السبت 13 ديسمبر 2025 م - 22 جمادى الآخرة 1447 هـ

أضواء كاشفة: التراث الأصيل فـي مواجهة التحديات

أضواء كاشفة: التراث الأصيل فـي مواجهة التحديات
الثلاثاء - 22 أبريل 2025 05:41 م

ناصر بن سالم اليحمدي

20

التُّراث هو ما يؤكِّد على هُوِيَّتنا، وقد قِيل «وطن بلا تراث هو وطن بلا هُوِيَّة» فإذا تمَّ تشويه تراث أيِّ أُمَّة طُمستْ هُوِيَّتها وانمحتْ خصوصيَّتها وأصبحَ من السَّهل قيادتها وإخضاعها لإرادة الطَّامعِين في ثرواتها وأرضها.. فأُمَّة بلا ماضٍ ليس لها مستقبل.. لذا حرصتْ قيادتنا الحكيمة على الحفاظ على تراثنا الأصيل وترسيخ روح الانتماء لدَى الشَّباب من أجْل الحفاظ على هُوِيَّتهم من خلال تعريفهم بتاريخهم وحضارتهم التَّليدة.

ومؤخرًا شاركتْ سلطنة عُمان احتفال العالَم بيوم التُّراث العالَمي والَّذي حملَ الشِّعار «صمود التُّراث في وَجْه الكوارث والنِّزاعات» في محاولة للتَّعريف بقِيمة التُّراث وأهميَّة المحافظة عَلَيْه من التَّحدِّيات الَّتي تواجِهه في عصرنا الحديث.. حيثُ تعدُّ السَّلطنة أنّ الحفاظ على تراثنا العريق وسيلة من وسائل تحقيق التَّنمية المستدامة، فهو لا يُعدُّ نافذة على الماضي فقط، بل عامل لتنشيطِ السِّياحة ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني وتعزيز التَّرابط بَيْنَ الشُّعوب.

إنَّ وطنَنا الحبيب يمتلك إرثًا تاريخيًّا عظيمًا في جميع المجالات الثَّقافيَّة والملاحيَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة والفنيَّة والموروثات الشَّعبيَّة، وغيرها من الشَّواهد الَّتي توثِّق عبقريَّة الأجداد.. من هنا قامتْ حكومتنا الرَّشيدة بحصرِ جميع مفردات تراثنا العظيم المادِّيَّة وغير المادِّيَّة وأحاطَتْه بعنايتها ورعايتها الرِّعاية الكاملة الَّتي تَضْمن له عدم التَّشويه والبقاء أصيلًا على مرِّ الزَّمان مُستعينةً في ذلك بالتكنولوجيا الحديثة حتَّى تتناقلَه الأجيال كاملًا دُونَ نقصان.. بل سعَتْ أيضَا لكَيْ تضمَّ المواقع الأثريَّة العديدة لقائمة التُّراث العالَمي من خلال اعتمادها من قِبل منظَّمة اليونسكو الأُمميَّة.

لا شكَّ أنَّ أُمَّتنا العربيَّة والإسلاميَّة تتعرض لمؤامرات عدَّة تسعَى لِطَمسِ هُوِيَّتها ومَحْوِ تاريخها من خلال بثِّ معلومات مغلوطة مزيَّفة عن تاريخها العلمي والحضاري والثَّقافي والتَّشكيك في القِيَم العربيَّة والإسلاميَّة ممَّا يُهدِّد بخطر فقْدِ الهُوِيَّة والانسلاخ من الخصوصيَّة المميّزة لها.. لذلك فإنَّنا أحوج ما يكُونُ لخلقِ جيلٍ جديد من الشَّباب الَّذين يقومون بدعم قضايا الأُمَّة ومكافحة الزَّيف والتَّشويه الَّذي يستهدف تاريخنا وتراثنا، ويعرّفون العالَم بحضارة وتاريخ الأُمَّة العربيَّة الَّتي ما فتئتْ تؤدِّي دَوْرًا كبيرًا في ازدهار المَسيرة العلميَّة للقارَّة العجوز.

في زماننا هذا الَّذي يختلط فيه الحابل بالنَّابل نحن جميعًا نحتاج للحفاظ على التُّراث العريق والقِيَم والعادات الأصيلة وألَّا ندعَ أساليب الحياة العصريَّة تغيِّر من هُوِيَّتنا وقِيَمنا، بل لِنأخذَ مِنْها ما يساعدنا على التَّقدُّم والتَّطوُّر دُونَ طمسِ الهُوِيَّة والذَّوبان في معالِمها.. فالتَّاريخ يُثبتُ أنَّنا أُمَّة العظماء والعلماء والمُبدعِين، وآن الأوان لكَيْ نُعيدَ مجد الأجداد لِكَيْ نُنيرَ مرَّةً أخرى جنبات العالَم بالفِكر والعِلم والمعرفة.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني