•تباينتْ إجابات أصدقاء ومعارف استفتيتُهم عن العبء الَّذي يثقل كواهلهم بتفرُّد خاصٍّ تفرضها حياتهم خلاف أعباء أخرى مُتعدِّدة قَدْ يُعانون مِنْها.
•أصدقائي ومعارفي الَّذين استفتيتُهم من بيئات اجتماعيَّة مُتعدِّدة، بَيْنَهم أشخاص يحصلون على قُوْتهم بصعوبات بالغة، تشغلهم همومهم المعاشيَّة عن أيِّ اهتمامات عامَّة، وهناك مُوَظَّفون بدرَجات مُتعدِّدة وأكاديميُّون ومثقَّفون يَرون أنْفُسهم قادةَ رأيٍ وأصحاب مشاريع للإصلاح، وعلى مسؤوليَّات مُعيَّنةٍ إزاء محيطهم الاجتماعي، يطمحون بتحقيق مضامين واقعيَّة من أجْلِ المزيد من الرِّعاية العامَّة.
•لقَدْ تراوحتْ أعباءهم بَيْنَ تأسيس علاقات متوازنة مع جلب الانتباه إلى ما يصون المُجتمع من مخاطر الزَّلل، وإقامة حضورٍ للعدلِ ومساعدة فقراء وتأمين وعي ميداني عام بقِيَم التَّضامن والتَّراحم والأثَرة الحسَنة، وحين سألتُهم عن التَّدهوُر البيئي وما ينبغي الاضطلاع به في التَّصدِّي له عَدُّوا ذلك مُهِمَّة هامشيَّة.
•في كُلِّ العيِّنة الَّتي استفتيتُها لم ينفردْ أحدٌ عادًّا الهَمَّ البيئي على رأس أولويَّاته وأنَّه يُثقل كاهله، أو أنَّه يرفض إخلاء مسؤوليَّته من التَّعاطي اليومي معه، بل لم أجدْ ـ مع الأسف ـ أيَّة شكوى من ضحالة الوعي البيئي عمومًا أو تحذيرات من مخاطر أن لا يجدَ هذا الجيل ما يُمسكه في مواجهة كارثة الإفلاس البيئي حين تتمدَّد هذه الكارثة بمعدَّلات أكبر ويكُونُ المصير اليومي للإنسان أمام خيارات أصعب، ومع كُلِّ جهود باحثين عراقيِّين يستشعرون بقلقٍ الإفلاس البيئي ومِنْهم الباحث العراقي النَّشط الدّكتور ماجد الخطيب، إلَّا أنَّ عدد المُصغِين لتحذيراتهم لا يُمثِّل الأكثريَّة، وهنا تكمن المفارقة إن لم أقلِ الخلل.
•بخلاصةٍ استنتاجيَّة، ليس هناك الآن سيناريوهات يوميَّة موضَّبة للاهتمام الشَّخصي النَّاجز من أجْلِ رعاية حقوق الطَّبيعة على مستوى المنطقة العربيَّة، ولكن هناك مَنْ يسعى إلى إقامة عمارة من هذا النَّوع على سطح زجاجي إذا أخذنا بِعَيْنِ الواقع هذه الأسبقيَّة على جدول العمل المُلزم.
•أنا هنا لا أنفي وجود برامج وقوانين للحماية وإعلام وثقافات لدرء خطر التَّلوُّث البيئي، ولا أنفي وجود انتباهات وازنة إلى هذا الموضوع، ولكن كم هو حجم الاهتمام على صعيد الأفراد والجماعات في تكوين مجالات اشتغال يومي مبرمج على هذا الطَّريق.
•الإشكاليَّة المُعقَّدة المُتعلِّقة بذلك تكمن في سُوء الاستيعاب التَّنفيذي المتواصل للإصحاح البيئي، وإذا كان الباحثون يكابدون الآن هذه المسؤوليَّة المعرفيَّة الميدانيَّة، إلَّا أنَّ العمل بعبءٍ مشترك حاسم ما زال غائبًا عن طاولة الاهتمام الشَّخصي اليومي المبرمج، بل المعيب المؤلم في هذا الغياب، أنَّ الأغلبيَّة تَعدُّهُ نَوْعًا من التَّرف.
•إنَّ الماخذ الَّتي تضرب مُجتمعاتنا تكمن في ضعف الاستيعاب المعرفي العامِّ وتَبنِّي مسؤوليَّة تتوخَّى إيقاف تاكل الطَّبيعة؛ أي تتطلب درجةً عاليَّة من الأفكار والتَّوَجُّهات مع التَّفاضل بَيْنَها.
•إنَّ نضوبًا شديدًا يضرب مُجتمعاتنا في الأسبقيَّات الَّتي ينبغي الاشتغال عَلَيْها لصالحِ التَّحوُّل من مُجتمعات استهلاكيَّة فحسب إلى استهلاكيَّة يحكمها التَّرشيد مع المشاركة في التَّعويض البيئي وتلك مُهِمَّة على درجة من الأولويَّة.
•لقَدِ انتبَه الباحث الكندي كيفن جالالي إلى خطورة التَّفويض المُطْلق لصالح الرَّفاهيَّة داعيًا الأُمم المُتَّحدة إلى مراجعة مشاريعها بما يضع اعتبارات تنفيذيَّة لمسألة الموازنة الَّتي تخدم التَّعويض في هذا الشَّأن.
•لقَدْ انَ الأوان حقًّا لِتَبنِّي مناهج تشاركيَّة بحضور مُجتمعي منتج وفاعل للصحَّة الإدراكيَّة البيئيَّة تَقُومُ على ترشيد الاندثار، وبمعنى مضاف، خفض مستوى النّفايات.
•إنَّ الزِّيادات المستمرَّة في أعداد العاملين في جمْعِ النّفايات يعني بدرجة، أو بأخرى، زيادة المخلَّفات الاستهلاكيَّة فيا لها من معادلة ليسَتْ مبشِّرة.
عادل سعد
كاتب عراقي