هناك فَرق جوهري بَيْنَ تقييس دالَّتي الاسترضاء والرِّضا وفق معايير التَّفسير الدَّقيق للمفردتيْنِ. •قياس الاسترضاء يَقُومُ على معرفة تأثير الاستمالة، هل نجحتْ في احتواء تناقضات وإصلاح ذات بَيْن؟ وهل استحدثتْ مسارات توافقيَّة تضع حدًّا لخلافات كانتْ متفشيَّة، بَيْنَما تعني الدالَّة الثَّانية تأشير أصداء الرِّضا، أي التَّعرُّف على مدى استجابته لمتطلَّبات الحاجة مقايسةً بالرِّعاية المؤسَّسيَّة المقدَّمة. •من هذا الفَرق الفاصل بَيْنَ هاتَيْنِ الدالَّتَيْنِ، تكُونُ مؤشِّرات قياس الرِّضا واحدةً من المنصَّات اللازمة للتَّعاطي الموضوعي في ميدان الخدمات، هل أحدثتْ تغيُّرات جوهريَّة لصالح شروط التَّنمية البَشَريَّة المستدامة؟ أم هي بحاجة إلى إضافات معيَّنة؟ •التَّقييس هنا، مسح إحصائي موضب على أساس الأسبقيَّات المتعلِّقة بطبيعة ونَوْعيَّة الإجراءات المُتَّخذة، قدرتها الاستيعابيَّة لمتطلَّبات الحاجات العامَّة على المَديَيْنِ، الآني، والاستراتيجي. •إنَّ جزءًا أساسيًّا من مُكوِّنات العاطفة الإداريَّة الَّتي على الحكومات أن تتحلَّى بها يَقُومُ أصلًا على معادلة من هذا النَّوْع تتوخَّى الاستطلاع والمقارنة والتَّوظيف المُحكَم لتعزيزِ موجبات تأصيل الواقع التَّنموي العامِّ. •لقَدْ تابعتْ عن كثب الاستطلاع الَّذي يتولَّى المركز الوطني العُماني للإحصاء والمعلومات تنفيذه الآن بشأن الخدمات الحكوميَّة المقدَّمة إلى سكَّان محافظات سلطنة عُمان لقياس آراء المواطنين بشأن جودة الخدمات على مستوى كُلِّ محافظة. •الاستطلاع يتمُّ عَبْرَ الاتِّصال الهاتفي التَّابع للمركز وتستمرُّ أعماله حتَّى الـ(30) من مايو (أيار) الجاري ويشمل آراء المواطنين العُمانيِّين من كلا الجنسَيْنِ مِمَّن تبلغ أعمارهم (18) سنَة فأكثر، وهذا منظور إجرائي يتناسب وأحدَث آليَّات شموليَّة جمع البيانات. •المؤكَّد هنا أنَّه يتمُّ ضِمن آليَّات إحصائيَّة تراكميَّة تخضع للفحص والتَّحليل، الأمْر الَّذي لا بُدَّ أن يضعَ أمام صُنَّاع القرار استدلالات من الطَّبيعي أن تنعكسَ بإجراءات لتوطينِ جودة الخدمات وتطوير السِّياسات التَّنمويَّة العامَّة تماشيًا مع نتائج البيانات الَّتي تمَّ تدوينها. •إنَّ القِيمة التَّوظيفيَّة لتلك البيانات تتراوح بَيْنَ خمسة محصّلات على درجة من الضّرورة. • المحصّل الأوَّل، التَّعامل مع المعلومات الَّتي يتمُّ جمعها وفقًا للمرسوم السُّلطاني السَّامي رقم (55/2019)، ولا سِيَّما المادَّة رقم (11) الَّتي تؤكِّد على سريَّة البيانات الفرديَّة وعدم استخدامها إلَّا للأغراض الإحصائيَّة وبصورة تجميعيَّة فقط، دُونَ إتاحتها لأيِّ فرد أو جهة للاطِّلاع عَلَيْها وفقَ أمانة إجرائيَّة تغطِّي حقوق العيِّنات السكَّانيَّة المشاركة في الاستبانات وتوفر حالة من الثِّقة المتبادلة، الأمْر الَّذي يكفل انسيابيَّة وازنة للعلاقة البنيويَّة بَيْنَ الطَّرفَيْنِ، أي الجهة ذات الاختصاص في تنفيذ هذه الإجراءات، والعيِّنة الَّتي يتمُّ استفتاء آرائها. •المحصّل الثَّاني، أنَّها تتكرر دَوْريًّا الوضع الَّذي يجعلها تُواكب الإضافات الحاصلة في الحاجات الاجتماعيَّة والمتغيِّرات الحتميَّة المرتبطة بالواقع البيئي. •المحصّل الثَّالث، لم يَعُدْ مُجديًا العمل من فوق في تلبية الحقوق الخدميَّة مهما امتلكتِ الجهات الحكوميَّة من باعٍ طويل في الخبرة والقدرة لهندسة الخدمات ما لم تَكُنْ على دراية من تفاصيل آراء أصحاب العلاقة المباشرة في الإفادة من هذه الخدمات. •المحصّل الرَّابع، وضع فرص لخريطة طريق ذات منافع تفصيليَّة لا غِنى عَنْها لتعزيزِ التَّكامل، سيِّد العمليَّة التَّنمويَّة الوطنيَّة. •المحصّل الخامس، لا يقتصر التَّبشير بتوثيق المؤشِّرات الصَّحيحة فحسب وتبيينها للرَّأي العامِّ واستمرار العمل بموجبها، بل يتعدَّاها إلى وضع اليَدِ على احتمالات حصول إخفاقات أو تلكُّؤ ثمَّ معالجتها ضِمْن آليَّة التَّبصير، مُغذِّي الإدارة القويمة. بخلاصة لهذه الجزئيَّة، التَّفاصيل على درجة من اللزوميَّة في الاستنارة التَّنمويَّة الحيويَّة.
عادل سعد
كاتب عراقي