كتب ـ عبدالله الشريقي:
توقع عدد من المحللين والخبراء الاقتصاديين أن يكون تأثير الرسوم الجمركية الأميركية المباشرة البالغة 10 في المائة المفروضة على سلطنة عمان محدودا وغير مقلقة لاقتصاد سلطنة عمان على المستويين المتوسط والبعيد.
وقال المكرم الدكتور محمد بن حميد الوردي عضو مجلس الدولة: إن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على سلطنة عمان سيكون تأثيرها على السوق المحلي والاقتصاد العماني بشكل عام محدودا، أولا أن الرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات العمانية بقيمة 10% سيكون تأثير هذه الرسوم محدود شيء ما لمحدودية الصادرات العمانية للولايات المتحدة الاميركية حيث تبلغ الصادرات قرابة 1.3 مليار دولار أميركي مثل الحديد والصلب والمنتجات الكيميائية والوقود المعدني وكما نلاحظ بأنها ليست بالكميات الكبيرة كما أن النسبة التعريفية المفروضة عليها 10% وهي الأدنى مقارنة بالدول الأخرى مما يبقي من تنافسية الصادرات العمانية في اميركا بالإضافة إلى ذلك فإن الشركات العمانية قد تجد لها منافذ بيع في دول اخرى مما يقلل من الضرر الحاصل، مشيرا إلى أنه سيوجد تأثير آخر فيما يتعلق بارتفاع أسعار المنتجات الاميركية بالسلطنة كأجهزة المحمول والسيارات الاميركية وخلافه ولكن توجد لهذه المنتجات بدائل اخرى من ماركات عالمية فتأثيرها سيكون محدودا.
وأضاف المكرم الدكتور محمد الوردي: أما المحور الثاني فيما يتعلق بالتعريفات الاميركية على السوق العماني فكما نعلم بأن التعريفات الاميركية اشعلت حربا تجارية في العالم بأسره وقد ردت الصين مؤخرا بزيادة التعريفة على المنتجات الاميركية بنسبة 34 في المائة وكل هذه التطورات وبدايات الحرب التجارية العالمية ستودي حتما على انخفاض النمو العالمي وانخفاض التجارة العالمية وتراجع الطلب على النفط وقد نلاحظ أن النفط انخفض قرابة 10 بالمائة خلال اليومين الماضيين وكما نعلم أن ايرادات سلطنة عمان ودول الخليج معتمدة على النفط ولهذا سيكون هناك تأثير كبير على الموازنات الخليجية ولطالما كانت أسعار النفط أكثر من 60 دولارا المعتمد لموازنة 2025م فإن ذلك يدعو إلى عدم القلق وأن هذه الانخفاضات لا تشكل الخطورة طالما لم تنخفض أقل من المعتمد بالإضافة إلى ذلك فإن التعريفات الجمركية والحرب التجارية العالمية تؤدي إلى عرقلة التجارة العالمية وضعف النمو الاقتصادي العالمي وهذا يؤثر كذلك على بقية المنتجات والأسعار الاخرى.
وأكد المكرم الدكتور محمد الوردي عضو مجلس الدولة على سلطنة عمان دعم وحماية الشركات المتضررة قدر المستطاع من خلال منح المزيد من الاعفاءات والتسهيلات للمحافظة على الصناعات العمانية.
من جهته توقع الدكتور يوسف بن حمد البلوشي محلل وخبير اقتصادي بأنه في السياق المحلي ونظرا لصغر حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان والولايات المتحدة فإنه من المتوقع أن يكون تأثير رفع الرسوم الجمركية ١٠ في المائة المباشر محدود ولكن تأثيرها الغير المباشر المتمثل في انخفاض الطلب العالمي والذي يؤثر على صادرات الصين (التي تستورد أكثر من ٩٠٪ من النفط العماني) إلى الولايات المتحدة وتراجع معدلات النمو العالمي الأمر الذي سينعكس بشكل واضح على الطلب على النفط ومن ثم انخفاض أسعاره.
وقال الدكتور يوسف البلوشي إنه من المعلوم أن قطاع النفط يمثل في متوسط الأربع سنوات الأخيرة أكثر من ٣٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي و٧٤٪ من الإيرادات العامة و٧٢٪ من اجمالي الصادرات. كذلك من الممكن أن يؤدي القرار إلى زيادة تدفقات السلع إلى السوق المحلي نتيجة لمحاولة تصريف السلع التي تم إعادة توجيهها بسبب الرسوم الامريكية وكذلك قد ترتفع أسعار بعض السلع المستوردة نتيجة للاضطرابات الناجمة من التحولات المهمة لرسوم الجمركية وتداعياتها على مختلف الأسواق وما يقابلها من اجراءات مضادة وإعادة هيكلة سلاسل الامداد العالمية.
وأكد الخبير الاقتصادي أنه في جانب المضيئ وعلى الرغم من أن العديد من الدول قد تتأثر سلبا من الآثار المترتبة على هذه الرسوم الجمركية، فإنه يمكن لسلطنة عمان نسبياً تعظيم الاستفادة من هذه التحولات ومحاولة اجتذاب الاستثمارات الأجنبية وخاصة من تلك الدول التي تم فرض عليها رسوم مرتفعة لتسكين استثماراتهم في سلطنة عُمان ومن ثم التصدير الى السوق الأميركي وخاصة مع وجود اتفاقية التجارة الحرة ومواقف سلطنة عُمان السياسية المتزنة وموقعها الجغرافي. مؤكدا أنه يجب الآن في سلطنة عُمان تكثيف حملات الترويج لسلطنة عُمان استثماريا وتحسين بيئة الأعمال لضمان جذب المزيد من الاستثمارات.
وكان سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد أكد في تغريدة عبر منصة «أكس» أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة قد ينتج عنها تأثيرات محدودة نسبيا وغير مقلقة على اقتصاد سلطنة عمان على المستويين المتوسط والبعيد؛ خصوصا وأن الواردات الأميركية من النفط والغاز والمنتجات المكررة معفية من الرسوم الجمركية الجديدة.
وقال سعادته أن التاثيرات على اقتصاد سلطنة عمان قد يأتي من خلال عدة قنوات منها: اضطراب سير التجارة العالمية وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وغيرها من القنوات الاخرى .. مؤكدا أن مع ذلك فإن الرسوم الجمركية الأميركية العالية على الدول الاخرى توفر فرصة سانحة لسلطنة عمان من خلال توسع سلطنة عمان في علاقتها التجارية مع الشركاء التجاريين المتضررين من الرسوم الجمركية الأميركية، وأيضا هناك فرصة لتعزيز جلب الاستثمارات الأجنبية إلى سلطنة عمان، وتعزيز سلاسل التوريدات من الدول الأخرى المتأثرة سلبا من فرض الرسوم الجمركية الاميركية المرتفعة ،وبالامكان الاستفادة من مكانة السلطنة وموقعها الاستراتيجي لتكون نقطة عبور وانطلاقة إلى السوق الاميركي بالنسبة للدول التي تم فرض عليها رسوم جمركية عالية.
تجدر الاشارة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أعلن يوم الأربعاء الماضي، عن فرض رسوم جمركية على مجموعة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وذلك في خطاب ألقاه من البيت الأبيض فيما سماه بـ «يوم التحرير».
وقالت الإدارة الأميركية إن هذه الخطوة تأتي في إطار سياسة رامية إلى حماية الاقتصاد الوطني ودعم الصناعات المحلية من المنافسة الخارجية.
وشملت الرسوم الجمركية المضادة التي فرضتها الولايات المتحدة مجموعة من الدول العربية، حيث جاءت سوريا في مقدمة القائمة بنسبة 41%، تلتها العراق بنسبة 39%، ثم ليبيا بنسبة 31%، والجزائر بنسبة 30%، وتونس بنسبة 28%، والأردن بنسبة 20%.
أما بقية الدول العربية المفروضة عليها رسوم جمركية بنسبة 10%، فقد شملت كلاً من سلطنة عمان، قطر، الإمارات، السعودية، مصر، الكويت، السودان، اليمن، لبنان، جيبوتي، البحرين، المغرب.
وأكد ترامب أن هذه الرسوم تهدف إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري الأميركي وتعزيز الإنتاج المحلي.


