السبت 26 أبريل 2025 م - 27 شوال 1446 هـ
أخبار عاجلة

بين بحر عمان وبحر قزوين العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة

بين بحر عمان وبحر قزوين العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة
الأربعاء - 23 أبريل 2025 06:43 م

سيف بن خلفان الكندي

290


أربعون عامًا من العلاقات العُمانيَّة ـ الروسيَّة، تُوِّجت بزيارة «دولة» لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى روسيا الاتحاديَّة، وتمهِّد لمرحلة أكثر تقدُّمًا من العلاقات الاقتصاديَّة بَيْنَ البلدَيْنِ الصَّديقَيْنِ وسط حفاوة من الاستقبال من الجانب الروسي لجلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ منذُ وصوله والوفد المرافق له إلى مطار فنوكوفر الحكومي بالعاصمة الروسيَّة موسكو. الزِّيارة الَّتي شهدت جلسة المباحثات الَّتي عقدها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ وفخامة الرَّئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحاديَّة في قصر الكرملين بالعاصمة موسكو، تمَّ التأكيد خلالها على أهميَّة تعزيز التَّعاون بَيْنَ البلدَيْنِ، خصوصًا في مجالات التِّجارة البَيْنِيَّة والزِّراعة والنَّقل ومختلف مجالات الطَّاقة. وتكمن أهميَّة هذه الزِّيارة في أنَّها تفتح آفاقًا واعدة وتمهِّد لاستكشاف مسارات جديدة للتَّعاون، فتشمل مجالات عدَّة، مِنْها تعزيز الجوانب الاقتصاديَّة والتجاريَّة والثقافيَّة والسياحيَّة والدبلوماسيَّة، وستكُونُ نقطة انطلاقة لتعزيز ذلك التَّعاون بَيْنَ سلطنة عُمان وروسيا الاتحاديَّة، ودعمًا للتِّجارة البَيْنِيَّة وزيادة حجم الصَّادرات والواردات بَيْنَ البلدَيْنِ. وفي الوقت الحالي تلقَى المنتجات العُمانيَّة إقبالًا كبيرًا من رجال الأعمال الرُّوس فتوسَّعتْ دائرة الاستيراد إلى تلك الأسواق لِتشملَ العديد من الصِّناعات والمواد الخام، مِنْها النفطيَّة وغير النفطيَّة والصِّناعات المعدنيَّة، ومنتجات النيتروجين، والفوسفور، والبوتاسيوم. إضافةً إلى التُّمور العُمانيَّة والأسماك والألمنيوم والعطور وأحجار البناء. وفي المقابل تتَّسع السُّوق العُمانيَّة إلى الصَّادرات الروسيَّة ذات الجودة والموثوقيَّة فتجد لها رواجًا جيِّدًا. فعلى سبيل المثال، تَقُوم الشَّركات في موسكو بتصدير العديد من المنتجات للسُّوق العُمانيَّة مثل الإلكترونيَّات الراديويَّة ومعدَّات معالجة المعادن، بالإضافة إلى أجهزة توزيع الكهرباء ذات الجهد المنخفض. كما تشهد السُّوق العُمانيَّة طلبًا على مواد البناء والحديد الصُّلب. إضافةً إلى تصدير الأدوية والكواشف التشخيصيَّة وبعض المستحضرات الطبيَّة المصنوعة في روسيا الاتحاديَّة. أمَّا في الجانب السياحي فقد تمَّ في هذه الزِّيارة تعزيز التَّعاون السِّياحي بَيْنَ مسقط وموسكو، عَبْرَ التَّوقيع على اتفاقيَّة الإعفاء المتبادل من التَّأشيرات للجوازات العاديَّة لمواطني البلدَيْنِ، وهذا بِدَوْره سينعش القِطاع السِّياحي، وسوف يستقطب الآلاف من السيَّاح الرُّوس لسلطنة عُمان بهدف الاستمتاع بالسِّياحة التاريخيَّة والبحريَّة والتَّعرف على الحياة الاجتماعيَّة ومظاهر الطَّبيعة الخلَّابة في مختلف المحافظات. ويُمكِن تعزيز القطاع بَيْنَ البلدَيْنِ عَبْرَ ما يُعرف بالسِّياحة العلاجيَّة وتوقيع اتفاقيات مشتركة بَيْنَ المستشفيات العُمانيَّة ومكاتب السَّفر والسِّياحة في سلطنة عُمان مع أحدَث المراكز الطبيَّة الروسيَّة المُتخصِّصة في العلاج بالمنتجات البحريَّة الَّتي تنتشر في عددٍ من مُدن روسيا الاتحاديَّة. ومن الأفكار الجيِّدة كذلك التَّركيز على ما باتَ يُعرف حديثًا بالسِّياحة الفضائيَّة واستغلال خبرة روسيا في السِّياحة الفضائيَّة لإنشاء برامج تدريبيَّة في ولاية الدقم، الَّتي تتمتع بسماء صافية مناسبة للمراقبة الفلكيَّة ولتنفيذ مثل تلك البرامج العلميَّة. ولا نغفل أهميَّة تعزيز الجانب الثقافي بَيْنَ البلدَيْنِ الَّذي تطوَّر خلال الرُّبع الأوَّل من هذا العام حيثُ شهد حراكًا ثقافيًّا وفنيًّا، خصوصًا عقب افتتاح قِسم من المتحف الروسي الشَّهير «الإرميتاج» الحكومي في المتحف الوطني العُماني. كما شهدت نفس الفترة تقديم عدَّة فِرق فنيَّة من روسيا الاتحاديَّة عروضًا ثقافيَّة روسيَّة متنوِّعة احتضنتها دار الأوبرا السُّلطانيَّة ـ مسقط. كما يُمكِن تعزيز ذلك الجانب بَيْنَ البلدَيْنِ خصوصًا في مجالات التَّعليم الرَّقمي عَبْرَ إطلاق منصَّات تعليميَّة وثقافيَّة مشتركة بَيْنَ البلدَيْنِ باللُّغتيْنِ العربيَّة والروسيَّة، مع تخصيص منح دراسيَّة في مجالات الذَّكاء الاصطناعي. إضافة إلى ذلك سيُسهم التَّعاون مع رجال الأعمال العُمانيين والروس في توفير فرص استثماريَّة مشتركة واعدة في سلطنة عُمان وروسيا الاتحاديَّة، خصوصًا في مجالات الخدمات اللوجستيَّة العُمانيَّة والبنية الأساسيَّة والتقنيَّات العالية. ومن آفاق التَّعاون المشترك بَيْنَ البلدَيْنِ أهميَّة السعي لتعزيز الاستثمار في الطَّاقة النَّظيفة عَبْرَ إنشاء مشاريع مشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مستفيدين من خبرة روسيا في التقنيات النوويَّة. كل تلك المبادرات يمكن أن تتطور عَبْرَ استراتيجيَّة طويلة المدى وعَبْرَ الشَّراكة العُمانيَّة الروسيَّة في «ممرِّ الشَّرق الأوسط ـ روسيا» وربط موانئ عُمان (مثل صحار وصلالة والدقم) بشبكة النقل الروسيَّة عَبْرَ بحر قزوين.. كما يُمكِن لرجال الأعمال في البلدَيْنِ إنشاء منطقة صناعيَّة عُمانيَّة ـ روسيَّة في مدينة «أستراخان» الروسيَّة، لتصنيع المنتجات العُمانيَّة (مثل الألمنيوم والكيماويات) وتصديرها لأوروبا وفي المقابل زيادة حجم الاستثمارات الروسيَّة في منطقة الدقم الاقتصاديَّة الواعدة.

سيف بن خلفان الكندي

إعلامي عماني