تستضيفه سلطنة عمان لأول مرة فـي منطقة الشرق الأوسط
كتب ـ عبدالله الشريقي:
يناقش مؤتمر الرابطة الإقليمية لمنظمي الطاقة (ERRA)، التحولات العالمية وآليات الاستثمار في الطاقة النظيفة، وأهمية مراجعة هيكلة التعرفات والرسوم، وتحقيق الشفافية في العقود طويلة الأجل، وتفعيل الحوافز الاقتصادية التي تمكن المستثمرين من دخول أسواق الطاقة المتجددة بثقة.
رعى افتتاح المؤتمر الذي تستضيفه سلطنة عُمان ممثلة في هيئة تنظيم الخدمات العامة لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان، بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة وبمشاركة أكثر من 280 خبيرا يمثلون 50 جهة من الهيئات التنظيمية، وواضعي السياسات والقطاع الخاص والخبراء والأكاديميين، بما يعكس مكانة سلطنة عُمان المتقدمة على خارطة الطاقة العالمية، ويؤكد على تنامي الثقة الدولية في قدراتها التنظيمية والتشريعية، ودورها الريادي في قيادة الحوارات المرتبطة بالطاقة المستدامة والتحول في الطاقة ،وذلك في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض على مدى يومين.
وأكد سعادة الدكتور منصور بن طالب الهنائي رئيس هيئة تنظيم الخدمات العامة أن المؤتمر يُمثل فرصة للتركيز على جهود سلطنة عُمان الحثيثة في رسم ملامح مستقبل قطاع الطاقة؛ إذ قطعت شوطًا كبيرًا في تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية لهذا القطاع مع التركيز على تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وتنويع مصادرها بما يتماشى مع رؤية «عُمان 2040» وخطط الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050م.
وقال: إن دول العالم تواجه تحديات كبرى في قطاع الطاقة، ما يستدعي تطوير سياسات مبتكرة، وتسريع خطوات الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتعزيز استثمارات التكنولوجيا الخضراء، مشيرًا إلى أن سلطنة عُمان وضعت هذه التحديات في صلب أولوياتها، عبر إطلاق سلسلة من المشروعات الطموحة التي تسعى من خلالها إلى بناء اقتصاد مستدام منخفض الكربون.
وأوضح سعادته أن هيئة تنظيم الخدمات العامة تحرص على ضمان تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف الثلاثة (الحكومة، والشركات، والمشتركين)، عبر مجموعة من الالتزامات والأطر التنظيمية والتشريعية، بما أسهم في تنويع الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي والتقدم الملموس في العديد من المشروعات والبرامج المستدامة، مؤكدا أن هذه الجهود أسهمت في تشغيل 4 محطات للطاقة المتجددة، بطاقة إجمالية تبلغ 1550 ميجا واط، ويجري العمل على استكمال 8 مشروعات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بطاقة إجمالية تتراوح بين 1500 و1800 ميجا واط.
من جانبها، أشادت أندريجانا نلكوفا تشوتشوك، رئيسة الرابطة الإقليمية لمنظمي الطاقة في كلمتها، بجهود سلطنة عُمان في تفعيل الحلول المبتكرة في مجال الطاقة، وجذب الاستثمارات إلى هذا القطاع الحيوي، مشيرةً إلى أن سلطنة عُمان تُعد اليوم نموذجًا قياديًا في بناء الأطر التنظيمية المتكاملة، التي تجمع بين البنية التشريعية المرنة، والجاهزية التقنية، والانفتاح الإقليمي والدولي. وأكدت رئيسة الرابطة أن سلطنة عُمان تُعد شريكًا استراتيجيًا قادرًا على التأثير في منظومة الحوكمة العالمية للطاقة، لا سيّما فيما يتعلق بإدارة الأسواق، وتنظيم التبادلات البينية، وتحفيز الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة.
وقالت: إن تجربة سلطنة عمان تمثل أنموذجا فريدًا في قدرتها على تحقيق التوازن بين كفاءة السوق والاستدامة البيئية، وبين التنافسية الاقتصادية والمسؤولية المناخية.
ويتضمن المؤتمر تقديم 15 ورقة عمل وجلسات حوارية، موزعة على ست جلسات تخصصية تعقد على مدار يومين. حيث ناقشت الجلسة الأولى من اليوم الأول للمؤتمر «تعزيز التحول في الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي»، مركزة على الأطر التنظيمية الحاكمة، ودور الجهات الرقابية في صياغة سياسات متوازنة تستند إلى بيانات دقيقة، وتحفز القطاع الخاص للمساهمة في مشاريع الطاقة المستدامة. أما الجلسة الثانية فركزت على «تكامل الشبكات الكهربائية وطرق دمجها»، من حيث التحديات الفنية والتشريعية لدمج الطاقة المتجددة في البنية التحتية الحالية، ومناقشة حلول تقنية متقدمة مثل أنظمة التحكم الذكي، وآليات استجابة الشبكة للطلب.
كما تناولت الجلسة الثالثة «آليات تطوير التجارة الإقليمية للطاقة وتكامل الأسواق، والتشريعات العابرة للحدود»، واستعرضت أهمية الربط الكهربائي بين الدول لتسريع التحول في الطاقة ونماذج تسعير خدمات النقل الكهربائي، والتحديات المتعلقة بتوحيد السياسات التنظيمية بين الدول. فيما ركزت الجلسة الرابعة على «مراجعة هيكلة التحول في أسواق الطاقة وطرق تسريع نموها»، حيث طُرحت أوراق عمل تناقش أهمية مراجعة هيكلة التعرفات والرسوم، وتحقيق الشفافية في العقود طويلة الأجل، وتفعيل الحوافز الاقتصادية التي تُمكن المستثمرين من دخول أسواق الطاقة المتجددة بثقة.
ويشهد اليوم الثاني من المؤتمر إقامة جلسة متخصصة تناقش التحولات العالمية باستخدام وقود الطاقة المستدامة، مع التركيز على الغاز الطبيعي، والهيدروجين الأخضر، والوقود منخفض الكربون كحلول انتقالية قادرة على تحقيق الأهداف المناخية دون التأثير على استقرار الأسواق. كما تتناول الجلسة الجوانب الاقتصادية لتقنيات تخزين الطاقة، ومخاطر التمويل، وتكلفة التحول التكنولوجي في الدول النامية. وإقامن جلسة تركز على الطاقة الشمسية، واستراتيجيات دعمها من خلال السياسات الوطنية، ونماذج التعاقد والتمويل، مع استعراض لتجارب في التوزيع اللامركزي، ومبادرات دمج المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن منظومة الإنتاج الوطني للطاقة.
وعلى هامش المؤتمر، عقدت لقاءات فنية واجتماعات ثنائية بين ممثلي الهيئات التنظيمية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص، ناقشت تطوير الأطر المؤسسية، وتعزيز التعاون الفني، وتبادل قواعد البيانات والتنظيمات، واستكشاف نماذج التمويل الأخضر والشراكات الإقليمية في مشروعات الطاقة الجديدة.
وتُعد الرابطة الإقليمية لمنظمي الطاقة (ERRA) من أبرز المؤسسات الدولية في مجال تطوير الحوكمة المؤسسية لقطاع الطاقة، وتضم في عضويتها 47 هيئة تنظيمية من خمس قارات. وتعمل الرابطة على تمكين الجهات التنظيمية من تبادل الخبرات، وبناء السياسات الفعالة، وتطوير الأطر التشريعية، بما يضمن تحقيق التوازن بين كفاءة الإنتاج، واستدامة الموارد، وعدالة السوق، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.