الخميس 05 يونيو 2025 م - 9 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

فن الدبلوماسية .. العلاقات العامة هو القلب النابض

فن الدبلوماسية .. العلاقات العامة هو القلب النابض
الثلاثاء - 03 يونيو 2025 06:05 م

د. سعدون بن حسين الحمداني

50

غالبيَّة النَّاس والمواطنين البسطاء يعرفون ويتوقعون بأنَّ الإتيكيت هو طريقة أكلِ الطَّعام (الطَّعام بالسكِّين والملعقة والشَّوكة)، بَيْنَما مفهوم وتعريف الإتيكيت بأنَّه الذَّوق العالي والرَّفيع والسُّلوك المُهذَّب والمُؤدَّب للشَّخص أمام الجميع مهما كان المنصب أو الوظيفة. يُعَدُّ موظفو العلاقات العامَّة هم القلب النَّابض للدَّائرة والجهة الَّتي يُمثِّلونها، وأيُّ خلَلٍ في التَّنفيذ يُعَدُّ من الكوارث في مفاهيم البروتوكول والإتيكيت؛ لذلك من الصَّعب تصحيح ما يجري في جميع تنفيذ مهام مفردات إدارة الفعاليَّات أو استقبال كبار الشَّخصيَّات والوفود أو نظام الأسبقيَّة أو توجيه الدَّعوات أو في حضور وإعداد مراسم توقيع الاتفاقيَّات أو حضور المؤتمرات الدّوليَّة الخارجيَّة والدَّاخليَّة وغيرها من الأنشطة الرَّسميَّة. تتفاخر المدارس والجامعات البريطانيَّة على مختلف مُسمَّياتها وخصوصًا الدبلوماسيَّة مِنْه بأنَّ دائرة وموظفي العلاقات العامَّة هم أكثر أهميَّة من المسؤول الأعلى؛ لكونهم هم القلب النَّابض والعَيْن الثَّاقبة في تحديد الأهداف الاستراتيجيَّة، وتنفيذ الواجبات والمهام الموكلة لهم بكُلِّ دقَّة من خلال معرفة تفاصيل كُلِّ محاور مفاهيم البروتوكول والإتيكيت الحكومي. إنَّ اختيار موظفي العلاقات العامَّة يستند إلى عدَّة مبادئ، مِنْها اشتراكه بعدَّة حلقات وتدريبات في معاهد ومدارس متخصِّصة بهذا المجال، بالإضافة إلى شهادة التَّخصُّص، العمر المهني، الخبرة الكافية في السِّيرة الذَّاتيَّة، ذات كاريزما عالية من ناحية فنِّ التَّعامل مع الآخرين، وإدارة الحديث وفنِّ المجاملة، مهارة المطاولة والصَّبر مع فريق العمل، نموذجيَّة ومثاليَّة فريق العمل.. بل إنَّ بعض المدارس الدبلوماسيَّة أدخلتْ بعض السِّمات، ومِنْها (الطُّول، الوزن، الحالة الصحيَّة، الحالة الاجتماعيَّة) بعيدًا عن العلاقات الشَّخصيَّة والاجتماعيَّة والقبيلة وغيرها من سلبيَّات التَّملُّق والنِّفاق الإداري. يفتقر كثير من الوحدات الحكوميَّة والقِطاع الخاصِّ إلى دائرة تخصُّصيَّة في العلاقات العامَّة، أو بالأحرى دائرة مركونة ومُهمَّشة وليس لدَيْها أيُّ صلاحيَّات أو خبرة مهنيَّة لقيادة الدفَّة بكُلِّ حِرفيَّة وحنكة إيجابيَّة، وهذه المسؤوليَّة ترجع إلى رئيس الجهة الحكوميَّة أو الشَّركة الَّذين لم يزجُّوا موظفي العلاقات العامَّة بحلقات ودَوْرات تُصقِل مواهبهم لغرضِ تنمية مهاراتهم في هذه الدَّائرة المُهمَّة، ولذلك لا تقع المسؤوليَّة على الموظفين، وإنَّما على هرم الجهة المسؤولة. من أهمِّ مهام وواجبات العلاقات العامَّة هي: بناء استراتيجيَّة لبناء علاقات مُتعدِّدة المجالات ذات مردود إيجابي بَيْنَ مختلف الأطراف تتمثل في الرَّبط بَيْنَ القائد أو الشَّخص المسؤول ومحيطه الخارجي، سواء على المستوى المحلِّي أو الإقليمي أو العالَمي، تتلخَّص في التَّرويج بأبهى صورة عن الأهداف الموجودة ضِمن جعبة المدير المسؤول كما تفعل الإعلانات التجاريَّة في التَّرويج عن أهدافه كسياحة لبلده أو جلب استثمارات وغيرها، الاعتماد على فنون وعلوم التَّواصُل الحديثة المرتبطة بتحليل توَجُّهات الإدارة والمصالح المتبادلة وتقديم الاستشارات التَّنظيميَّة، استقبال الوفود بجميع درجاتهم حيثُ تقسَّم دائرة العلاقات العامَّة الدَّاخليَّة إلى (لَجْنة استقبال الوفود، حجوزات تذاكر السَّفر، حجوزات الفنادق والطَّعام، مرافقي الوفد والجولات الحُرَّة، قاعات الاجتماعات والمؤتمرات، مراسم توقيع الاتفاقيَّات، لَجْنة الجوازات والحقائب، لَجْنة المقابلات الصحفيَّة والإعلام، لَجْنة النقليَّات) كُلُّ أفراد وموظفي هذه اللِّجان يَجِبُ أن يكُونُوا على درجة عالية من الحِرفيَّة والخبرة العالية لاستقبال الضُّيوف، الإشراف على المؤتمرات والأنشطة والفعاليَّات الرَّسميَّة داخل البلد وخارجه، الاهتمام بمعرفة خطط وأهداف الجهة العامل فيها. ومن أهمِّ سِمات وكاريزما موظفي العلاقات العامَّة هي: التَّسلُّح بأحدَث مفاهيم البروتوكول والإتيكيت في إعداد وتنظيم الفعاليَّات الرَّسميَّة كافَّة، المعرفة الكاملة بنظام الأسبقيَّة لاستقبال وحضور كبار الشَّخصيَّات والوفود، لُغة الجسد وحُسن الهندام والمظهر الخارجي، الموهبة المميّزة في الاتِّصال والتَّواصُل الاجتماعي، المعرفة الكاملة بوسائل التكنولوجيا وكيفيَّة استخدامها، القدرة الكبيرة على التَّعامل مع المواقف المُحرجة واستخدام الخطط البديلة، اللُّغات الأجنبيَّة والاطِّلاع على الثَّقافات المختلفة، مهارات التَّخطيط والإدارة والقيادة، مهارة التَّعامل مع وسائل الإعلام واللِّقاءات الصحفيَّة، إدارة الوقت. العلاقات العامَّة هي من أهمِّ المجالات الوظيفيَّة الَّتي تكُونُ مرآة وانعكاسًا لجهود جميع العاملين بهذا القِطاع، فهي المُمثِّل الرَّئيس للشَّركة أو أي قِطاع عمل؛ فمن خلالها يصل الهدف أو الخدمة إلى الجمهور والنَّاس، كما تهدف بشكلٍ أساس للوصول إلى أكبر عددٍ من النَّاس وبكافَّة الطُّرق التَّقليديَّة والحديثة. ونظرًا لأهميَّة هذا المجال واهتمام أشْهَر الشَّركات والدوَل به والمنافسة على تقديم أفضل الطُّرق التكنولوجيَّة، أصبحتْ هناك دَوْرات تدريبيَّة كثيرة جدًّا ومكثَّفة في العلاقات العامَّة كَيْ تصلَ إلى قمَّة هرم التَّميُّز والانفراديَّة بالنَّجاح والتَّفوُّق والكفاءة. في الختام، تُعَدُّ إدارة العلاقات العامَّة من أهمِّ مجالات فنِّ الدبلوماسيَّة، والدبلوماسي والموظف النَّاجح على مختلف درجاته، هو مَن يتميَّز بعلاقات وثيقة وطيبة مع مختلف رجالات المُجتمع في ساحة عمله وليس التَّقوقع في مكتبه.

د. سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت