الجمعة 16 مايو 2025 م - 18 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

«إسرائيل» وأزمة الطاقة البشرية

«إسرائيل» وأزمة الطاقة البشرية
الأربعاء - 14 مايو 2025 12:41 م

علي بدوان

20

بعد الحرب الضروس الَّتي شنَّها جيش الاحتلال على الشَّعب الفلسطيني في قِطاع غزَّة، واستمرَّتْ أكثر من خمسة عشر شهرًا، وما زالتْ تلك الحرب مستمرَّةً بأشكالٍ مختلفة، فإنَّ الخسائر الَّتي لحقتْ بالجيش «الإسرائيلي» خصوصًا بالطَّاقة البَشَريَّة، كبيرة جدًّا بالنِّسبة لحروب «إسرائيل» السَّابقة منذُ قيامها على أرض فلسطين، وهو ما أدَّى لنقصٍ في عديد وملاكات الجيش البَشَريَّة، مما دفعَ الكثيرين من أصحاب القرار الأمني والعسكري والسِّياسي في «إسرائيل»، ومن طواقم الطَّاقة البَشَريَّة في الجيش «الإسرائيلي» للعمل من أجْلِ تجنيد طلاب المعاهد الدِّينيَّة (الحريديِّين) في صفوف الجيش للمرَّة الأُولى، والَّذين لم يكُونُوا يخضعوا نهائيًّا للتَّجنيد منذُ قيام كيان الاحتلال على أرض فلسطين عام 1948. حقيقة الأمْر، أنَّ الوضع في «الجيش الإسرائيلي» يعاني من النَّقص في الطَّاقة البَشَريَّة، ويسعَى لفرضِ ضغوطٍ غير مسبوقة على ما يُسمَّى «الجنود النظاميِّين»، الَّذين يُعانون من إنهاك شديد وفقَ معطيات الواقع بعد فترة طويلة من الحرب. ويتوقع الجيش أن يتفاقمَ النَّقص في قوَّات الاحتياط خلال الأشْهُر المقبلة، في ظلِّ مُخطَّطاته لتعزيزِ قوَّاته في قِطاع غزَّة، وإبقاء قوَّات في مناطق من الجولان ولبنان احتلَّها مؤخرًا. فيما أشار وزير الماليَّة والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، أنَّ الجيش قَدْ يضطر إلى تنفيذ حمْلة تجنيد موسَّعة في الفترة المقبلة. فالمعطيات تُشير إلى أنَّ (78) ألف مُصابٍ في «الجيش الإسرائيلي» بالحرب الأخيرة، وتوقُّع بارتفاع حالات الصَّدمة. وبَيَّنَتِ المعطيات الرَّسميَّة الصَّادرة عن «وزارة الأمن الإسرائيليَّة» عن توقُّعات بازدياد حالات اضطرابات ما بعد الصَّدمة. علمًا أنَّ (51%) من الجرحى تقلُّ أعمارهم عن ثلاثين عامًا. عدا عن مغادرة أكثر من عشرة آلاف جندي صفوف الجيش منذُ بداية الحرب، فيما تُشير الإحصائيَّات العسكريَّة إلى أنَّ حوالي (12) ألف جندي، مُعْظمهم من القوَّات القتاليَّة، قَدْ قُتلوا أو أصيبوا منذُ السَّابع من أكتوبر. مصادر قرار جيش الاحتلال تتحدَّث مؤخرًا عن وجود أزمة خطيرة في الجيش واستعداداته، وفي «إمكانيَّة أن تؤدِّيَ مهامها»، وهناك تحذر في كيان الاحتلال من أنَّ تجاهل هذه المُشْكلة قَدْ يؤدِّي إلى تَدهوُر خطير في كفاءة الجيش وجاهزيَّته العمليَّاتيَّة. وفي الواقع العملي، يوجد الآن عمليًّا ووفقَ المعلومات المتوافرة «إسرائيليًّا» من مصادر عسكريَّة وأمنيَّة في «إسرائيل»، حالة من الانخفاض الحادِّ المُتتالي في نسب التحاق «جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي»، وسط تحذيرات من تراجع الحضور إلى ما دُونَ (50%). لذلك يلجأ «الجيش الإسرائيلي» إلى تجنيد غير تقليدي، بَيْنَما يُحذر ضبَّاط من تَدهوُر الجاهزيَّة العمليَّاتيَّة وتأثير ذلك على الأداء العسكري، وهو ما يصرح به قادة جيش الاحتلال، وخصوصًا رئيس الأركان الجديد الجنرال (إيال زامير) عدا عن أصوات قوى اليمين الفاشي، الَّتي ما زالت تعمل على استمرار الحرب بشكلٍ أو بآخر، كما وتعمل على صفقة ما يُسمَّى بـ»صفقة التَّبادل». خلاصة القول، المرحلة صعبةٌ وليسَتْ سهلةً، ونتنياهو يواصل سياساته في إدامة أشكال مختلفة ويوميَّة من التَّصعيد السِّياسي والعسكري.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك

[email protected]