السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

رأي الوطن : ويستمر الصمت والتواطؤ

الاثنين - 12 فبراير 2024 05:45 م

رأي الوطن

40

من الواضح أنَّ ما يقوله ويتقوَّله السَّاسة الغربيُّون ـ وخصوصًا الأميركيِّين ـ على منابر الإعلام، بما في ذلك مؤتمراتهم الصحفيَّة اليوميَّة، بشأن ما يجري من أحداث على أرض فلسطين المُحتلَّة وتحديدًا في قِطاع غزَّة المنكوب بإرهاب دَولة وبإرهاب النَّازيَّة والفاشيَّة الجديدة، هو مناقض للواقع، بل يكشف حجم فائض النِّفاق والكذب الوالغ، لا سِيَّما فيما يتعلَّق بالادِّعاء بوجود خلاف بَيْنَ المُجرِم بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الصهيونيِّ وبَيْنَ صديقه ضعيف الذَّاكرة جو بايدن الرئيس الأميركيِّ، وكذلك الولوغ الأميركيُّ بالحديث عن حضِّ كيان الاحتلال الصهيونيِّ على عدم استهداف الأطفال والنِّساء، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانيَّة. ووسط هذا السَّيل الجارف من الكذب وفيضان النِّفاق المشفوع بصَمْتٍ وتواطُؤٍ غير مسبوقَيْنِ بعضهما عربي ـ للأسف الشديد ـ تستمرُّ آلة الإرهاب والدَّمار والقتل الصهيونيَّة المُلقَّمة بالقذائف والصواريخ الأميركيَّة الصُّنع في فَرْمِ اللحوم الغضَّة للأطفال والنِّساء وكبار السِّن.

اليوم يصحو الشَّعب الفلسطينيُّ كاليوم الَّذي قَبلَه والَّذي قَبل قَبلِه وتصحو الشعوب الحُرَّة وقلوبها منفطرة، وأعْيُنها شاخصة من هَوْل ما يرتكبه العدوُّ الصهيونيُّ المُتَّكئ على دعمٍ أميركي وغربي وبعضه عربي في رفح حيث مئات الشُّهداء والمُصابِين يتساقطون في العراء بعدما هجَّرهم مُجرِمو الحرب من مناطق سكناهم وتدمير منازلهم.

حقًّا إنَّها كارثة إنسانيَّة وجريمة حرب غير مسبوقة تستمرُّ فصولها في قِطاع غزَّة، حيث سقطت كُلُّ الشِّعارات الغربيَّة والأُمميَّة البرَّاقة عن الديمقراطيَّة والحُريَّات وحقوق الإنسان والقانون الدوليِّ، وتؤكِّد فصول هذه الجريمة والكارثة أنَّ العالُم تحكُمه شريعة الغاب، حيث البقاء للأقوى، وهذا ما يقَعُ في فَهْمِ ووعْيِ كُلِّ فلسطينيٍّ وكُلِّ عربيٍّ غيورٍ شريف، وأنَّ «ما حَكَّ ظهرَكَ مِثلُ ظفرِك»، وأنَّ الحُريَّة لا تُطلَب والحقوق لا تُستجدَى. فالتَّضحيات والمقاومة والصُّمود والصَّبر وبناء مظاهر القوَّة هو السَّبيل الأوْحَد نَحْوَ الحُريَّة واستعادة الحقوق، والقويُّ والمستعمِرُ لا يعترف بك ولا يحسب لك حسابًا إلَّا إذا كنتَ قويًّا.

لقَدْ أصدَر العديد من الأحرار الرَّافضين للظُّلم والاحتلال والقهر وإبادة الجنس البَشَريِّ، ومن بَيْنِهم سلطنة عُمان، بياناتهم المُحذِّرة من مغبَّة ارتكاب كيان الاحتلال الصهيونيِّ حماقة الهجوم على رفح، إلَّا أنَّ العدوَّ المُجرِم مدفوعًا بالدَّعم الأميركيِّ والغربيِّ وبعض العربيِّ لمواصلة جرائم حربه. فقَدْ أبانَتْ سلطنة عُمان في موقفها الرَّافض أنَّ الهجوم «الإسرائيلي» على رفح من شأنه أنْ يؤدِّيَ إلى كارثة إنسانيَّة لا تُوصَف وتوتُّرات خطيرة مع مصر، وذلك لكونِ رفح باتَتْ تؤوي مئات الآلاف من المَدَنيِّين الفلسطينيِّين العُزَّل النَّازحين من شمال القِطاع جرَّاء العدوان الغاشم وسقوط ما يقارب الثلاثين ألفَ شهيد، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين، ورأى الموقف العُمانيُّ الصَّارم أنَّ هذا العدوان الإسرائيلي يُشكِّل تحدِّيًا سافِرًا للقانون الدوليِّ، والقانون الدوليِّ الإنسانيِّ، كما حمَل تحذيرًا شديدًا من التداعيات المتفاقمة والخطيرة لاستمرار هذا العدوان العشوائيِّ على قِطاع غزَّة. إنَّ الوضْعَ ـ وكما أكَّدت السَّلطنة ـ يحتاج إلى اتِّخاذ إجراءات عمليَّة ملموسة لوقْفِ كيان الاحتلال الصهيونيِّ عن مواصلة غطرسته ودفعه لوقْفِ إطلاق النَّار وفتح معابر إدخال الاحتياجات الإنسانيَّة للسكَّان والنَّازحين في كافَّة أنحاء قِطاع غزَّة، وتحميله المسؤوليَّة الكاملة عن الآثار الكارثيَّة المترتِّبة على استهدافه للمَدَنيِّين والممتلكات والمنشآت في قِطاع غزَّة؛ لأنَّ ذلك هو الطريق الأوْحَد لمنْعِ مُخطَّط التهجير القسريِّ وتحويل كامل قِطاع غزَّة إلى بقعة جغرافيَّة غير صالحة للحياة البَشَريَّة.