الجمعة 09 مايو 2025 م - 11 ذو القعدة 1446 هـ

تجويع الفلسطينيين الذاكرة ورهان التغليف

تجويع الفلسطينيين الذاكرة ورهان التغليف
الأربعاء - 07 مايو 2025 12:00 م

عادل سعد

10

•أن ترتفعَ وتيرة شكوك الأُمم المُتَّحدة إزاء الخطَّة الأميركيَّة «الإسرائيليَّة» الجديدة لتمريرِ شاحنات المساعدات الغذائيَّة إلى غزَّة، وأن تعلنَ منظَّمات إنسانيَّة أنَّها لن تشاركَ في عمليَّات التَّوزيع بإشراف عسكري «إسرائيلي» مباشر فلأنَّ المنظَّمة الدوليَّة وتلك المنظَّمات تتحسب لاحتمال أن تكُونَ هذه الخطَّة نسخة إضافيَّة مقنَّنة من مسلسل التَّجويع الَّذي دأبتْ عَلَيْه سُلطات الاحتلال، ولن تكُونَ بريئةً من دواعي الإذلال والاشتراطات المُهينة ومنفذًا للابتزاز وشراء ذِمم وتصيُّد مواقف، خصوصًا وأنَّ عدد الشَّاحنات الَّتي سيسمح بدخولها يوميًّا لن يتناسبَ وحجم الحاجات الغذائيَّة الملحَّة المتفاقمة الَّتي وصلتْ إلى معدَّلات كارثيَّة.

•لقَدْ تراوح التَّجويع «الإسرائيلي» للفلسطينيِّين بَيْنَ عدَّة مستويات تطبيقيَّة من الإبادة الجماعيَّة مع ترويج إعلامي محموم يهدف إلى تحميل جهات عالَميَّة مسؤوليَّة التَّضليل.

•إنَّ ذريعة تأمين تلك المساعدات مع منع حماس من الاستفادة ليس سوى محاولة التفاف وتبطين لسياسة التَّصيُّد الجائرة والبغيضة، وأيًّا كانتِ المراوحة والمزاعم، المؤكَّد أنَّ استخدام هذا السِّلاح المقرف منهج عنصري لا يحتاج إلى المزيد من الأدلَّة.

•إنَّ إغلاق المعابر وفتحها بالمفتاح «الإسرائيلي» ليس سوى وسيلة من وسائل الإمعان العنصري (وبارتهيد) يتعمد ربط حقِّ الحصول على الغذاء بالقطَّارة. ولا شكَّ، هناك العديد من الوثائق الميدانيَّة الَّتي تثبت بالأدلَّة القاطعة كيف يتمُّ التَّماهي في هذا الإمعان.

•سُلطات الاحتلال تتوخَّى هدفيْنِ من ذلك، الأوَّل، يتعلق بجزئيَّة التَّجويع ذاته بوصفه سلاحًا مؤثرًا، الثَّاني، لإفساد المساعدات الغذائيَّة ذات الصلاحيَّة المرهونة بزمن معيَّن، وهكذا، كُلَّما طال انتظار الشَّاحنات على المعابر يكُونُ تلف الأغذية قَدِ استكمل دَوْرته، وهذا بحدِّ ذاته سببٌ مُضاف للمجاعة حين يتناول الفلسطينيون أطعمة مسمومة ببكتريا التفسُّخ وتلك براءة اختراع «إسرائيليَّة».

معروفة على نطاقٍ واسعٍ إذا أخذنا بِعَيْنِ المراجعة سعة الأراضي الزراعيَّة الَّتي استولتْ عَلَيْها سُلطات الاحتلال لتأمينِ مساحات خدمة للمستوطنات، وكذلك الأراضي الزراعيَّة الَّتي تمَّ تجريفها، أو تنظيم (حفلات) حرق بساتين حمضيَّات وزيتون وغلَّات غذائيَّة، وإقامة الجدران الفاصلة بذريعة إعاقة هجمات المقاوَمة الفلسطينيَّة.

•هناك آلاف، بل ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعيَّة الفلسطينيَّة الَّتي تمَّ إخراجها من الخدمةِ ضِمْن هدف عنصري أبعد، لخفضِ معدَّلات الخصوبة الإنجابيَّة لدى الفلسطينيِّين المرتبطة بالسلَّة الغذائيَّة وما يتبع ذلك من تعطيل للتَّنمية البَشَريَّة المستدامة.

•المحزن، إنَّ الإرادة الدّوليَّة لم تغادرْ حتَّى الآن سياسة الشَّجب والإدانة لهذه السِّياسة الخطيرة، بل من السَّذاجة أن يتمنَّى البعض على السُّلطات «الإسرائيليَّة» أن تكُونَ رحومةً بالفلسطينيِّين المَدَنيِّين.

•لقَدْ باتتْ فضيلة حقوق الإنسان على الصَّعيد الدّولي في الحضيض الآن، وسواء سُمح لشحنات الأغذية بدخول غزَّة وترقيمها، أو تمَّ التَّلاعب بالوقت لصالحِ تأجيل دخولها، يظل ذلك مجرَّد وسيلةٍ لسدِّ الفراغ في المواقف، بالمقابل لي أن أسألَ على سبيل المقارنة الواقعيَّة: أين هو جهد الحقوقيِّين العرب لتحريكِ لائحة اتِّهام من السَّهل جمع الوثائق لها وتحريرها والاشتغال عَلَيْها.

•لنتعلَّم من الحوكمة القضائيَّة الَّتي تولَّتها جنوب إفريقيا، فقَدِ اخترقتْ فيها كُلَّ صنوف التستُّر والتَّفخيخ والمساومات الَّتي دأب عَلَيْها «الإسرائيليون» والبطانة الدّوليَّة الموالية لهم.

•المنطق والقِيَم الإنسانيَّة والشَّرائع الدِّينيَّة تنتظر مثل هذا التَّحرك العربي، والحقّ، لا ينقص العرب خبراء ضلعاء في هذه الجزئيَّة الحقوقيَّة.

عادل سعد

كاتب عراقي

[email protected]