الجمعة 02 مايو 2025 م - 4 ذو القعدة 1446 هـ
أخبار عاجلة

غزوة تبوك «3»

الأربعاء - 23 أبريل 2025 06:36 م

أيها الكرام.. ومع أحداث النصر في غزوة تبوك نستكمل معكم آخر جزء في هذه الوقفة.. (قال ابن إسحاق: ثم إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها، وعند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجل من أصحابه، يقال له عمارة بن حزم، وكان عقبيًا بدريًا، وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي، وكان منافقًا، فقال زيد: أليس محمد يزعم أنه نبي، ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمارة عنده: إن رجلاً قال: هذا محمد يخبركم أنه نبي، ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته، وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلنَّي الله عليها، وهي في هذا الوادي، في شعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها، فذهبوا، فجاءوا بها، فرجع عمارة بن حزم إلى رحله، فقال: والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ آنفًا، عن مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا، للذي قال زيد بن اللصيت، فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي، فأقبل عمارة على زيد يطعنه في عنقه، ويقول: إليَّ عباد الله، إن في رحلي لداهية وما أشعر، اخرج عدو الله من رحلي، فلا تصحبني، فزعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك، وقال بعض الناس لم يزل متّهمًا بشر حتى هلك) (سيرة ابن هشام، ت: السقا 2/ 523). (ثم مضى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سائرًا، فجعل بتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان، فيقول: دعوه، فإن يكُ فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يكُ غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: يا رسول الله، قد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره، فقال: دعوه، فإن يكُ فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يكُ غير ذلك فقد أراحكم الله منه، وأبو ذر يمكث على بعيره، فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع أثر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماشيًا، ونزل رسول الله في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين، فقال: يا رسول الله، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: كن أبا ذر، لمَّا تأمله القوم قالوا: يا رسول الله، هو والله أبو ذر، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده) (سيرة ابن هشام 2/ 523). (ولما انتهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى تبوك، أتاه يحنة بن رؤبة، صاحب أيلة، فصالح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح، فأعطوه الجزية، فكتب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم كتابًا، فهو عندهم ثم إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا خالد بن الوليد، فبعثه إلى أكيدر حاكم دومة، وهو أكيدر بن عبد الملك، رجل من كندة كان ملكًا عليها، وكان نصرانيًا، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لخالد: إنك ستجده يصيد البقر، فخرج خالد، حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين، وفي ليلة مقمرة صائفة، وهو على سطح له، ومعه امرأته، فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله! قالت: فمن يترك هذه؟ قال: لا أحد، فنزل فأمر بفرسه، فأسرج له، وركب معه نفر من أهل بيته، فيهم أخ يقال له حسان، فركب، وخرجوا معه بمطاردهم، فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخذته، وقتلوا أخاه، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد، فبعث به إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل قدومه به عليه، وعن أنس بن مالك، قال: رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم، ويتعجبون منه، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا؟ فو الذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا، ثم إنّ خالدًا قدم بأكيدر على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحقن له دمه، وصالحه على الجزية، ثم خلّى سبيله، فأقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتبوك بضع عشرة ليلة، لم يجاوزها، ثم انصرف قافلًا إلى المدينة) (سيرة ابن هشام، ت: السقا 2/ 527).. فاللهم إنا نعوذ بك من النفاق.

محمود عدلي الشريف

[email protected]