الجمعة 02 مايو 2025 م - 4 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

مغانم ثقافية تنوعت بين الأدب والفن .. حصاد زوار معرض مسقط الدولي للكتاب

مغانم ثقافية تنوعت بين الأدب والفن .. حصاد زوار معرض مسقط الدولي للكتاب
الأربعاء - 30 أبريل 2025 02:45 م
30

مسقط ـ العُمانية: قام معالي بهين داتو ليلاراجا اونج حاجي حلبي بن حاجي محمد يوسف الوزير بمكتب رئيس الوزراء في بروناي دار السّلام امس بزيارة إلى معرض مسقط الدولي للكتاب بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض في إطار زيارته الحالية لسلطنة عُمان. وتعرّف معاليه والوفد المرافق له خلال الزيارة على أبرز ما يقدمه جناح محافظة شمال الشرقية ضيف شرف المعرض عن الثقافة المحلية للمحافظة وتاريخها وأبرز أعلامها ومآثرها العلمية والإنسانيّة، ووجهاتها السياحيّة، وركن وزارة الإعلام التي تشارك بأربعة أجنحة تمثلت في وكالة الأنباء العُمانية والمديرية العامة للإعلام الإلكتروني (منصة عين والبوابة الإعلامية) والمديرية العامة للمطبوعات والمصنفات الفنية، والمديرية العامة للإعلام الخارجي (المركز الإعلامي)، بالإضافة إلى واجهة (عين للطفل) التي أطلقتها وزارة الإعلام وتقدم محتوى إعلاميًّا مخصصًا للأطفال.

زار معاليه جناح بروناي دار السّلام المشارك في المعرض بالإضافة إلى (ردهة الفنون) التي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب التي تضم كل الفنون بجميع مجالاتها، مثل الفنون التشكيلية والتصوير الضوئي والموسيقى والمسرح. واطلع معاليه على أجنحة المعرض الذي يضم العديد من العناوين في الجوانب الثقافية والفكرية والعلمية، ويبلغ إجمالي عدد العناوين والإصدارات المدرجة في الموقع 681041 عنوانًا منها 467413 عنوانًا من الكتب العربية، و213610 من الكتب الأجنبية.

وشهد أيضا جناح محافظة شمال الشرقية ضيف شرف معرض مسقط الدولي للكتاب لهذا العام، توقيع كتاب (في ظلال الحياة) لمؤلفه حمود بن أحمد البوسعيدي، الذي يُعد توثيقًا لمسيرة مميزة من العطاء والاجتهادات التي امتدت عبر أجيال مختلفة. جاء الكتاب ليحكي عن حياة الكاتب الحافلة، موثقًا أعماله وذكرياته بالوثائق والصور، وعلاقاته مع العديد من العلماء والشخصيات البارزة التي عايشها على مدار حياته. كما يعكس الكتاب عمق التجارب التي خاضها الكاتب، والتي تُبرز إسهاماته الفكرية والثقافية والاجتماعية، مقدّمًا سجلًا غنيًا بالأحداث والمواقف التي ألهمته في مسيرته.

صدر الكتاب عن مكتبة (رؤى الفكرية) التي أكدت على أهمية هذا الإصدار باعتباره مرجعًا ثريًا يعكس إرثًا ثقافيًا وشخصيًا يعزز من قيمة التوثيق الأدبي، وسيرة ذاتية لرجل عايش فترة انتقالية في تأريخ سلطنة عُمان، بل هي فترة مفصلية، كان قريبًا من الأحداث المهمية، بصفته الاجتماعية وبصفته الوظيفية، والتقى بالرموز الكبرى فيها، وهي مسيرة مليئة بالأفكار والأحداث والمعالم الحضارية، وشاهدة على التحولات الكبرى في تأريخ عُمان الحديث.

يضم الكتاب ستة فصول: في ظِلال الأسلاف، في ظِلال الغربة، في ظِلال الوطن، في ظِلال النهضة، في ظِلال الولايات، وفي ظِلال التقاعد والشعر، حرص فيها الكاتب على إبراز هويته الأسرية ووصف قريته الأخضر بسمد الشأن، ومظاهر الحياة اليومية والعادات والتقاليد وطريقة التعليم، والعمل في سن مبكرة والتنقل ما بين القرية والعاصمة مسقط، ومزاولة التجارة فيها، كما أبرز حقبة الغربة ورحلته الشاقة إلى مملكة البحرين، واصفًا للرحلة بأدق التفاصيل، ثم العودة للوطن والعمل في جهاز البرقية قبيل نهضة عُمان الحديثة، والتي اسهب فيها، بذكر أحداثها والالتقاء بالسلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه وجملة من الشخصيات لعلَّ أبرزهم صاحب السمو السيد فهر بن تيمور، قبل أن يعرج على صفته الوظيفية كنائب والي ثم والٍ في العديد من ولايات سلطنة عُمان، بارزًأ مجموعة من الشخصيات التي تعامل معها أو التقى بها كصاحب السمو السيد طلال بن طارق وصاحب السيد تركي بن محمود والعديد من المسؤولين من الولاة والقضاة والعلماء، مختتمًا كتابه بحياته ما بعد التقاعد، واهتمامه الأدبي في الشعر ولقائه بالعديد من الشعراء والأدباء. فيما نظمت جامعة نزوى ندوة بعنوان (التجديد في الفكر العربي: سؤال الموازنة) ضمن فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ 29، تناولت مفهوم الفكر العربي المتمثل في النموذج النمطي للتفكير في المنطقة العربية، وأهمية التجديد فيه والتحديات التي يواجهها هذا الفكر. وقالت أمينة البلوشية باحثة في تخصص النقد بقسم اللغة العربية بجامعة نزوى، إنه من الضروري عدم الاستسلام للتبعية واتباع النظريات الغربية لأنه في كثير من الأحيان تم الاعتماد عليها دون التجديد أو التغيير فيها، إذ نقلت كما هي للفكر العربي وبشكل مستنسخ دون حذف أو إضافة، الأمر الذي جعلنا متلقنين للعلوم والنظريات من غير تحليلها وشرحها، ما يمثل الجمود على منجز الماضي وعدم فهمنا لحاجتنا المعرفية والتفكير بمنطق حاجات الغرب.

وأضافت أن التجديد في الفكر العربي ضروري مع عدم الخوف من تحليل وتفكيك ما نستورده من معرفة فكرية مع الحفاظ على العادات والتقاليد والهوية الوطنية والسياق الاجتماعي بشكل عام.

ووضح بدر الشعيلي باحث في تخصص النقد بقسم اللغة العربية بجامعة نزوى، أن تحقيق المعادلة بين التمسك بثوابت الهوية والانفتاح لنداء المعاصرة يكون من خلال التمسك بجوهر الأصول الثابتة مع استيعاب متغيرات العصر وتجنب التقليد والجمود للإسهام في تجديد التراث وإعادة إنتاجه دون الإخلال به أو التنكر له.

من جانبه قال سالم الصريدي باحث في تخصص النقد بقسم اللغة العربية بجامعة نزوى، إن التجديد هو أسلوب حياة وأن من الأسباب التي دفعت بالمفكرين العرب للتجديد في الفكر العربي في شقه الديني أو الأدبي أو غيره، الانبهار بالمنتج الغربي والرغبة في إيجاد نظرة جديدة للعالم تستوعب متغيرات العصر والمشاركة في العطاء العالمي في الفكر والأدب.

وتحدث عبدالله الدرعي باحث في تخصص النقد بقسم اللغة العربية بجامعة نزوى عن التجربة العُمانية في التجديد بالفكر وأشار إلى عدد من التجديدات التي قام بها مجموعة من العلماء العُمانيين منها، انفتاح ناصر بن أبي نبهان على الآخر وتعلم اللغات والنقد المتحرر من التقليد، ودور السالمي والخليلي في تجديد مناهج التعليم والإصلاح الديني والسياسي، وأبو مسلم البهلاني ومقاومته للاستعمار والتخلف عبر الصحافة والشعر.

كما نظّمت اللجنة الثقافية بمعرض مسقط الدولي للكتاب جلسةً حوارية بعنوان (التنوع الثقافي والهوية)،التي سلّطت الضوء على مكانة الثقافة ودورها في ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز قيم الانتماء. وناقشت الجلسة، التي تحدث فيها الدكتور نادر كاظم (وهو كاتب وأستاذ الدراسات الثقافية بجامعة البحرين سابقًا)، حول أهمية التنوع الثقافي بوصفه عنصرًا أساسيًّا في بناء الهوية الوطنية الجامعة، وآلية المحافظة عليه في ظل المتغيرات المتسارعة إقليميًا وعالميًا. وأكد (كاظم): إنّ التعددية الثقافية ووجود هويات متنوّعة في مجتمع واحد يتطلب قدرًا عاليًا من التقبّل والتسامح واحترام الآخر، وهو موضوع ظل مطروحًا على امتداد التاريخ، إلا أنّ الحديث عنه في السياق الراهن يكتسب بُعدًا جديدًا، نتيجة نشوء الدول الوطنية الحديثة. تضمّنت الجلسة نقاشًا مفتوحًا مع نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، الذين تطرّقوا إلى أهمية التنوع الثقافي بوصفه عنصرًا أساسيًّا في بناء الهوية الوطنية الجامعة، وآلية المحافظة عليه في ظل المتغيرات المتسارعة إقليميًا وعالميًا. وأقام النادي الثقافي بالتعاون مع بيت الزبير جلسة حوارية بعنوان (الرمزية في أدب الطفل)، تناولت جمالية الرمز في أدب الطفل وأهميته في توسيع مداركه وتشجيعه على المشاركة بآرائه، من خلال قراءة القصص والحكايات الهادفة. وقالت عائشة الحارثية وهي كاتبة في أدب الطفل: الرمزية في أدب الطفل مهمة جدًّا لتوسيع مداركه في القراءة والاستنتاج وتنمية خياله، مشيرة إلى أن الطفل يستطيع استنباط الحكمة والرمزية إذا كان مطّلعًا وقارئًا، وتشجيع البيئة المحيطة به على القراءة وحب التعلم. وأكد قاسم سعودي كاتب وشاعر: أن الرمزية في عالم الطفل مهمة ولكنه ليس رمزًا مباشرًا، ولابد على الكاتب أن يستخدم مصطلحات قريبة من عالم الطفل، تساعده على الاكتشاف والفهم والتعلم، فهو بحاجة إلى الحرية في الاختيار واتخاذ القرار لتقوية شخصيته وقدرته على إيصال الأفكار والتعبير عنها بطريقة فريدة ومبتكرة. وتضمنت الجلسة الحوارية سرد نماذج لقصص أطفال تحتوي على الرمزية مثل قصة (أنا والوحش) للكاتبة عائشة الحارثية وقصة (ستة أصابع) للكاتب قاسم سعودي، وجميعها تمثل آداة قوية لتبسيط الفكرة بطريقة ممتعة للطفل وتحفيز الخيال لديهم. وأُقيمت جلسة حوارية بعنوان (قياديون يقرؤون)، في لقاء ثقافي يسلط الضوء على أثر القراءة في تنمية الفكر القيادي وصناعة المستقبل، واستعرض المكرم الشيخ حمد بن هلال المعمري عضو مجلس الدولة خلال الجلسة تجاربه الشخصية مع القراءة، وأبرز الكتب التي أثرت في مسيرتهم العملية والحياتية، مؤكدًا أن القراءة تمثل ركيزة أساسية لصناعة القادة وتوسيع آفاق الرؤية الاستراتيجية لديهم. فيما تناولت الجلسة أهمية دعم المبادرات الوطنية التي تشجع على القراءة، وربطها بمسارات التطوير المهني والقيادي تحقيقًا لرؤية (عُمان 2040) التي تولي أهمية قصوى لبناء القدرات الوطنية في مختلف القطاعات. واختتمت الجلسة التي أقامتها شركة القانون والحياة بالتأكيد على ضرورة جعل القراءة عادة يومية مستدامة بين مختلف شرائح المجتمع، لاسيما فئة الشباب، باعتبارها حجر الأساس لتنمية الفكر وتطوير الذات والنهوض بالوطن. كما نُظمت جلسة حوارية بعنوان: (أنسنة التراث العمراني: متحف عُمان عبر الزمان نموذجًا)، استعرضت المعايير التي استخدمت في متحف عُمان عبر الزمان ليكون تراثًا عمرانيًّا قريبًا من الإنسان، كما استعرضت الجلسة طريقة جمع المتحف لعناصر العمارة التقليدية العُمانية والتكنولوجيا. وقال المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي، مدير عام متحف عُمان عبر الزمان: يجب أن نعود إلى تاريخ الإنسان العُماني على مر السنين، فمتحف عُمان عبر الزمان تميز في تصميمه باستخدام العناصر المأخوذة من الطبيعة العُمانية كالأحجار والنحاس، واستلهم تصميمه من الجبال العُمانية التي تعد ركيزة للإنسان العُماني في جميع أساليب حياته، ومن هنا جاءت الأيقونة العُمانية للمتحف لتكون مدرسة معمارية للتصميم الحديث المأخوذ من الطبيعة العُمانية والتراث العُماني الجاذب بجماليته ومساحاته الواسعة وانفتاحه على الطبيعة. من جانبه أوضح البروفيسور هاني إسماعيل أبو رطيبة، أستاذ النقد الأدبي الحديث والأدب المقارن بجامعة نزوى، أن الأنسنة هي صناعة الإنسان أو تكوين الأشياء بصبغة إنسانية، كتوظيف الطبيعة والتراث في المباني لتتحدث مع الإنسان ومثال على ذلك الطابع المعماري العُماني، وما يوصله من معنى للزائر عن التراث العُماني القديم. مؤكدًا أن أنسنة التراث العمراني لا تتعارض مع الفكر الحضاري أو التكنولوجي وإنما تتماشى معه، ولا بد من وجود أماكن في كل دولة تحاكي التراث القديم حتى تُعرّف بالحضارة القديمة وتربط الإنسان بماضيه، لأن التراث المعماري جزء من الهوية الحضارية للمكان الذي ننتمي إليه.

مغانم ثقافية تنوعت بين الأدب والفن .. حصاد زوار معرض مسقط الدولي للكتاب
مغانم ثقافية تنوعت بين الأدب والفن .. حصاد زوار معرض مسقط الدولي للكتاب
مغانم ثقافية تنوعت بين الأدب والفن .. حصاد زوار معرض مسقط الدولي للكتاب