الجمعة 25 أبريل 2025 م - 26 شوال 1446 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة : الدبلوماسية العمانية ناجحة دائما

أضواء كاشفة : الدبلوماسية العمانية ناجحة دائما
الثلاثاء - 15 أبريل 2025 01:59 م

ناصر بن سالم اليحمدي

160

تتَّجه الأنظار هذه الأيَّام صوب سلطنة عُمان في انتظار لِمَا ستسفر عَنْه المفاوضات الأميركيَّة الإيرانيَّة بشأن النَّووي الَّتي تجرى بوساطة عُمانيَّة.. فالقوَّة النّاعمة للدبلوماسيَّة العُمانيَّة استطاعتْ بكُلِّ اقتدار أن تحتويَ الموقف، وتجمعَ الأطراف المتنازعة على طاولة واحدة، وأقنعتهم بالحوار الهادئ المثمِر حتَّى انتهى اللِّقاء المبدئي بالمصافحة باليد، وهو ما يُعَدُّ إنجازًا في حدِّ ذاته، وخطوةً بنَّاءة في طريق المباحثات، ودليلًا على الاحترام والتَّقدير الَّذي تكنُّه هذه الأطراف للقيادة العُمانيَّة الحكيمة وللدَّوْر المتميِّز الَّذي قامتْ به السَّلطنة في المراحل السَّابقة والَّذي يُضاف إلى سجلِّ إنجازات السَّلطنة الحافل والعامر بالدَّعوة للسَّلام ونبْذ العُنف.

لقَدْ نأتِ السَّلطنة بِنَفْسها دائمًا عن أيِّ صراعات إقليميَّة أو دوليَّة ورفعتْ شعارات تعزيز الأمن والسِّلم العالَمي، وحُسن الجوار وعدم التَّدخُّل في الشُّؤون الدَّاخليَّة للدوَل الأخرى واللُّجوء دائمًا للحوار في حلِّ أيِّ مُشْكلة؛ لأنَّ العُنف سيدفع ثَمَنَه الأبرياء، وهذا أكسبها احترام العالَم وثقته.. فسلطنة عُمان كانتْ وما زالتْ دائمًا رمزًا للسَّلام ونشرِ التَّعاون والوفاق بَيْنَ دوَل العالَم.. فسياستها تَقُوم على مدِّ يَدِ التَّعاون وتحقيقِ الأمان والاستقرار والتَّنمية للشُّعوب.. وقَدْ قامتِ السِّياسة العُمانيَّة الحكيمة منذُ بداية نهضتها المباركة على الهدوء والحلول السّلميَّة المُبدعة بعيدة النَّظر الَّتي ترضي جميع الأطراف وتُبعد شبحَ الحروب المدمِّرة.. ومهما كانتِ المُشْكلة معقدةً فإنَّ العُمانيِّين دائمًا ما يجدون لها حلًّا يلمُّ الشَّمل ويحقِّق السَّلام ويخمدُ صوت الرَّصاص ويصونُ الدِّماء البريئة، وهناك الكثير والكثير من المواقف التَّاريخيَّة الَّتي كُتبتْ بأحْرُف من نُور في سجلِّ إنجازات السَّلطنة الَّتي تجسِّد ذلك. إنَّ الدبلوماسيَّة العُمانيَّة نجحتْ بامتيازٍ في إدارة اللِّقاءات الأميركيَّة الإيرانيَّة ورغم أنَّها كانتْ معقَّدةً وصعبةً، إلَّا أنَّها استطاعتْ أن تحققَ التَّواصُل بَيْنَ الأطراف المُتنازعة وإيصال وجهة نَظر كُلِّ طرف للآخر، وهو ما قَدْ يصبُّ في إيجاد طريقة لحلحلة الملف الشَّائك في المستقبل القريب.. فإيران تريد متابعة برنامجها النَّووي بطريقةٍ سلميَّة فيما يَعُود على شَعبها بالنَّفع ورفع العقوبات الدوليَّة الَّتي تخنق اقتصادها، وأميركا تريد أن تطمئنَّ على نَفْسها وعلى ربيبتِها «إسرائيل»، وتخشى من قيام طهران بتطوير البرنامج النَّووي بما يمكِّنها من إنتاج قنبلة ذريَّة، وكذلك الحال بالنِّسبة للاتِّحاد الأوروبي وبقيَّة دوَل المنطقة.. وبالتَّالي فإنَّ الالتقاء على نقطة وسط تَضْمن سلميَّة البرنامج وعدم تطوُّره لإنتاج أسلحة نوويَّة كان هو الهدف من هذه المحادثات الَّتي أسفرتْ من قَبل بالفعل عن توقُّف إيران لنشاط نووي يُمكِن أن يسمحَ لها بتخصيب اليورانيوم بوتيرة أسرع. لا أحَد ينكر أنَّ الفجوة بَيْنَ إيران وأميركا ما زالتْ متَّسعة، ولكن هناك دائمًا بارقة أمل في التَّوصُّل لحلٍّ سلمي يُجنِّب المنطقة ويلات حرب نوويَّة سيكُونُ الجميع خاسرًا فيها، سواء داخل المنطقة أو خارجها. لقَدْ عكف العدوُّ «الإسرائيلي» ليل نهار طوال الفترة الماضية على تأليب الرَّأي العامِّ العالَمي ضدَّ طهران وبرنامجها النَّووي ولوَّح أكثر من مرَّة بقيامه بضربة عسكريَّة محتملة.. والفرصة ما زالتْ سانحة أمام المُجتمع الدّولي لتفادي الخراب والدَّمار الَّذي سيحلُّ على المنطقة لو نشبتْ حرب.. ففي رأيي أنَّ المُشْكلة هي «أزمة ثقة» فلو وثقَ العالَم بنيَّة طهران الَّتي تُعلنها دائمًا من أنَّ برنامجها النَّووي إنَّما هو سلمي وموَجَّه في الأساس للتَّنمية وإنتاج الطَّاقة، وكفَّتْ «إسرائيل» عن التَّشكيك في النيَّات الإيرانيَّة دائمًا لاستطاعتْ إيران إثبات ذلك.. لكن يبدو أنَّ هناك أطرافًا لا تريد للمُشْكلة أن تنتهيَ على خير وتحاول دائمًا أن تصبَّ الزَّيت على النَّار من أجْلِ أن تستعرَ لتأكلَ في طريقها الأخضر واليابس. إذا كانتْ «إسرائيل» ومن خلفها أميركا قلقتَيْنِ من البرنامج النَّووي الإيراني فمِن الأوْلى والأجدر أن نقلقَ نحن العرب أضعافًا من البرنامج النَّووي «الإسرائيلي»، لا سِيَّما وأنَّ دَولة الاحتلال تمتلك ترسانة نوويَّة وليسَتْ مجرَّد قنبلة أو اثنتَيْنِ.. والسَّلاح الإيراني الَّذي يدِّعيانه إنَّما هو ذريعة لغزو واحتلال الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة كما حدَث في العراق من قَبل. إنَّ ما نأمله جميعًا أن يعمَّ الاستقرار المنطقة، ويبتعدَ عنَّا خطر الانتشار النَّووي والتَّهديدات العسكريَّة الَّتي كانتْ تطلق بَيْنَ الحين والآخر والَّتي ستدفع ثَمَنها الشُّعوب الخليجيَّة أكثر من أي شَعب آخر في العالَم.. وندعو الله أن تنجحَ السَّلطنة في إيصال واشنطن وطهران إلى الحلِّ الَّذي يرضي جميع الأطراف ويبدِّدَ نُذر الحروب.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني