بمشاركة أكثر من 42 باحثا وأكاديميا وخبيرا من 21 دولة
منح ــ « الوطن»:
بمشاركة أكثر من 42 باحثًا وأكاديميًّا وخبيرًا من 21 دولة، بدأ أمس في متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح في محافظة الداخلية، جلسات المؤتمر الدولي (المتاحف ودورها في التنمية السياحية)، والذي ينظمه متحف عُمان عبر الزمان، بالتعاون مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ووزارة التراث والسياحة ويستمر لثلاثة أيام.
المؤتمر تزامن مع احتفالات العالم باليوم العالمي للمتاحف، وسعى إلى إبراز دور المؤسسات المتحفية والتراثية في تنمية السياحة وصون المكوّن الثقافي، وتعزيز دور السياحة المتحفية والاقتصاد الثقافي والفرص الاستثمارية المرتبطة به، وبحث الدور التعليمي والمعرفي للمتاحف، من خلال الشراكات الأكاديمية، وتوظيف التقنيات الرقمية الحديثة في إغناء تجربة الزائر، وتبادل الخبرات محليًّا وعالميًّا.
جلسات علمية وحلقات عمل تناقش على مدار ثلاثة أيام أهمية المتاحف والآثار وتوظيف الذكاء الاصطناعي فـي العرض المتحفي
ركيزة للسياحة المستدامة
في كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي، أوضح المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي، مدير عام متحف عُمان عبر الزمان أن هذا المؤتمر يأتي مؤكدًا على أهمية الدور الذي يضطلع به المتحف في تحقيق التنمية المستدامة، باعتباره مرآة للهوية، وقوة دافعة للسياحة الثقافية، مشيرًا إلى أن المتاحف أصبحت ركيزة من ركائز السياحة المستدامة، تقدم التاريخ كتجربة تفاعلية تخاطب الحواس والعقل، وتمنح الزائر فرصة للمشاركة الواعية، ووسيطًا حضاريًّا يحفّز الحوار بين الثقافات، ويقدم تجربة معرفية أصيلة، ويسهم في دعم الاقتصاد الإبداعي وتنويع مصادر الدخل.
وأضاف: أولت سلطنة عُمان عنايةً خاصة بالمتاحف، فأنشأت منظومة متحفية متكاملة مكّنتها من إرساء نموذج متفرد يربط بين الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتعزيز السياحة المستدامة، كما يأتي المؤتمر الدولي ليُسلّط الضوء على هذا الدور المحوري للمتاحف من خلال أربعة محاور رئيسة، وهي المؤسسات المتحفية والتراثية والاقتصاد والسياحة المتحفية والدور الثقافي والتعليمي والتقنيات الرقمية.
واشار: أن اللجنة التنظيمية حرصت على أن يتزامن انعقاد المؤتمر مع اليوم العالمي للمتاحف، ليكون منصة علمية للحوار، وتطوير الممارسات المتحفية وربطها بقطاع السياحة، معربًا عن أمله في أن يكون هذا الحدث باكورة لسلسلة من المؤتمرات المستقبلية التي تتناول قضايا أكثر تخصصًا في مجالات العمل المتحفي، كما أن الاستجابة الواسعة من الباحثين والمتخصصين من مختلف دول العالم تعكس المكانة العلمية المتنامية لهذا المؤتمر، وما يمثله من فضاء رصين لتبادل الخبرات والتجارب الدولية، داعيا إلى خوض تجربة متحف عُمان عبر الزمان، وما يقدّمه من سرد بصري وإنساني فريد، يكشف غنى التراث العُماني وتنوعه الطبيعي والثقافي.
تنمية المتاحف
شهد حفل افتتاح المؤتمر الدولي كلمة للمتحدث الرئيسي الدكتور الشرقي دهمالي، رئيس المنظمة العربية للمتاحف وعضو المجلس الاستشاري ولجنة التخطيط الاستراتيجي بالمجلس الدولي للمتاحف (الأيكوم)، بدأها بالتعريف بالمتاحف ودورها العلمي والثقافي والسياحي للأمم، مشيرًا إلى ما تقدمه من خدمات من أجل إيصال الفكرة الرئيسة التي قامت من أجلها وإبراز رسالتها وأدوارها الاجتماعية والإنسانية خاصة فيما يتعلق بالتسويق العلمي، كما ذهب لتوضيح عدد من الطرق لإتاحة العروض المتحفية.
كما تطرق إلى عدد من الأفكار التي تربط المتاحف العُمانية والمغربية، وذلك نظرًا للامتداد الثقافي بينهما. واستعرض دور المجلس الدولي للمتاحف في تنمية المتاحف وتعزيز التعاون الدولي ودوره في مجالات تتعلق بإدارة المقتنيات وتسيير المؤسسات المتحفية، متطرقًا في حديثه إلى دور (الأيكوم) وما يعمل عليه من معايير مهنية وأخلاقية في شأن الأنشطة المتحفية وما يقدمه من توصيات بشأن القضايا المتعلقة بالتراث الثقافي، ويعزز بناء القدرات المهنية لحماية المتاحف والتـراث الثقافي المنقـول عند الأزمات.
الجلسة الأولى
أولى جلسات المؤتمر ليوم أمس تركزت حول (المؤسسات المتحفية والتراثية)، وأدار هذه الجلسة الدكتور طالب بن سيف الخضوري، وتحدث فيها الدكتور محمد إسماعيل النصرات من جامعة الحسين بن طلال بالمملكة الأردنية وتناول موضوع (المتاحف ودورها في نشر الثقافة السياحية وجذب السائحين إلى الأردن: دراسة حالة على متحف البترا). وقدم الدكتور محمد أحمد عبد السلام أستاذ بقسم إدارة المتاحف والمواقع الأثرية، في كلية الآثار بجامعة عين شمس في مصر ورقة بحثية حول الغرف الدمشقية العثمانية ودورها في إثراء العروض المتحفية وحفظ التراث السوري المادي واللامادي (دراسة متحفية تراثية)، فيما تحدث الدكتور عبدالعزيز بن حميد المحذوري مدير دائرة التاريخ الشفويّ بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيّة عن (الأدوار التكامليّة للمتاحف ومؤسّسات التأريخ الشفويّ في صناعة المحتوى الفكريّ والثّقافة التاريخيّة). وقدمت بيان بنت سعيد العبرية (طالبة بكالوريوس تربية لغة عربية في جامعة نزوى) بحثا مشتركا مع الدكتور سليّم بن محمد الهنائي أستاذ مساعد في قسم التربية، بجامعة نزوى، ونورة بنت علي السنانية (محاضر في قسم التربية بجامعة نزوى) ورقة حول نظم العرض المتحفي المعاصر: دراسة حالة متحف عُمان عبر الزمان، تناولت العلاقة بيـــن تطبيـــق تقنيـــات الـــذكاء الاصطناعـــي كالعروض التفاعليـــة فـــي (متحف عمان عبر الزمان) وجذب السياح نحـو المتحف. واستعرض الدكتور الصغير محمد مهدي أستاذ مشارك القانون المدني من كلية القانون جامعة أبوظبي، جامعة أسوان في ورقته الإطار القانوني لاستخدام الذكاء الاصطناعيُ لحماية المتاحف والتراث الثقافي في سلطنة عُمُان، تحدث عبرها عن العلاقـــة المتداخلـــة بيـن القانـــون والتكنولوجيـــا فـــي مجـال حمايـــة المتاحـــف والتـــراث الثقافـــي، مـــع تركيـــز خـــاص علـــى تجربـــة ســـلطنة عُمـــان، وخلصت الدراسة إلى أن ســـلطنة عُمان أرســـت منظومة قانونية ومؤسســـية متقدمة، وتُبـــدي توجهـــا جـــادا نحـــو تبني الـــذكاء الاصطناعي فـــي حماية التـــراث، بما يتماشـــى مع رؤيتهـــا المســـتقبلية (عُمـــان 2040).
الجلسة الثانية
الجلسة الثانية للمؤتمر يوم أمس، واصلت مناقشة المحور الأول (المؤسسات المتحفية والتراثية)، وأدارت الجلسة الدكتورة ماجدة بنت حمود الصلتية، وتحدث فيها الدكتور أسعد عبد الرحمن عوض الله، الأمين العام للمجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات القومية بجمهورية السودان، الذي قدم ورقة حول (متاحف التراث الثقافي غير المادي ودورها في تنمية السياحة).
وتناولت الدكتورة مروة عبد الرازق، رئيس قسم التسجيل والتوثيق وإدارة المجموعات في المتحف المصري بالقاهرة، موضوع (تعزيز تطوير السياحة من خلال الإدارة الفعالة لمجموعات المتاحف والتوثيق والتسجيل: استراتيجيات للنمو المستدام)، وتطرق الدكتور ظريبوف علي شير نجم الدين، رئيس قسم المنهجية وإعداد الكوادر العلمية في المتحف الوطني بجمهورية طاجيكستان، في ورقته إلى (دور متحف طاجيكستان الوطني في تنمية السياحة الثقافية) في حين قدم فريق بحثي مشترك يضم كلًّا من الدكتور محمد سليمان والدكتورة مها بنت خميس البلوشية من قسم التسويق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، والدكتورة شيماء عبد الوهاب السيسي من كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، والدكتور محمد علي عبيد من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بنزوى، ورقة بعنوان هل يمكن للتسويق بواسطة الذكاء الاصطناعي أن يشكّل تجربة وسلوك الزائرين في المتاحف؟ الدور التعديلي للسرد الرقمي.
وتطرق الحاج محمد الرزيني ضابط آثار من بروناي دار السلام، في ورقته نمط الحياة والطبيعة والتصميم الإبداعي لبروناي دار السلام من خلال تحفة بالاي خزانة إسلام السلطان الحاج حسن البلقية، تناول عبرها الثقافة الفريدة وطريقة الحياة والطبيعة والتصميم الإبداعـــي لبرونـــاي دار الـــسلام التـــي تم عرضها فـــي المتحـــف جاعلة منه وجهة ســـياحية عالمية.
يشار إلى أن المؤتمر الدولي سيتناول عبر جلساته العلمية مجموعة من المحاور، يتطرق المحور الأول وهو بعنوان (المؤسسات المتحفية والتراثية)، إلى أهمية المتاحف والآثار ودورها في تنمية السياحة، والبعثات. ويناقش المحور الثاني المساهمة المتحفية في التنمية السياحية والاقتصادية، فيما يتطرق المحور الثالث إلى الدور الثقافي والتعليمي للمتاحف، ويتطرق المحور الرابع إلى التقنيات والتجارب الرقمية في العرض المتحفي ودورها السياحي، بالإضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في العرض المتحفي. ويُصاحب المؤتمر الدولي تنظيم 6 حلقات عمل تخصصية، تسلط الضوء على قضايا العمل المتحفي، وتوفير مساحة للتفاعل المعرفي والتطبيقي بين المشاركين. وتتناول الحلقات موضوعات متنوعة كالتقنيات الرقمية، والإدارة المتحفية، والتجارب المجتمعية، وتطوير المحتوى الثقافي، مما يعزز من التكامل بين الطرح النظري والممارسة العملية. ويتضمن برنامج المؤتمر معرضًا مصاحبًا يشارك فيه عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة. وفي إطار الفعاليات المصاحبة للمؤتمر، تواصل الأوركسترا السلطانية العُمانية اليوم احياء أمسياتها الموسيقية التي بدأتها مساء أمس، بتقديم ملحمة أحمد بن ماجد، في تجربة فنية تحتفي بتاريخ عُمان البحري وتخلِّد إرثه الحضاري، وقد عاش جمهور الأمسية الموسيقية يوم أمس تفاصيل الحدث في أبعاده التاريخية والفنية، وتكامل الرواية الموسيقية مع الرسالة الثقافية التي يحملها المؤتمر.
حمد الضوياني.. شراكة وتواصل نوعي بين المؤسسات الرسمية والخاصة فـي الشأن المتحفي
قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: إن هذا المؤتمر الدولي والذي يتزامن مع اليوم العالمي للمتاحف يأتي ليوجد شراكة وتواصلًا نوعيًّا بين المؤسسات الرسمية والخاصة في الشأن المتحفي في سلطنة عُمان، بالإضافة إلى المشاركات الخارجية من مختلف دول العالم، والتي ستكون في سياق أوراق علمية محكمة تم اختيارها من بين نحو 300 مشاركة من باحثين ومختصين من داخل سلطنة عمان وخارجها، بالإضافة إلى متحدثين رئيسيين يمثلون تجارب عالمية رائدة في هذا المجال، كما نشهد اليوم معرضًا متكاملًا يبرز دور المؤسسات المتحفية في سلطنة عُمان، ووضح سعادته في تصريح صحفي: أن تنظيم هذا المؤتمر هو بادرة مهمة تقود إلى المستقبل لعمل مؤتمرات أخرى تبرز العمل التكاملي بين المؤسسات المعنية بالجوانب الثقافية والعلمية والفكرية والمتحفية، ما يعزز المشاركات الفاعلة ضمن معارض دولية تأتي بالتنسيق مع العديد من دول العالم لإبراز الجوانب الحضارية والتاريخية لسلطنة عُمان.
