المعزِّزة للاستثمار في الاقتصاد الأزرق. •لقَدْ قلتُ حينها: إنَّ (هُنَاك عوَزًا عربيًّا معرفيًّا استثماريًّا إزاء المناطق البحريَّة، وإذا كان قد قِيل إنَّ الوطن العربي مُحاصَر بتفاقُم الزَّحف الصَّحراوي فإنَّ فرصتَه التَّنمويَّة لا تكمُن في إيقاف هذا الزَّحف فقط، وإنَّما أيضًا بمراجعة النَّظرة الاقتصاديَّة القوميَّة بما يضْمَن فرصَ استثمار البحار والمحيطات). وأضفتُ (إنَّ من نِعَم الدوَل العربيَّة جغرافيًّا امتلاكُها أحزمةَ بحارٍ ومحيطاتٍ دافئة؛ أي مناطق مضمونة الاستثمار التَّنموي، ولكن ما زالَ الهامشُ الاقتصادي العربي العامُّ إزاء هذه المناطق الحيويَّة عِندَ حدود التَّجريب المنفرد في أغْلَبِه، وإلَّا أين هي محرِّكات العمل العربي المشترك بشأن ذلك...؟ وماذا فعلتْ جامعةُ الدوَل العربيَّة من أجْلِ تكوين منظومة تقَصٍّ وبحْثٍ في هذا الشَّأن؟ وما الدِّراسات التَّطبيقيَّة الجادَّة الَّتي تأخذ ذلك بنظَرِ المُعاينة؟). •وأضفتُ: (عربيًّا نحنُ نُعاني من فقرٍ معرفي صارخٍ في هذا الشَّأن، وإذا كانتْ كُلُّ أبواب التَّنمية المستدامة مطروقةً، تبقَى التَّنمية باستثمارِ مناطقِ البحارِ والمحيطاتِ على رأس الأولويَّات التَّنمويَّة الَّتي تستحقُّ المُذاكرة القوميَّة، ضِمْنَ حيِّز المياه الإقليميَّة، أو في إطار مساهماتٍ في المناطق المائيَّة الدّوليَّة، وعِندَها فحسب يكُونُ العرب قد سجَّلوا دَوْرًا لَهُم في تنمية إيجابيَّة تستحقُّ الانتباه). وبالعودة إلى سؤالنا أعلاه عن فرصة تأهيل مؤتمر مدينة نيس فإنَّ الأمْر يقتضي التوقُّف عِندَ أهدافه، إذ أراها تَقُوم على منهجَيْنِ متناقضَيْنِ في الصُّورة الواقعيَّة، المزيد من الاستثمار لموجودات الأحياء البحريَّة لسدِّ نقص الاستدامة مقابل حفاظ دقيق يلتزم تعويض ما يتمُّ استنزافه من موارد المحيطات وفْقَ معادلة تنأى عن الإفلاس البيولوجي. •إنَّ النيَّات الاقتصاديَّة الطيِّبة في الوضع الدّولي الحالي لا تصنع اتِّجاهات عمل مُثمِر مهما كانتْ درجة طيبتها لاعتبارات تتعلق بحسابات الكلفة وضغوط النُّفوذ وصراع الإرادات. وفي السِّياق لا يُمكِن للمناشدات والتَّعهُّدات أن توفِّرَ غطاءً لمعادلة الاستهلاك والتَّعويض ما لم ترتبطْ بأجهزة رصد وتقصٍّ تتولَّى الفحص الدَّوْري واستحضار أخلاقيَّات تصون اعتبارات الشَّراكة في أدقِّ صُوَرها بعيدًا عن نزعات الاستحواذ الاحتكاري. •إنَّ لدَى الأُمم المُتَّحدة ملفَّات عديدة تتعلق بالاستثمار البحري، لكنَّ المُشْكلة في إيجاد معادلات مُنصِفة للتَّعاون الدّولي. ومن هنا فرصة مؤتمر المحيطات ستكُونُ معلَّقة إذا لم تتضمنْ وقفًا فوريًّا لحروبِ الاستنزاف البحري المنفلت.

عادل سعد

كاتب عراقي

[email protected]