الاتفاقية التي وقعتها الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة مع شركة محضة للتطوير ـ وهي شراكة عُمانية إماراتية ـ تمثل نقطة تحول استراتيجية في مسار العلاقات الاقتصادية المتنامية بين سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. الاتفاقية التي تهدف إلى تطوير وتشغيل المرحلة الأولى من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة بولاية محضة بمحافظة البريمي، تأتي في سياق توجه واضح لتعظيم الاستفادة من الميزات التنافسية للبلدين في قطاع المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والموانئ والمطارات وقطاع النقل، وهي واحدة من الجوانب المهمة التي تمتلك فيها الدولتين ممكنات وأدوات فاعله لتفعيل مسارات الشراكة والتعاون لمستويات اكثر حضورا وانسجاما. هذا المشروع النوعي لا يعزز فقط من مكانة منطقة الروضة باعتبارها حلقة وصل جغرافية وتجارية بين البلدين، بل يفتح آفاقا واعدة للتكامل اللوجستي، خصوصا مع التسارع الحاصل في مشروع ربط شبكات النقل بين عمان والإمارات. ومن المتوقع أن تتحول المنطقة إلى منصة إنزال وتصدير للبضائع القادمة من وإلى ميناء صحار، بما في ذلك البضائع العابرة من الموانئ والمناطق الحرة الأخرى، مما يعزز الحراك التجاري بين الطرفين. حجم المبادلات التجارية بين سلطنة عمان ودولة الإمارات بلغ أكثر من ( ١٥ مليار دولار أميركي) خلال عام ٢٠٢٤، ما يجعل الإمارات في طليعة الشركاء التجاريين للسلطنة. ويتوقع أن تسهم هذه المنطقة الجديدة مع مشروع القطار والمشاريع الأخرى القادمة في رفع هذا الرقم بشكل ملحوظ، خصوصًا في ظل ما سيوفره المشروع من بنية تحتية متطورة وفرص استثمارية متعددة. ومن الجوانب اللافتة في هذا المشروع، شموليته القطاعية؛ إذ يشمل مجالات حيوية مثل الصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والمخازن، والصناعات الدوائية والطبية والبلاستيكية والتعدينية والغذائية، وخدمات الأمن والسلامة، إضافة إلى توفير خدمات المحطة الواحدة، مما سيؤسس لبيئة أعمال متكاملة وحديثة. وعلى المستوى المحلي، يمثل المشروع دفعة قوية لاقتصاد محافظة البريمي، إذ ينتظر أن يسهم في ايجاد فرص عمل لأبناء الولاية، ويدعم عجلة التنمية الاجتماعية والعمرانية فيها، لا سيما مع ما سيتبع المشروع من تطوير للبنية التحتية والخدمات العامة. إن العلاقات العُمانية الإماراتية، بما تشهده من تطورات متسارعة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية، تواصل تقديم نماذج رائدة للتعاون الخليجي القائم على الشراكة والتكامل. والمراهنة اليوم كبيرة على هذا المشروع ليكون خطوة أولى نحو مشاريع نوعية أخرى في المستقبل، تجسد التوجهات الاستراتيجية للبلدين وتحقق تطلعات شعبي البلدين ، وتفتح آفاقا أرحب وأوسع من المشاريع النوعية في أبعادها وتوجهاتها.
مصطفى المعمري
كاتب عماني