الخميس 29 مايو 2025 م - 2 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة: زيارة تاريخية فـي وقت حرج

أضواء كاشفة: زيارة تاريخية فـي وقت حرج
الثلاثاء - 27 مايو 2025 06:24 م

ناصر بن سالم اليحمدي

20

زيارة فخامة الرَّئيس الإيراني الدكتور مسعود بزشكيان الكريمة لسلطنة عُمان تعكس الكثير من المضامين وتحمل العديد من المعاني.. فقد تبدو من حيثُ الشكل ـ كما تمَّ الإعلان عَنْها ـ استمرارًا للعلاقات الثنائيَّة القويَّة بَيْنَ البلدَيْنِ، لكنَّها تحمل أكثر بكثير من مجرَّد لقاءات دبلوماسيَّة عاديَّة؛ كون توقيتها لا يُمكِن تجاهله حيثُ جاء في لحظات إقليميَّة بالغة الحساسيَّة وسط مشهد جيوسياسي متغيِّر، وحرب في غزَّة تجاوزتْ كُلَّ الخطوط الحمراء، وصراع إقليمي يتطور بسرعة.. البيانات الرسميَّة تتحدث عن تعزيز التَّعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والأمن.. لكن خلف هذا الإطار الرَّسمي تتصدر ملفات ساخنة أبرزها الملف النووي الإيراني الَّذي تؤدي فيه السلطنة دَوْر الوسيط بَيْنَ طهران وواشنطن وأحرزت فيه تقدُّمًا ملموسًا. إنَّ زيارة الرَّئيس الإيراني جاءتْ في وقت حرج، فإلى جانب الملف النَّووي الخاصِّ ببلاده فإنَّ المنطقة بأسْرها تمرُّ بتطورات وتحدِّيات تتطلب المزيد من تبادل وجهات النَّظر حَوْلَ مختلف القضايا المطروحة على السَّاحتين الإقليميَّة والدوليَّة والَّتي تفرض نَفْسها بقوَّة على كُلِّ دوَل وشعوب المنطقة.. لذا فإنَّه من الأهميَّة بمكان أن تتكاتفَ دوَل المنطقة لدعم مُقوِّمات ومتطلبات الاستقرار والحدِّ من التوتُّر وبما يَعُود على كافَّة شعوبها وعلى العالم من حَوْلِها بالاستقرار والأمن والازدهار، خصوصًا وأنَّ هناك آفاقًا لسياسات جديدة قد تحدث بعض التحوُّلات على السَّاحة الإقليميَّة والدوليَّة، وهو ما يزيد من أهميَّة تبادل وجهات النَّظر بَيْنَ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظَّم والقيادة الإيرانيَّة وبما يعود بالخير على الدَّولتين الجارتيْنِ والمنطقة ككُلٍّ.. هذا إلى جانب أنَّ هذه الزِّيارة ستفتح مجالات أرحبَ للتَّعاون الثنائي بَيْنَ البلدَيْنِ في كافَّة المجالات الَّتي تخدم مصالح الشَّعبيْنِ العُماني والإيراني على حدٍّ سواء وتَعُود عَلَيْهما بالخير. إنَّ العلاقات العُمانيَّة الإيرانيَّة تتَّسم بالاستمراريَّة وبأنَّها وثيقة وقويَّة وتشهد الكثير من التَّفاعل والتَّواصُل ثقافيًّا وحضاريًّا واقتصاديًّا على امتداد حقب التَّاريخ المختلفة حتَّى إنَّها أصبحتْ مثلًا يُحتذى في العلاقات القائمة على التَّعاون المثمر في مختلف المجالات وذلك على الرّغم ممَّا تتعرض له المنطقة من تحدِّيات ويرجع ذلك للسِّياسة الحكيمة الَّتي انتهجتها قيادتنا الحكيمة وهي عدم التدخُّل في الشؤون الداخليَّة للدول المجاورة مع استخدام الشفافيَّة والقدرة على تناول كُلِّ القضايا الَّتي تهمُّ الدَّولتين الصَّديقتين بصراحة ووضوح وهو ما خلق نوعًا من الاحترام المتبادل والثِّقة بَيْنَ البلدَيْنِ.. فساعد تبادل الزِّيارات على مختلف المستويات بَيْنَ الدَّولتين الجارتينِ في الفترات الماضية والحوار البنَّاء الَّذي كان يتمُّ في وقته على تحقيق مناخ جيِّد للعلاقات بَيْنَ الدَّولتين بِغَضِّ النَّظر عمَّا تتعرض له المنطقة من تفاعلات.. فموقف السَّلطنة واضح وهو أنَّ الحوار المثمر البنَّاء هو السبيل الوحيد لإنقاذ العالم من كوارث لا يعلم مداها سوى الله سبحانه وتعالى. إنَّ المصالح العُمانيَّة الإيرانيَّة تتداخل في الكثير من المسارات، إلَّا أنَّ من أهمِّ ما يجمعهما هو اشتراكهما جغرافيًّا في أهمِّ الممرَّات المائيَّة بالعالم الَّذي يُعَدُّ بوَّابة الخليج على العالم الخارجي والَّذي تتدفق مِنْه مصادر الطاقة، لذا فإنَّ الملف الأمني يُعَدُّ من أهمِّ الملفات الَّتي يَجِبُ أن تتوحدَ فيه رؤى قيادتَي البلدَيْنِ. إنَّ السِّياسة العُمانيَّة يثبت التَّاريخ دائمًا صوابها وحكمتها ونجاحها في استشراف المستقبل وتلاقي المصالح.. بفضل النَّظرة بعيدة المدى لجلالته والخاصَّة بفتح آفاقٍ رحبة للتَّعاون مع كُلِّ القوى الإقليميَّة والدوليَّة لتصبَّ في النِّهاية بما يخدم مصالح دول وأبناء المنطقة؛ لأنَّ استقرار المنطقة من استقرار العالم، لذا نتمنى أن يكُونَ هناك تعاون دولي يساند هذه التوجُّهات في إحلال السِّلم والاستقرار في كُلِّ مكان فنحن في زمان أحوج ما نكُونُ فيه للاستماع لصوتِ العقل وتفادي الانفعال والتصلُّب في الرَّأي. مرحبًا بالضَّيف العزيز.. وحفظ الله سُلطاننا المُفدَّى وسدَّد على طريق الخير خطاه وألهَمَه الصَّواب وكتَب له دوام التَّوفيق فيما يخصُّ البلاد والعباد وكلَّل مساعيه الحميدة بالتَّوفيق والنَّجاح لتحقيقِ الخير والرَّخاء والسَّلام والأمن للشَّعب العُماني الوفي والمنطقة والعالم أجمع.. إنَّه نِعم المولى ونِعم المُجيب.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني