لا تألو حكومتنا الرَّشيدة جهدًا من أجْل تحقيق الرَّفاهيَّة والرَّخاء للمُواطِن والمُقِيم على أرض وطنِنا الحبيب، فهي تسعى دائمَا لأن توفِّرَ له كُلَّ سُبل الرَّاحة والعيش الكريم من رواتب تكفل له حياة هانئة ومسكنًا ملائمًا يُشعره بالاستقرار والأمان ورعاية صحيَّة تَقِيه شرَّ الأمراض وخدمات تعليميَّة تعمل على تأهيل كوادر مثقَّفة تنهض بالمُجتمع، وغير ذلك من مرافق وخدمات تهدف في النِّهاية لراحة المُواطِن.. فهي حريصة كُلَّ الحرص على أن يحصلَ كُلُّ مَن يعيش على الأرض الطيِّبة على كافَّة حقوقه كاملة دُونَ نقصان.
ومؤخرًا بمناسبة اليوم العالَمي للعمَّال أصدرتِ اللَّجنة العُمانيَّة لحقوق الإنسان دليل حقوق القوى العاملة في القِطاع الخاصِّ لِيكُونَ المُرشِد والمُوضِّح لكلا الطرفَيْنِ العامل وصاحب العمل لمعرفة حقوقه وواجباته الَّتي قد تكُونُ مبهمة أو ناقصة لدَى البعض والَّتي كانتْ تؤدِّي في بعض الأحيان إمَّا ظلم أحَد مِنْهما للآخر أو النِّزاع الَّذي قد يصل لساحات المحاكم.. وبالتَّالي فإنَّ هذا الدَّليل سيُسهم بشكلٍ كبير في استقرار بيئة العمل واحترام كُلِّ طرف للآخر، وأن يحصلَ كُلٌّ مِنْهما على حقوقه وفقًا للقانون بمعرفة الطَّرف الآخر ورضاه. إنَّ البنود الَّتي يتضمنها دليل حقوق القوى العاملة في القِطاع الخاصِّ مهمَّة للغاية وكان بعضها غائبًا عن العامل مِثل ضرورة إبرام عَقد عمل مكتوب وحصول العامل على نسخة مِنْه.. والمساواة بَيْنَ جميع العاملِين دُونَ تمييز على أساس الجنس أو اللُّغة أو الدِّين أو اللَّون وألَّا يحتفظ صاحب العمل بجواز سفر العامل دُونَ موافقته الكتابيَّة مع تنظيم ساعات العمل الإضافيَّة والإجازات السَّنويَّة والمَرَضيَّة والرَّاحة الأسبوعيَّة ومكافأة نهاية الخدمة، وغير ذلك ممَّا يكفل للعامل حقوقه كاملة ويحفظ له كرامته وإنسانيَّته. وممَّا يُحسب للَّجْنة العُمانيَّة لحقوق الإنسان هو إصدار هذا الدَّليل بستِّ لُغات هي العربيَّة والإنجليزيَّة والأورديَّة والهنديَّة والبنجلاديشيَّة والفلبينيَّة حتَّى يتعرفَ كُلُّ عامل ـ أيَّا كانتْ جنسيَّته ولُغته ـ على حقوقه كاملة فتتحقَّق العدالة والمساواة والكرامة الإنسانيَّة وتتوافر له ظروف عمل مَرضيَّة.
لا شكَّ أنَّ دليل حقوق القوى العاملة في القِطاع الخاصِّ يجسِّد إحساس القيادة الرَّشيدة بهموم العامل فجاء لِكَيْ يستطيعَ هذا العامل التمتُّع بالاستقرار النَّفْسي فينتج ويبدع حيثُ سيكُونُ مطمئنَّ البال على مستقبله ومستقبل أولاده من خلال حصوله على كافَّة حقوقه، وهذا سيصبُّ بالطَّبع في النِّهاية في رفعة المُجتمع.. فعِندَما يهنأ بال المُواطِن والمُقِيم سوف يُنتج ويُعطي ويَبني ويُطوِّر، وهذا يؤدِّي للارتقاء باقتصاد البلاد وتحقيق التَّنمية المنشودة.. فقَدْ وضعتْ بلادنا ضِمْن أولويَّاتها الأساسيَّة أنَّ حقوق الإنسان هي أسمَى ما يُمكِن تحقيقه إيمانًا مِنْها بأنَّ المُواطِن والمُقِيم لن يستطيعَ القيام بواجباته ما لم يحصلْ على حقوقه كاملة.
لقَدْ سعَتْ سلطنة عُمان عَبْرَ تاريخها المضيء إلى تنمية المُواطِن وتثقيفه وتوعيته بحقوقه وواجباته حتَّى تفتحَ قنوات للتَّفاهم بَيْنَها وبَيْنَ الشَّعب لِتَحقيقِ التَّوازن بَيْنَ الحقوق والواجبات فينهض المُجتمع وترتقي البلاد.. فتحقيق المشاركة بَيْنَ الشَّعب والحكومة هو الطَّريق الأمثل لبناء قاعدة صلبة لمُجتمع قوي مستقر. وفَّق الله حكومتنا الرَّشيدة لِمَا فيه خير البلاد وللاستفادة من السَّواعد الفتيَّة، وأعلى من شأن بلادنا الحبيبة ورفع رايتها خفَّاقة عالية.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني