الخميس 29 مايو 2025 م - 2 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

فن الدبلوماسية.. سمات وأجندة الدبلوماسية الاقتصادية

فن الدبلوماسية.. سمات وأجندة الدبلوماسية الاقتصادية
الثلاثاء - 27 مايو 2025 06:21 م

د. سعدون بن حسين الحمداني

10

غالبيَّة النَّاس والمواطنين البسطاء يعرفون ويتوقعون بأنَّ الإتيكيت هو طريقة أكل الطَّعام (الطَّعام بالسكِّين والملعقة والشَّوكة)، بَيْنَما مفهوم وتعريف الإتيكيت بأنَّه الذَّوق العالي والرَّفيع والسُّلوك المُهذَّب والمؤدَّب للشَّخص أمام الجميع مهما كان المنصب أو الوظيفة. تُعَدُّ الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة من أهمِّ مفردات سيادة الدَّولة ورفاهيَّة الشَّعب والدَّولة لِمَا لها من أهداف تكتيكيَّة واستراتيجيَّة ضِمن رؤية محدَّدة ومخطَّط لها بكُلِّ إتقان معتمدة بصورة أو أخرى على البعثات الخارجيَّة الَّتي تزوِّد المركز بأهمِّ نقاط القوَّة من ناحية الاقتصاد لساحة عملهم، وبالتَّالي اقتراحاتهم تأتي لتصبَّ بمصلحة البلدَيْنِ. بدأتِ المدارس الإنجليزيَّة تعشق الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة بأهمِّ النَّظريات الأكاديميَّة والعَلميَّة الَّتي ترفد مجالات وفروع وأوجه الحياة اليوميَّة، وعَلَيْه فإنَّ الكفاءة العالية في الصلاحيَّات والمهام والواجبات لفريق العمل النموذجي الَّذي يعمل تحت مظلَّة الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة ضمن إدارة الوقت لأنَّ أيَّ مخطَّط لها بِدُونِ جدولة زمنيَّة ومكانيَّة تُعَدُّ هذه الدبلوماسيَّة عمياء ولا تُحقق أيًّا من الأهداف المرسومة لها، وبالتَّالي فإنَّ البلد الَّذي يعاني من ديون ماليَّة تكسر الظهر وتضخم مالي لا يُمكِن تخفيفه بوقتٍ يكاد يكُونُ طويلًا مع وجود بعض الصَّادرات الَّتي لا تغطِّي إلَّا نسبة معيَّنة من الدخل السِّيادي للدَّولة. أدَّت بعثاتنا الخارجيَّة سواء في (روسيا، هولندا، الهند.. وغيرها من دول مجلس التَّعاون الخليجي الشَّقيقة) دَوْرًا جوهريًّا في تطبيق بعض بنود الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة الَّتي يرفع رايتها بكُلِّ اقتدار والدنا جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّذي يدرس ويخطِّط وينفِّذ بكُلِّ دقَّة وتأنٍّ لكُلِّ زيارة لأيِّ دَولة لغرضِ تحقيق الأهداف المرجوَّة مِنْها لمصلحة البلدَيْنِ. فنُّ الدبلوماسيَّة ومفاهيم الإتيكيت الحكومي يُعَدُّ أحَد أعمدة الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة من حيثُ مهارة التَّخطيط والتَّنفيذ بكُلِّ دقَّة، ناهيك عن أنَّ المدارس المتخصِّصة بالاقتصاد تَعدُّ مهارة المتابعة أهمَّ من خطوات البداية والتَّنفيذ؛ لأنَّ من خلال الجدول الإحصائي الزَّمني ومتابعته بكُلِّ تفاصيله يُعَدُّ أحَد أسباب نجاح الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة، لذلك توكل المُهِمَّة هذه إلى أكفأ الموظفين، سواء من الدبلوماسيِّين بالبعثات أو من الدَّاخل لكِتابة التقارير عن النَّتائج المنجزة أو إذا هناك تلكُّؤ بصورة غير مباشرة في التَّطبيق. تحوَّلتِ التَّوجُّهات المركزيَّة من السِّياسيَّة إلى الهيمنة الاقتصاديَّة والَّتي تفرض نَفْسها بقوَّة على سياسة وتحركات وسِمات الدَّولة. بدأتِ الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة في نهاية القرن الماضي تؤدي دَوْرا جوهريًّا في وضع ورسم هُوِيَّة وقوَّة ورصانة الدَّولة داخل حدودها أو خارجها، وبدأتِ المدارس الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة وبعض الجامعات البريطانيَّة العريقة بتحليل ودراسة نقاط القوَّة والضّعف في مجال الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة الَّتي ترفد ميزانيَّة وخزينة الدَّولة بأعلى مستويات الموارد الاقتصاديَّة وبمختلف تفرعاتها. استوحتِ الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة من نظريَّات العالم الفرنسي مبادئ جوهريَّة للانطلاق إلى عام الواقعيَّة والعمل على الأرض مستندةً إلى الفروق بَيْنَ مستويات الإدارة الثلاثة بشكلٍ عام وهي: الإدارة العُليا تضع الأهداف والاستراتيجيَّات قصيرة وبعيدة المدى، الإدارة الوسطى تَقُومُ بتحويل هذه الأهداف إلى خطط قابلة للتَّنفيذ، الإدارة الدُّنيا تَقُومُ بتحويل هذه الخطط إلى مهام يتمُّ تنفيذها في مسار العمل اليومي. لذلك تأتي الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة والَّتي تهدف إلى تعزيز نمو اقتصاد الدَّولة ورفاهيَّة المواطن؛ وذلك بتطبيق العديد من الخطط غير الكلاسيكيَّة والروتينيَّة من تطبيق أدوات التَّخطيط المركزي، سواء للاستفادة من نسبة النَّاتج المحلِّي لغرضِ تحقيق فوائض ماليَّة في موازنة العامَّة للدَّولة، ولذلك من خلال جلب الاستثمارات الخارجيَّة وتحديدًا في المناطق الَّتي تعاني غيابَ التنوُّع الاقتصادي المؤثِّر سلبًا على البيئة المحليَّة. إنَّ الأدوات الجوهريَّة للدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة تحتوي على معلومات أكاديميَّة علميَّة بالأرقام تعتمد على الموارد بكُلِّ تفرُّعاتها مستندة إلى الجيوسياسي أو الجيوبوليتيك والَّتي تركز على العلاقات بَيْنَ الإنسان والبيئة، وكذلك العلاقة بَيْنَ عدد السكَّان وندرة الموارد والموقع الجغرافي للمكان والمخاطر الَّتي قد تواجه قاطنو هذه المنطقة، وارتباطها بالصراعات والعنف من أجْلِ الموارد الموجودة في هذه المنطقة، وآثار التَّدهوُر البيئي والظُّروف المناخيَّة الَّتي تواجه المنطقة وساكنيها ومعدَّل الدَّخل القومي ومستوى الصادرات والواردات المحليَّة وسعر الصرف بالأسواق الدّوليَّة بالنسبة سعر النِّفط والاحتياطي السِّيادي الموجود.. وغيرها. تقسَّم عناصر الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة إلى (خارجيَّة وداخليَّة) أو بالأحرى دوليَّة ومحليَّة والاثنان يستندان إلى مُقوِّمات البلد وطبيعة توجُّهاته ومركزيَّة القرار الهرمي، بالإضافة إلى حِرَفيَّة الموارد البشريَّة والعقليَّة العصريَّة والصلاحيَّات الممنوحة لهم والحوافز الَّتي تنافس السَّاحة الإقليميَّة، كذلك الانفتاح على وسائل التَّواصُل الاجتماعي محليًّا وخارجيًّا والتَّعامل بكُلِّ جديَّة ومصداقيَّة، وهنا تؤدي عدَّة عناصر بالدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة ومِنْها البعثات الخارجيَّة الدَّوْر الجوهري بجلب الاستثمارات بمختلف أنواعها ضِمن حِزم وتبادل المصالح لتحقيق أهداف اقتصاديَّة مخطَّط لها بالأرقام للطرفين.

د. سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت