لا يوازي إصرار «إسرائيل» على آليَّتها المشتركة مع الولايات المُتَّحدة لتوزيع المساعدات في غزَّة إلَّا ما يصاحب هذه الآليَّة من فشلٍ ظاهر يتستَّر وراءه جرائم يرتكبها الاحتلال بحقِّ المَدَنيِّين الجوعى حتَّى باتتِ الأعداد اليوميَّة للضَّحايا من المَدَنيِّين عِندَ نقاط توزيع المساعدات موازيةً للعددِ اليومي الَّذي يتساقط جرَّاء العدوان المتواصل على القِطاع. وكانتْ آخر هذه الجرائم «الإسرائيليَّة» استشهاد نَحْوِ (30) شخصًا وإصابة (150) على الأقلِّ بنيران الاحتلال، وذلك خلال توجُّههم لاستلام المساعدات في مواصي رفح. وسبَق سقوط هؤلاء الضَّحايا انفجار كبير وقَعَ قرب مركز لتوزيع المساعدات بمحيط محور «نتساريم» وسط قِطاع غزَّة يوم الأربعاء، علاوةً على إطلاق عناصر من جيش الاحتلال النَّار على عددٍ من سكَّان غزَّة، خلال عودتهم من محور نتساريم بعد تلقِّي المساعدات. وحتَّى ما يصاحب توزيع المساعدات من تدافُع جرَّاء الحشود الفلسطينيَّة فهو شيء مرجعه حالة التَّجويع الَّتي نشَرَها الاحتلال بالقِطاع، فضلًا عن تباعد نقاط التَّوزيع ووضعها في مناطق بِعَيْنِها بهدف وحيد وهو تفريغ شمال القِطاع من سكَّانه والدَّفع بهم إلى حيِّز ضيِّق في الجنوب في مُخطَّط لتنفيذِ جريمة التَّهجير القسري الَّتي باتتْ معروفة ويتمُّ ممارستها على الأرض بشكلٍ يومي. ولا شكَّ أنَّ أيضًا أنَّ هذا المُخطَّط والعشوائيَّة المتعمَّدة في عمليَّة المساعدات يتوازى مع تلويح «إسرائيل» للإمعان في العدوان بدعوى زيادة الضَّغط العسكري على حركة حماس، خصوصًا بعد ردِّ الأخيرة على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تضمَّن المطالبة بضمان تدفُّق المساعدات في القِطاع، وهو مطلب إذا كانتْ «إسرائيل» لا تريد تنفيذه لحماس، فبالإمكان الموافقة على الخطَّة الَّتي صاغَتْها مصر وباركَتْها الدوَل العربيَّة دُونَ الإصرار المُريب على الآليَّة «الإسرائيليَّة». وما يدلِّل على ذلك أيضًا إعلان «إسرائيل» أنَّ التَّصعيد العسكري الَّذي تنوي القيام به سيكُونُ بشكلٍ خاصٍّ شمال قِطاع، حيثُ إنَّ الإعلان عن هذا التَّصعيد تزامَنَ أيضًا مع الحديث عن المساعدات لِيكُونَ المُخطَّط منحصرًا في عصا العدوان وجزرة المساعدات للدَّفع بالفلسطينيِّين من شمال القِطاع إلى جنوبه.
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري