الجمعة 02 مايو 2025 م - 4 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

ضرورة نشر التسامح والاحترام بين أفراد المجتمع

ضرورة نشر التسامح والاحترام بين أفراد المجتمع
الأربعاء - 30 أبريل 2025 01:11 م

عادل سعد

20

•يتناوب الاستخفاف والاستهزاء الشَّراكة في أخسِّ أنواع السُّلوك الاجتماعي للاستقواء على الآخرين ومحاولة الإساءة لحقوقهم في تعليقات تصل في بعض الأحيان إلى التَّجريح المؤلم. وبقدر تصاعُد هذه الخسَّة السُّلوكيَّة، أو انخفاضها يتذبذب الحسُّ الإنساني بَيْنَ الاهتمام المحرِّك للأُلفة والتَّضامن والتَّوادد النَّظيف، أو بالتَّناقض معه، وإذا كان جوهر العلاقات بَيْنَ النَّاس ينبغي أن يَقُومَ على قاعدة الاحترام والتَّقدير المتبادل، يكُونُ مقتل الرَّابطة الإنسانيَّة، استضعاف المقابل في متواليات تلفيق وتهبيط وتحبيط. ومن بحثٍ ميداني أجريتُه عن أسباب الطَّلاق بتكليفٍ من منظَّمة حمورابي لحقوق الإنسان عام 2018، نقلَ لي قاضي أحوالٍ شخصيَّة، إنَّ واحدًا من الأسباب الأشدّ تحريكًا لدوافعِ الطَّلاق بَيْنَ الأزواج استهانة أحَد الطَّرفَيْنِ، الزَّوج، أو الزَّوجة بقِيمة الطَّرف الآخر، ومن ملفات محاكم عراقيَّة، أنَّ الاستخفاف ليس بعيدًا عن دوافع القتل حين يتعرض البعض للاستهانة فينزع إلى الانتقام ثأرًا لكراماتهم في عمليَّة ردع يعتقدُونَها فرصة تفريغ مرارتهم جرَّاء استهانات تلاحقهم.

•إنَّ أغْلبَ الَّذين يتعرضون إلى التَّنمُّر يتراكم لدَيْهم المزيد من الحزن والحرج والقلق الشَّديد الَّذي يُمكِن أن يصلَ إلى حدِّ الهلع وفقدان التَّوازن.

•إنَّ ذلك يحصل بَيْنَ أشخاص بمواصفات جسديَّة ونَفْسيَّة طبيعيَّة، فكيف إذا كان الأمْر إزاء أشخاص لدَيْهم إعاقات.

• بالصُّدفة وحْدَها، التقيتُ باللاعب العراقي لرمي الثّقل جراح نصار الحائز على عدَّة جوائز عالَميَّة بَيْنَها ميداليَّة ذهبيَّة، هو من قصار القامة، لم يكُنْ في ذهني حينَها إلَّا أن أسألَه ما الَّذي يزعجه؟ الغريب في الأمْر، أنَّه تلقَّى السُّؤال بالمزيد من التَّوقُّع وقَدِ انداحتْ إجابته بوضوحٍ لافت (التَّنمُّر بسبب قِصَر قامتي، هل تصدِّق، إنَّ لي أصدقاء يجمعني وإيَّاهم قِصَر القامة لا يخرجون من منازلهم إلَّا اضطرارًا خشية تعرُّضهم للتَّنمُّر ولا يعرفون كيف يردُّونَ على هذه الملاحقة.

•المُشْكلة الأخلاقيَّة إزاء أصحاب الحاجات الخاصَّة أنَّ هناك أشخاصًا لا يعتقدُونَ أنَّ العوق (جزء من الحالة الإنسانيَّة)، بل يجدُونَها فرصةً لِتَسليةِ أنْفُسهم بالتَّنمُّر.

•الوضع الامتدادي إلى هذا السُّلوك المعيب، انتشار فرص غير مسبوقة له بسبب تعدُّد وسائل الانتشار.

•الحال أيضًا، وفق دراسات نَفْسيَّة أنَّ كُلَّ الَّذين يرتكبون هذه المنغِّصات الاجتماعيَّة المقصودة يعانون من متلازمة قصور ما تضغط عَلَيْهم فيلجؤون إلى رمْيِها على الآخرين في محاولات أقلمة المساوئ الَّتي يُعانون مِنْها. وأذكُر هنا أنَّ الشَّاعر الفرنسي هنري ميشوز، أشار إلى ما أسماه نزعة الغزو عِندَ البعض الَّتي تلازمهم يوميًّا خلال تعاطيهم مع الآخرين، إذ لا يهدأ لهم بال إلَّا بتنفيذها من خلال آليَّة إلصاق الآخرين بِتُهم معيَّنة والتَّلذُّذ بذلك، بل ثمَّة مؤشِّرات تُفيد بأنَّ أيَّ سُلوك اجتماعي من هذا النَّوع هدفه الخلط ليس إلَّا.

•الحال أيضًا، تتعدَّد المواجهات لإزاحة ظواهر التَّنمُّر والاستقواء، هناك مَن يرى ضرورة الترفُّع من الخضوع لها مهما كانتْ شدَّتها وتلك مُهِمَّة تحتاج المزيد من الثِّقة بالنَّفْس ورباطة الجأش، وهناك مَن يعتقد بأهميَّة أن تتحاشى الأماكن الَّتي يحصل فيها التَّنمُّر والاستقواء وتلك ضمانة لا تتوافر دائمًا مع شعور مذلٍّ بالهروب، لكن ثمَّة دالَّة للرَّدع من خلال قوانين جزائيَّة تترتب بموجبها عقوبات قضائيَّة رادعة.

•عمومًا، تظلُّ الثَّقافة المُجتمعيَّة النَّظيفة مفتاحًا مُهمًّا لنظافة العلاقات الاجتماعيَّة، وتحضرني هنا دراسة جامعيَّة عن التَّنمُّر، تولَّى إنجازها فريق أكاديمي جزائري سنة 2022، أفادَ (أنَّ التَّنمُّر تحوَّل إلى عقدة عالَميَّة لا يكفي رادع واحد لمواجهتها).

عادل سعد

كاتب عراقي

[email protected]