بالفعل تسونامي يضرب «إسرائيل» من الجهات المختلفة، وداخلها وبعلاقاتها الدوليَّة. وصار التخبُّط مثار الوضع القائم في ظلِّ ألاعيب ومناورات نتنياهو الَّتي لا تتوقف. وقد بدتْ وقائع التسونامي من الوقائع الآتية : أوَّلًا: من خلال تواتر الموقف الدّولي وارتفاع منسوبه المُندِّد بحرب العدوان ضدَّ القِطاع وعموم الأرض والشَّعب الفلسطيني، وهو المسانِد لكفاح الفلسطينيِّين والمنادي بالضَّغط من أجْلِ وقف العدوان على القِطاع ورفع الحصار الظَّالم. ثانيًا: من خلال التَّحوُّلات الجارية على المستويات الرَّسميَّة، فضلًا عن الشَّعبيَّة في العالَم بما في ذلك مواقف العديد من دوَل الاتِّحاد الأوروبي ذات الوزن والتَّأثير إلى جانب الفلسطينيِّين مثل إسبانيا والنرويج وفرنسا وحتَّى بريطانيا مؤخرًا، ومن كان يتوقَّع إلى وقتٍ قريبٍ أن تفرضَ بريطانيا عقوباتٍ على «إسرائيل»؟! هذا ما حصلَ مؤخرًا حين أعلن وزير الخارجيَّة البريطاني، ديفيد لامي، تعليق مفاوضات اتفاقيَّة تجاريَّة مع («إسرائيل»؛ بسبب توسيع عمليَّاتها العسكريَّة على قِطاع غزَّة واستمرار الحصار والتَّجويع). ثالثًا: صرخات العالَم بما في ذلك ما يجري في قِطاع غزَّة لوقفِ حرب الإبادة الموصوفة. وتصدُّر الأمين العامِّ للموقف الأُممي العادل والنَّزيه. وفي بروكسل، شَرَعَ منذُ أُسبوعيْنِ الاتِّحاد الأوروبي في إعادة النَّظر في اتِّفاق الشَّراكة مع «إسرائيل»، بعدما أيَّدتْ أغلبيَّة الدوَل الـ(27) الأعضاء ذلك، في اجتماع على مستوى وزراء الخارجيَّة. رابعًا: الإجماع الدّولي مُنقطع النَّظير على ضرورة قيام دَولة فلسطينيَّة فوق كامل الأرض المُحتلَّة عام ١٩٦٧. دَولة لكُلِّ الفلسطينيِّين في فلسطين والشَّتات. خامسًا: إنَّ (التسونامي) إيَّاه يُعَبِّر عن نَفْسه أيضًا بالتَّباينات الَّتي تَضرِب وتهزُّ الخريطة السِّياسيَّة «الإسرائيليَّة» حتَّى داخل حزب الليكود وهو حزب نتنياهو. فحزب «الليكود» قرَّر إقالة (عاميت هاليفي) من لَجْنة الخارجيَّة والأمن في «الكنيست» بعد أن انضمَّ لنوَّاب المعارضة في التَّصويت ضدَّ تمديد أوامر استدعاء قوَّات الاحتياط. هاليفي الَّذي هاجم وزير الحرب المتطرِّف الأعمى (يهودا كاتس) وقال: «لا خطَّة عمليَّاتيَّة لحسمِ المعركة ضدَّ حماس والفصائل الفلسطينيَّة». مضيفًا أنَّ ما يَدُور «ليس سوى شكل من أشكال العبث، مع تزايد قتلى الجيش «الإسرائيلي»». سادسًا: وعلى ضوء ما يجري في التسونامي الدَّاخلي في دَولة الكيان. قرَّر وزير الحرب يهودا كاتس تصفية الحساب مع هاليفي بإجراءات معيَّنة تعمل على محاربته داخل حزب الليكود الَّذي يجمعهما معًا بالأساس ويُشكِّل العمود الأساس للائتلاف الحكومي إلى جانب أحزاب الصهيونيَّة الدِّينيَّة، والأحزاب الحريديَّة (شاس+يهوديت هتوراه). سابعًا: وليس أخيرًا على كُلِّ حال. فالمحلِّل العسكري «الإسرائيلي» آفي يسخروف يقول: «الحرب على قِطاع غزَّة لن تؤديَ الأمور إلى نتائج جديدة»، فنحن نخوض «حربًا عبثيَّة» تُكرر ذات المسارات الَّتي اتَّبعتها «إسرائيل» منذُ اندلاع الحرب. مضيفًا أنَّ «حركة حماس وكتائب القسَّام وحركة الجهاد وسراياها لا تزال واقفة على قَدَمَيْها، ولا تظهر أيَّ استعداد للاستسلام، وكُلُّ مَن يتوقع نتيجة مختلفة للفعل ذاته، تنتظره خيبة أمل». وخلص للقول بأنَّ» الحرب تُدار حاليًّا لأسباب سياسيَّة تخدم بقاء حكومة نتنياهو».
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب دمشق ـ اليرموك