الثلاثاء 01 يوليو 2025 م - 5 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

أوراق الخريف : سلطنة عمان دولة آمنة للدول والشعوب

أوراق الخريف : سلطنة عمان دولة آمنة للدول والشعوب
الثلاثاء - 15 أبريل 2025 01:58 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

170

هي لا تختار أن تكُونَ دَولة وساطة أو دَولة مفاوضات، ولكن الآخرين يسعون لها أن تكُونَ كذلك؛ لِمَا عُرف عَنْها من مبادئ أساسيَّة لم تتغيَّرْ في نظامها السُّلطاني وحِكمتها «التَّسامح، التَّفاهم، التَّعايش» وهي رسالة السَّلام الَّتي أطلقتها سلطنة عُمان للعالَم.

وأيضًا لكونها دَولة لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تشارك في النِّزاعات أو إثارة الفِتَن أو الحروب وغيرها، دَولة لها فلسفة سلميَّة دبلوماسيَّة منذُ التَّاريخ، حتَّى أنَّ أهلها دخلوا الإسلام طواعيَّة، لذا فإنَّ مِنْهاجها وسياستها ودبلوماسيَّتها تدعو وتعزِّز وتخلق عقيدة السَّلام والحوار والتَّعايش بَيْنَ الأديان وبَيْنَ الدوَل والشُّعوب.

واليوم لا يختلف أحَد على أنَّ لعُمان هذه المكانة، وهذه الثَّقافة، والأرضيَّة الَّتي تجعل مِنْها بلدًا آمِنًا للحوار والتَّفاوض؛ لِمَا لها من تاريخ وحضارة ومكانة يشهد لها الجميع، وكانتْ وما زالتْ على نَفْس النَّهج والتَّواصُل الحضاري مع الأُمم والدوَل والحضارات والشُّعوب لِمَن يبحث عن السَّلام والأمان والاستقرار الاجتماعي والنَّفْسي والاقتصادي والمالي والاستثماري. فخيار السَّلام مدرسة سُلطانيَّة عُمانيَّة باقتدار، وعَبْرَ التَّاريخ نجحتْ كُلُّ الاجتماعات، إذا كانتْ النيَّات والأهداف واضحة، وما بقي مِنْها هو الاستثناء الَّذي لم يحلّ بسبب التَّدخُّلات الخارجيَّة، والاضطرابات النَّفْسيَّة لبعض الدوَل، فالعُنف لا يولد إلَّا العُنف والخراب والدَّمار والوفيَات، وتكلفة الحروب أكثر بكثير من تكلفة السَّلام. لذا نأمل أن يعمَّ السَّلام والأمان الكرة الأرضيَّة والشُّعوب، وأن تتفرغَ الإنسانيَّة للعيش والإبداع والازدهار والتقدُّم في كُلِّ المجالات، فالعالَم المضطرب الَّذي نعيشه اليوم في أمَسِّ الحاجة إلى السَّلام والتَّسامح وخَلْق بيئة وواحة للاستقرار والوئام، والنَّأي بالنَّفْس عن الصِّراعات والحروب والفِتَن. ومن هنا، فإنَّ العالَم مطالَب بالتَّدخُّل لوقفِ الحرب في غزَّة وفلسطين، وفي السُّودان، وفي أوكرانيا، وفي كُلِّ بقعة توجد فيها حروب أو نزاعات، سواء حدوديَّة أو سياسيَّة، أو اقتصاديَّة.. فاليوم نحن أمام صراعات مختلفة سيبرانيَّة وصحيَّة ثمَّ تحوَّلتْ لاقتصاديَّة وضرائب، وغدًا موجة أخرى لا يُمكِننا مواجهتها لقوَّة رياحها السَّريعة الَّتي ستخترق العالَم بأكمله، فالصِّراع الحالي والقادم صراع نفوذ وعقيدة، واليوم النَّموذج انكشف وسقطتِ الأقنعة، وعرفتِ الدوَل والشُّعوب مكانتها، ومن معها ومن ضدَّها، وأنَّ لُغةَ المصالح أيضًا أصبحتْ لا مكان لها في القاموس الجديد، إلَّا ما ندر..! ومع ذلك تبقى سلطنة عُمان على نَفْس النَّهج الإسلامي والسِّياسي الَّذي تؤمن به، وتفرض احترامها إقليميًّا ودوليًّا وساحة للحلول لا للنِّزاعات، وأنَّها لا تتردد في بذل جهودها الخيِّرة ومساعيها الحميدة للإسهام في حلِّ أيِّ خلافات أو منازعات بَيْنَ طرفين أو أكثر خصوصًا عِندَما يطلب مِنْها الأطراف المعنيون ذلك. وكما قال وأكَّد الرَّئيس الفلسطيني محمود عباس في إحدى زياراته لسلطنة عُمان أنَّ مسقط «لا تبيع ولا تشتري بالقضيَّة الفلسطينيَّة وأنَّ بوصلتها ثابتة». وهذا ما تؤكِّده السَّلطنة في كُلِّ مواقفها المُعلَنة وغيرها. فهذا نهج اختطته هذه البلاد، ليس طارئًا أو آنيًّا أو وليد التَّحوُّلات الجيوسياسيَّة في المنطقة والعالَم، لكنَّه إيمان حقيقي وراسخ لها بالعقل والحكمة، لذا اختارتْ طهران وواشنطن أن تكُونَ مسقط هي الَّتي تحتضن مفاوضات السَّلام بَيْنَ الجانبَيْنِ، الَّتي تحتاج دائمًا إلى رعاية ونهج ورؤية وتمهيد للحوار ومعادلة لا يعرفها إلى العُمانيون، وهي ليسَتْ سهلةً ولكنَّها ليسَتْ مستحيلةً أيضًا على الآخرين من الدوَل. واليوم ترَى سلطنة عُمان أنَّ هناك حاجة ماسَّة لترسيخ السِّلم والأمن الدوليَّيْنِ، لِتعيشَ الشُّعوب باستقرارٍ من خلال تقريب وجهات النَّظر بَيْنَ مختلف الأطراف المتنازعة لإبرام اتفاقيَّات سلام ومعاهدات تُعزِّز الاستقرار الإقليمي والدّولي، فأهلًا بالجميع في دَولة شعارها التَّعايش والتَّسامح وفي قِبلة الحوار والسَّلام وهي أيضًا آمِنة للدوَل والشُّعوب للاستثمار فيها بكُلِّ حُريَّة وأمان .. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا

[email protected]