تُعَدُّ الاستدامة من أهمِّ التَّوَجُّهات العالَميَّة الَّتي تشهد اهتمامًا متزايدًا على مختلف الأصعدة، خصوصًا في مجالات الاقتصاد والطَّاقة والبيئة، وفي هذا السِّياق يأتي (أسبوع عُمان للاستدامة) كحدَثٍ رائد يعكس التزام سلطنة عُمان بإحداث تحوُّل حقيقي نَحْوَ التَّنمية المستدامة. فعلى مدار ثلاثة أيَّام، يلتقي في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض نخبة من الخبراء، القادة السِّياسيِّين، والمُختصِّين في مجال الطَّاقة والبيئة لمناقشةِ الحلول الابتكاريَّة الَّتي تهدف إلى تحقيق التَّوازن بَيْنَ التَّقدُّم الاقتصادي والحفاظ على البيئة.. فالحدَث الَّذي يركِّز على الاستدامة كأولويَّة استراتيجيَّة، يفتحُ أُفقًا واسعًا للحوار بَيْنَ القِطاعيْنِ العامِّ والخاصِّ لِمُواكبةِ التَّطوُّرات العالَميَّة، والتَّعامل مع التَّحدِّيات المناخيَّة بطريقة مسؤولة، وذلك من خلال موضوع (التَّنمية المستدامة: تحقيق التَّوازن بَيْنَ التَّقدُّم والحفاظ على البيئة)، كما يُعزِّز هذا الأُسبوع رؤية عُمان في تَبنِّي تقنيَّات مبتكرة تَضْمن استدامة الموارد الطَّبيعيَّة وتَدْعم التَّوَجُّهات الاقتصاديَّة الوطنيَّة.
ولعلَّ أهمَّ ما يُميِّز نسخة هذا العام أنَّ المَعرِض والمؤتمر شهدا حضورًا جماهيريًّا كبيرًا في يومه الأوَّل، وذلك مع مشاركة أكثر من (350) شركةً من مختلف أنحاء العالَم، ما يعكس المكانة المتزايدة لعُمان في مجال الاستدامة والطَّاقة، فهذه المشاركة الواسعة تسلِّط الضَّوء على التزام سلطنة عُمان بالابتكار في قِطاع الطَّاقة، وتؤكِّد على أهميَّة التَّحوُّل نَحْوَ مصادر طاقة نظيفة ومُتجدِّدة، وتركِّز الجلسات النقاشيَّة الَّتي يتضمَّنها المَعرِض على مواضيع حيويَّة مِثل الرَّقمنة في قِطاع الطَّاقة، والتَّحوُّل في أساليب الإنتاج والتَّوزيع، ودَوْر الغاز الطَّبيعي المسال في تحقيق أمْنِ الطَّاقة.. وهذا التَّحوُّل في مجال الطَّاقة لا يقتصر فقط على الجانب التكنولوجي، بل يمتدُّ لِيشملَ تطوير السِّياسات والاستراتيجيَّات الَّتي تُعزِّز استخدام الطَّاقة المستدامة في مختلف القِطاعات الحيويَّة، كما أنَّ هذا الحدَث يُشكِّل منصَّة فاعلة لتعزيزِ التَّعاون بَيْنَ عُمان والدوَل الأخرى، من خلال تبادل المعرفة والخبرات في مجال الطَّاقة والابتكار البيئي، ما يُسهم في تحقيق أهداف التَّنمية المستدامة على الصَّعيدَيْنِ المحلِّي والعالَمي.
في إطار النِّقاشات المستمرَّة حَوْلَ الاستدامة، يتمُّ التَّركيز على أهميَّة الاقتصاد الدَّائري في تعزيز النُّمو المستدام، ويُعَدُّ الاقتصاد الدَّائري أحَد الحلول الرَّئيسة في مواجهة أزمة الموارد الطَّبيعيَّة، حيثُ يعتمد على إعادة تدوير المواد والمنتجات بدلًا من التَّخلُّص مِنْها. يتطلب هذا التَّحوُّل تغييرًا جذريًّا في الأنماط الإنتاجيَّة والاستهلاكيَّة، وهو ما يتمُّ مناقشته بشكلٍ موسَّع في فعاليَّات أسبوع عُمان للاستدامة، حيثُ يتمُّ تقديم رؤى جديدة حَوْلَ كيفيَّة تحقيق التَّوازن بَيْنَ النُّمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطَّبيعيَّة، ما يساعد في تقليل التَّأثيرات السَّلبيَّة على البيئة. وتُشير الدِّراسات إلى أنَّ الاقتصاد الدَّائري يُمكِن أنْ يُسهمَ في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الابتكار، بالإضافة إلى توفير حلول فعَّالة لتقليلِ النّفايات والتَّلوُّث.. فسلطنة عُمان من خلال استضافة هذه الفعاليَّة العالَميَّة، تسعى إلى أنْ تكُونَ نموذجًا يُحتذى به في المنطقة والعالَم في مجال تطبيقات الاقتصاد الدَّائري والاستدامة البيئيَّة، ما يُعزِّز مكانتها كمركزٍ دولي للحوار حَوْلَ التَّحدِّيات البيئيَّة.
يُعَدُّ (أسبوع عُمان للاستدامة) بمثابة خطوة مهمَة نَحْوَ بناء مستقبل أكثر استدامة، حيثُ تلتقي الخبرات والأفكار المتنوِّعة من مختلف أنحاء العالَم لتحقيقِ تطوُّر بيئي واقتصادي متناغم. وتؤكِّد سلطنة عُمان من خلال هذه الفعاليَّة التزامها بتطوير حلولٍ مبتكرة للحفاظِ على البيئة، مع تعزيز النُّمو الاقتصادي المحلِّي، فالمَعرِض يسلِّط الضَّوء على أهميَّة التَّعاون الدّولي في تحقيق أهداف التَّنمية المستدامة، ويُعَدُّ مناسبة مثاليَّة للبحث في كيفيَّة تحسين استراتيجيَّات الطَّاقة المُتجدِّدة وتعزيز الاستخدام الفعَّال للموارد.. ومع تزايد التَّحدِّيات البيئيَّة الَّتي يواجهها العالَم اليوم، يبقى الحوار المستمر حَوْلَ الاستدامة هو الطَّريق الأنسب للتَّعامل مع هذه التَّحدِّيات وتحقيق التَّوازن بَيْنَ التَّنمية وحماية البيئة، فالسَّلطنة بكافَّة قِطاعاتها تتحمل المسؤوليَّة في دفع هذا الحوار إلى الأمام وتقديم الحلول المناسبة للمستقبل.