تشدد العديد من المنظمات الرياضية بمختلف دول العالم حول موضوع الحوكمة، والتي تعد من أهم الركائز التي تعتمد على النزاهة والشفافية وتطور الرياضة وحتى الكفاءة، التي لها دور كبير في تحقيق الاستدامة في المؤسسات والمنظمات وادارة الهيئات الرياضية، وذلك بعد الاعتماد على التمويل العام من الحكومات والقطاع الخاص من اجل ضمان ممارسات ادارية رشيدة تعمل بكل ثقة على مكافحة الفساد والتخاذل في العمل دون إلحاق الضرر من الأهداف السامية التي تقوم عليها الرياضة، ناهيك عن القيم الأخلاقية التي تقوم عليها. ولعل موضوع الحوكمة الرشيدة أصبح من المواضيع التي تهتم بها القطاعات الرياضية بشكل جاد، حيث لا تكاد مؤسسة او منظومة رياضية إلا وعقدت العديد من حلقات العمل والدورات للعاملين بها من اجل تحقيق قيمة اعلى لاهداف الحوكمة الرشيدة، حتى لا تصبح في يوم ما تهديداً لا ستمراريتها، فسعت وزارة الثقافة والرياضة والشباب خلال الأعوام السابقة إلى عقد العديد من الحلقات ذات العلاقة بهذا الجانب، من اجل الوصول إلى اكبر فائدة من هذه الحوكمة والتي تعتبر دليل استرشاد حول كيفية ادارة المؤسسات الرياضية، سواء كانت اتحادات او أندية رياضية أو حتى المجمعات الرياضية، ترشيداً للمال العام والخاص المستخدم في تمويل الرياضة. ولكن للأسف ومع كل هذه الجهود النبيلة في التوعية الاسترشادية، تفاجأت أن اغلب الأندية والاتحادات لا تستوفي بعض معايير الحوكمة ومنها الشفافية، فعند إجرائي لأحد البحوث الدراسية في هذا الجانب، من أجل دراسة حالة أحد الاندية العمانية أصبت بخيبة امل لعدم وجود صفحة للاندية على الانترنت، والتي يجب أن تضم معلومات محدثة عن أعمال الأندية والإتحادات والتقارير المالية وغيرها من التفاصيل التي تؤكد أن مؤسساتنا الرياضية تمضي نحو الامام، ناهيك عن موضوع التحول الرقمي بها، ولكن للاسف خاب الظن في ذلك، فالامر لا يقتصر على قراءة البيانات المالية وغيرها في اجتماعاتها العامة، بل يجب أن تكون متاحة للجميع في كل وقت عبر صفحاتها. حيث إن الدعم الحكومي السنوي لهذه المؤسسات الرياضية يجب أن يرافقه فهم عميق للحوكمة الرشيدة والعمل به بوجه صحيح وسليم، ذلك لضمان الشفافية المالية أثناء المساءلة؛ تعزيزاً لثقة أصحاب المصلحة في الاستثمار الرياضي - الذي بدأ يتلاشى عاماً بعد عام – بالاضافة إلى كسب ثقة الجمهور، طبقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية والمشاركة في ذلك . إن تأثير الحوكمة الرياضية كبير جداً على الجميع في مجتمعاتنا، فهذه المبادئ والإجراءات تنعكس تماماً على المجتمع الرياضي، والبيئة المحيطة لها، ومن مظاهرها المساواة في الممارسة الرياضية بين الجنسين، حيث إن حكومتنا الرشيدة في الوقت الحالي تهتم كثيراً بمشاركة المرأة في الرياضة، ولكن هل اندماج المرأة بهذه النسبة القليلة يحقق لنا حوكمة مقنعة؟! نعم ؟! نحن نحتاج إلى تفعيل حوكمة رشيدة في بيئاتنا الرياضية وبشكل جاد، حيث نرجو من وزارتنا الموقرة أن تستمر في جعل معايير الحوكمة هي أحد نقاط التقييم في مسابقاتها، فالبداية تكون من الركائز الأساسية لها، فالساعين للتطوير يجب أن يعملوا وفق الاسس الرياضية التي تكفل لنا رياضة – شاملة - تؤثر على أداء اللاعبين حتى نصل بهم إلى العالمية وفي جذب الاستثمار الخارجي لها؛ للإسهام في الدخل الاقتصادي للبلد مستقبلاً. وفي المقابل لن نغفل عن أمر التحديات التي تقف عائقاً أمام تطبيق الحوكمة، والتي نستطيع من خلال تكاتف الجميع والحوار البناء من تذليلها وتحويلها إلى دور حيوي لمصلحة المنظمات الرياضية، فالدور الكبير الان يقع على عاتقها فالبنى الاساسية والمال متوفران، وتطبيق الحوكمة عليهم، لذا لن نقول بأننا نفتقر الى الحوكمة بل نحتاج الى ترشيدها.
زينب الزدجالية
كاتبة وصحفية عمانية