الخميس 29 مايو 2025 م - 2 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

شراع: أوهام «حل الدولتين»

شراع: أوهام «حل الدولتين»
الأحد - 25 مايو 2025 05:44 م

خميس بن حبيب التوبي

40

في الوقت الَّذي يواصلُ فيه كيان الاحتلال الصُّهيوني محرقته النَّازيَّة في قِطاع غزَّة، وبالتَّوازي في الضفَّة الغربيَّة، لا يزال هناك مَن في السُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة يحلم بما يُسمَّى «حلَّ الدَّولتَيْنِ»، متجاهلًا أنَّ المحرقة النَّازيَّة الصُّهيونيَّة ـ كما حَرقَتْ من قَبل ما سُمِّي يومئذٍ بـ»خطَّة خريطة الطَّريق» ومؤتمرات السَّلام كمؤتمر شرم الشيخ ومؤتمر أنابوليس وإخوانهما ـ قَدْ حَرقَتْ سرديَّة «حلِّ الدَّولتَيْنِ» الَّتي جاءتْ بها الإدارة الأميركيَّة الديمقراطيَّة بقيادة الرَّئيس الأسبق باراك أوباما لتحسينِ الوَجْه القبيح الَّذي ظهرتْ عَلَيْه الولايات المُتَّحدة في فترة الإدارة الجمهوريَّة بقيادة الرَّئيس جورج بوش «الصَّغير»، وكذلك لتخديرِ الشُّعوب العربيَّة والإسلاميَّة بهكذا سرديَّات وتنويمها في العسل؛ استعدادًا لتسونامي الحريق العربي الَّذي سُمِّي زورًا بـ»الربيع العربي». حقيقةً من المُضحكات المُبكيات أنْ يجريَ الحديث عن «مؤتمر حلِّ الدَّولتَيْنِ» المزمع عَقدُه أيَّام الـ(17) والـ(18) والـ(19) من يونيو المقبل في ظلِّ مسلسل التَّصفية الكاملة لفلسطين جغرافيًّا وديمغرافيًّا، حيثُ أصبح قِطاع غزَّة أثرًا بعد عَيْنٍ، والضفَّة الغربيَّة جارٍ التَّدمير الممنهج لها بدءًا من مُخيَّماتها الَّتي تُمثِّل آخر متراس في مواجهة آلةِ النَّازيَّة الصُّهيونيَّة، في حين أنَّ القدس المُحتلَّة والمسجد الأقصى حالهما باتَ في القبضة النَّازيَّة الصُّهيونيَّة الكاملة. وكما هو معروف أنَّ مفهوم الدَّولة لا يَقُومُ إلَّا بالأرض والشَّعب، فأين الأرض الفلسطينيَّة والشَّعب الفلسطيني اليوم في ظلِّ ما يَحدُث من إبادة وتدمير؟ هناك أولويَّات يَجِبُ أنْ تكُونَ حاضرةً؛ لِكَيْ يتمكَّنَ الفلسطينيون من فرضِ إرادتهم وإسماع كلمتهم، أُولاها توحيد الصَّف الفلسطيني، واتِّحاد كلمة الشَّعب الفلسطيني بجميع مُكوِّناته وأطيافه وأعراقه، وفصائله. وثانيتها التَّمسُّك بخيار المقاوَمة الجامعة بَيْنَ المقاوَمة السِّياسيَّة والمُسلَّحة، والتَّاريخ مليء بالشَّواهد على نجاح النِّضال الشَّعبي ضدَّ قوى الاستعمار الَّذي جمع بَيْنَ العمل السِّياسي والعمل المقاوم، في تحقيقه النَّصر المؤزَّر. أمَّا الحديث عن المقاوَمة السِّياسيَّة وإعلان الطَّلاق البائن للعمل المقاوِم، ورفضِ جميع وسائله، فهو انهزام وخنوع، ولِذَويهِ مآرب خاصَّة وشخصيَّة أضحتْ مكشوفةً ومعلومة. السُّؤال الَّذي يطرح ذاتَه: ما الَّذي سيُقدِّمه «مؤتمر حلِّ الدَّولتَيْنِ» للشَّعب الفلسطيني في ظلِّ التَّحالف الاستراتيجي المتين بَيْنَ الولايات المُتَّحدة وكيان الاحتلال الصُّهيوني، وبَيْنَ الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب وحليفه «نتن ياهو» رئيس حكومة الاحتلال الصُّهيوني، وإعلان الحليفَيْنِ عن مشروعات الاستعمار والتَّطهير والتَّفريغ في فلسطين المُحتلَّة، وفي ظلِّ ما يشهده الإقليم من عمليَّات خيانة وعمالة وبيع ذِمم وتواطؤ؟ لقَدْ أصبحَ اليوم السَّواد الأعظم من الشُّعوب والمتابعِين للشَّأن الفلسطيني على قناعة تامَّة أنَّ سرديَّة «حلِّ الدَّولتَيْنِ» ليسَتْ سوى نسخةٍ من سرديَّة «خطَّة خريطة الطَّريق»، فكلتاهما ملهاةٌ يُباع عَبْرَها الوهم للشَّعب الفلسطيني ويُشترَى الوقت لتصفيةِ ما تبقَّى من القضيَّة الفلسطينيَّة.. وعَلَيْه لن يقدِّمَ ما يُسمَّى «مؤتمر حلِّ الدَّولتَيْنِ» إلَّا الوعود الجوفاء والأوهام.

خميس بن حبيب التوبي

[email protected]