قرَّرتِ المملكة المُتَّحدة (صاحبة وعد بلفور) تعليق حوالي (30) رخصة لتصدير الأسلحة إلى الكيان المحتلِّ المتطرِّف العنصري تشمل (مُكوِّنات تُستخدم في الطَّائرات العسكريَّة والمروحيَّات والطَّائرات المُسيَّرة، بالإضافة إلى معدَّات الاستهداف الأرضي)، في رسالة سياسيَّة واضحة تعكس قلَق لندن المتزايد من الأوضاع الإنسانيَّة في غزَّة والَّتي تصلُ إلى توصيفها بجرائم حرب ضدَّ الإنسانيَّة تؤدي إلى الإبادة الجماعيَّة. وجاء القرار البريطاني بعد مراجعة حكوميَّة خلصتْ إلى وجود «خطر واضح» من احتمال استخدام هذه المعدَّات في انتهاكات جسيمة للقانون الدّولي الإنساني خلال العمليَّات العسكريَّة لجيش الكيان المحتلِّ في غزَّة. وأشارتِ الحكومة البريطانيَّة إلى أنَّ حكومة الكيان المحتلِّ، لم تفعلْ ما يكفي لتسهيلِ وصول المساعدات الغذائيَّة والطبيَّة إلى المَدَنيِّين في غزَّة، ممَّا أسْهمَ في تفاقم الأزمة الإنسانيَّة، إلى جانب معاملة الأسرَى الفلسطينيِّين بصورة لا إنسانيَّة، وأعربتِ الحكومة عن قلقها العميق إزاء مزاعم موثوقة بشأن إساءة معاملة الأسرَى الفلسطينيِّين في سجون الاحتلال المتطرِّف، بالإضافة إلى الدَّمار الواسع وسقوط المَدَنيِّين، وخير دليل على ذلك آثار حجم الدَّمار وعدد الضَّحايا المَدَنيِّين في غزَّة، ممَّا دفع الحكومة البريطانيَّة إلى إعادة تقييم صادرات الأسلحة. في الوقت الَّذي عَدَّتْ فيه حكومة الكيان المحتلِّ المتطرِّف أنَّ قرار التَّعليق (مخيِّب للآمال)، انتقد البعض الآخر الَّذين يحثون على زيادة الإجراءات ضدَّ الكيان المحتلِّ وتمثَّل انتقادهم في أنَّ هذا التَّعليق خطوة رمزيَّة أكثر من كونه فعَّالًا فقط، لعدم شموله جميع صادرات الأسلحة، عادَّةً أنَّه غير كافٍ للحدِّ من الانتهاكات الَّتي تَقُومُ بها الحكومة المتطرِّفة للكيان المحتلِّ، إذ يمثِّل حوالي (10%) فقط من إجمالي (350) رخصة تصدير قائمة، ويُحسب لحزب العمَّال البريطاني اتِّخاذ هذا القرار بعد فوز الحزب في الانتخابات العامَّة في يوليو 2024، ممَّا يعني أنَّ الحزب قام بتحوُّل كبير تجاه تصدير الأسلحة للكيان المحتلِّ، وهو رسالة سياسيَّة واضحة تعكس قلَق لندن المتزايد من الأوضاع الإنسانيَّة في غزَّة، ممَّا جعلَ العديد من الدوَل الأوروبيَّة للانضمام إلى المملكة المُتَّحدة في اتِّخاذ خطوات لتقييدِ أو تعليقِ صادرات الأسلحة إلى الكيان المحتلِّ، مِثل إسبانيا، بلجيكا، هولندا، إيطاليا، فرنسا، كندا، وذلك استجابةً لتصاعدِ القلَق الدّولي بشأن الأوضاع الإنسانيَّة في غزَّة، وتُوِّجت هذه القرارات بالموقف الأوروبي في الـ(20) من مايو الجاري والَّذي أعلنتِ الممثِّلة العُليا للسِّياسة الخارجيَّة في الاتِّحاد الأوروبي، كايا كالاس، عن مراجعة محتملة لاتفاقيَّة التِّجارة مع الكيان المحتلِّ؛ بسبب الأزمة الإنسانيَّة المتفاقمة في غزَّة. وحظِيَتْ هذه الخطوة بدعم متزايد من دوَل مِثل هولندا، إيرلندا، وإسبانيا، على عكس الموقف الألماني والدنماركي حيثُ تستمرُّ الدَّولتانِ في توريد الأسلحة إلى الكيان المحتلِّ، رغم جرائمه الَّتي يشاهدها العالَم خلال (24) ساعةً يوميًّا، إلَّا أنَّه قد لا يؤثِّر دعم الدَّولتَيْنِ للكيان المحتلِّ في إيقاف الضَّغط الدّولي الهادف إلى اتِّخاذ المزيد من الإجراءات في المستقبل القريب.. يبقى أن تنظرَ بعض الدوَل العربيَّة إلى المواقف الأوروبيَّة الَّتي تستنكر ما يحدُث بمواقف عمليَّة من أجْلِ إيقاف المذابح الَّتي يتعرض لها الشَّعب الفلسطيني في أراضيه المُحتلَّة، فيما البعض من الدوَل العربيَّة يهروِل لركوبِ قطار التَّطبيع غير مبالٍ لِمَا يحدُث لأهالي غزَّة، وما يتعرضون له من حرب إبادة جماعيَّة، من عدوٍّ صهيوني متطرِّف تحكمه حكومة متطرِّفة حكم على رئيس وزرائها الـ(نتنياهو) من محكمة العدل الدوليَّة بالإدانة لارتكابه جرائم ضدَّ الإنسانيَّة.
جودة مرسي
من أسرة تحرير «الوطن»