أيها الأحبة.. ولا نزال في غزوة تبوك والتي أظهرت حقيقة الإيمان عن الكثيرين، وبينت المنافقين.. وإليكم التكملة للموضوع:2ـ وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكًّا في الحق، وإرجافًا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم:( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ، فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( (التوبة 81 ـ82 ).
3ـ وقال ابن هشام:(بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ناسًا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، وكان بيته عند جاسوم ـ اسم موضع ـ يثبطون الناس عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك، فبعث إليهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم، ففعل طلحة، فأرادوا الهرب من البيت، فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت فسقط فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه، فأفلتوا) (سيرة ابن هشام 2/ 517).
4ـ قال ابن إسحاق:(وجاء إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفر من بني غفار فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله تعالى وسمَّاهم (المعذرون من الأعراب) (وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (التوبة ـ ٩٠) (المرجع السابق 2/ 517).5ـ حادثة غريبة: (لما أجمَّع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سفره، وعزّم على السير، وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى تخلفوا عنه، عن غير شك ولا ارتياب، منهم: كعب بن مالك بن أبي كعب، أخو بني سلمة ومرارة بن الربيع، أخو بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية، أخو بني واقف، وأبو خيثمة، أخو بني سالم بن عوف، وكانوا نفر صدق، لا يتهمون في إسلامهم، فأنزل الله فيهم:( وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة ـ ١١٨) (سيرة ابن هشام 2/ 519).
6ـ لما خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضرب عسكره على ثنية الوداع، تخلف عنه عبد الله بن أبي بن سلوك، فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب.. وغير ذلك من مواقف المنافقين كثير، قال ابن إسحاق:(عن رجال من بني عبد الأشهل: كان الناس يعرفون النفاق فيهم؟ نعم والله، إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفي عشيرته، ثم يلبس بعضهم بعضًا على ذلك، ونعرف رجالًا من قومنا منافقين معروف نفاقهم، كانوا يسيرون مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث سار) (المرجع السابق 2/ 519)، وذكر ابن إسحاق:(حين مرَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمنطقة الحِجْر نزلها، واستقى الناس من بئرها. فلما راحوا قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا من مائها شيئًا، ولا تتوضؤوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئًا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له، ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح، حتى طرحته بجبلي طيئ، فأخبر بذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ألم أنهكم أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه! ثم دعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الآخر الذي وقع بجبلي طيئ، فإن طيئًا أهدته لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قدم المدينة) (سيرة ابن هشام، ت: السقا 2/ 522).. وللحديث بقية.
محمود عدلي الشريف