الجمعة 30 مايو 2025 م - 3 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

القصة القصيرة..وسيلة تربوية وثقافية تعزز القيم لدى الأطفال والناشئة

القصة القصيرة..وسيلة تربوية وثقافية تعزز القيم لدى الأطفال والناشئة
الاثنين - 26 مايو 2025 07:11 م
10

 مسقط ـ العُمانية: تشكّل القصص القصيرة التي تنسج أحداثها بطرق مدروسة مرتكزًا مهمًّا للطفل والناشئة في غرس جملة من القيم الإنسانية والأخلاقية في داخله، عبر عرضها بصورة ماتعة، من خلال استخدام بعض الصور التوضيحية، والتركيز على شخصية البطل لجذب الطفل. ويمكن أن تقوم القصة القصيرة بدورها التربوي والثقافي إذا التزمت بمجموعة من الأسس والمرتكزات عند مراعاة الكاتب في قصصه السرد المنطقي للأحداث، عبر تسيير الأحداث بطريقة متسلسلة تجذب القارئ، ليكتسب مجموعة من القيم منها: الرحمة والعطف والاحترام والعدل والصدق.

وتقول الدكتورة أمل بنت سالم المغيزوية أخصائية أنظمة مدرسية بوزارة التربية والتعليم إنّ القصة الصغيرة أسهمت بدور كبير في تعزيز الكثير من القيم الإنسانية المتباينة عبر العصور وتتابع الأجيال وتقوية وترسيخ مجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية التي تدفع الطفل لاكتشاف مفهوم القيمة والبحث عن دورها في الحياة والتركيز على أهميتها في حياته. وأضافت أنّ القصة الصغيرة التي تكتب بطريقة إبداعية وبشكل إيجابي يمكن أن تؤثر في الأطفال والناشئة، حيث يجد فيها القارئ ملاذًا آمنًا داخلها وتعلمه القيم الفاضلة في التعامل وتُعزز قيمتها وأهميتها داخل الإنسان، فيتقمص تلقائيًّا تلك الخصال في تعامله مع الجميع. وفي السياق ذاته قالت الدكتورة وفاء بنت سالم الشامسية أكاديمية متخصّصة في ثقافة الطفل إنّ القصة القصيرة يمكن أن تقوم بدور محوري في تعزيز القيم الإنسانية لدى الأطفال والناشئة، كونها أداة سردية قادرة على تجاوز الحواجز الزمنية والثقافية واللغوية، والوصول إلى الطفل في لحظاته الخاصة من التأمل والتلقّي. ففي عمر الطفولة، تكون القيم في طور التشكّل، والخيال يعمل مثل نافذة لتفسير العالم وهنا تأتي القصة القصيرة لتكون (الوسيط الحي) بين الفكرة المجردة والتجربة المعيشة. وأضافت أنّ القصة القصيرة لا تقدم القيم باعتبارها خطابًا، بل تعيشها وتُمسرحها داخل النص، فالطفل لا يسمع عن (العدالة) بوصفها قيمة، بل يراها تتحقّق من خلال بطلٍ يتعرّض للظلم ثم يستعيد حقه، أو يرى أثر التعاطف حينما يعتني أحدهم بصديقٍ ضعيف. وبهذه الطريقة، تصبح القيم كائنات حيّة يتفاعل معها الطفل لا شعارات تُلقن له. وبينت أنّ القصة يمكن أن تصبح وسيلة تربوية ثقافية قادرة على نقل القيم من جيل إلى جيل في سياق طبيعي غير قسري، عبر سردية واحدة تحمل القيم الجوهرية للإنسانية: الرحمة، والصدق، والإيثار، والشجاعة، والتسامح، وأنّ الوعي القيمي لا يتكوّن فقط بالمعرفة، بل بالتجربة، والتقمّص، والربط الشعوري. وذكرت أنّ القصة القصيرة تقدم للطفل مساحةً آمنة ليمارس هذا (التجريب القيمي) في بيئة خيالية. حين يواجه البطل أزمةً أخلاقية، ويتخذ قرارًا فيه تضحية من أجل الآخر، ويتابع الطفل التفاصيل ويعيشها بانفعاله، مما يجعل القيمة ترتبط لديه لا بمفهومها اللفظي، بل بنتائجها الحقيقية مثل العدل يريح القلب، والخيانة تؤلم، والشجاعة تُنقذ، مما يجعل هذه الخبرات المصغّرة التي يعيشها الطفل داخل القصة، تتراكم مع الوقت، وتشكّل ما يمكن أن نسمّيه (الوجدان الأخلاقي)، وهو نمط تلقائي من الاستجابة القيمية للمواقف الواقعية في الحياة، لتُحدث التحوّل من الخارج إلى الداخل، ومن التقليد إلى القناعة، ومن الإملاء إلى الاكتشاف. من جانبها ترى الشاعرة بدرية بنت محمد البدرية أنّ القصة عبارة عن رسالة غير مباشرة يرسلها الكاتب للطفل تضعه أمام تحدٍّ أو مشكلة ثم يجعله يكتشف الحل الذي لا يكون إلا بقيمة إنسانية يحاول الكاتب غرسها في النشء. وأضافت أنّ الإنسان يُقاس عمومًا بحصاد تجربته وما عاشه ونشأ عليه منذ طفولته، مشيرة من خلال تجربتها القصصية الموجهة للطفل إلى أن هذه القصص تعمل على غرس قيم الحب والسلام والوحدة والعلم والمعرفة، من خلال إيصالها بشكل غير مباشر إلى الطفل عبر جوانب القصة الإيجابية والسلبية. وأكّدت على دور الكاتب في إيصال الرسالة والقيمة التي يريد غرسها في الأطفال من خلال قصته، وتحديد أهدافه، وأنه لا حدود للأدوار التي قد يقوم بها الطفل، وقد وُجِدَ للتأقلم مع أي ظرف يوضع فيه، وعلى الكاتب أن يوجّه الأطفال إلى اختيار طريقته وفق مؤهلاته وهواياته.

القصة القصيرة..وسيلة تربوية وثقافية تعزز القيم لدى الأطفال والناشئة
القصة القصيرة..وسيلة تربوية وثقافية تعزز القيم لدى الأطفال والناشئة
القصة القصيرة..وسيلة تربوية وثقافية تعزز القيم لدى الأطفال والناشئة