الثلاثاء 01 أبريل 2025 م - 2 شوال 1446 هـ
أخبار عاجلة

غـــــــــزوة مؤتــــة «3»

الأربعاء - 26 مارس 2025 01:51 م

أيها الأحبة.. لما قال من قال:(لن نغلب اليوم من قلة) ودارت معركة حنين تراجع الناس ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول، حين رأى ما رأى من الناس: (أين أيها الناس؟ فقال: يا عباس، اصرخ، يا معشر الأنصار: يا معشر أصحاب السمرة، فأجابوا: لبيك، لبيك! حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة، استقبلوا الناس، فاقتتلوا، وكانت الدعوى أول ما كانت: يا للأنصار، ثم خلصت أخيرًا: يا للخزرج. وكانوا صبرًا عند الحرب، فأشرف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ركائبه، فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون، فقال: الآن حمي الوطيس)، وكان رجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح له طويل، أمام هوازن، وهوازن خلفه، إذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه، وبينما ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله يصنع ما يصنع، إذ هوى له علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ورجل من الأنصار يريدانه، قال: فيأتيه علي بن أبي طالب من خلفه، فضرب عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل، فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله، قال: واجتلد الناس، فلما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن جبير بن مطعم، قال: لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسودـ أي الكساء ـ أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم، قد ملأ الوادي، فلم أشك أنها الملائكة، ثم لم يكن إلا هزيمة القوم، وهزم الله المشركين من أهل حنين، وأمكن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم، فلما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف في بني مالك، فقتل منهم سبعون رجلًا تحت رايتهم، وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود، فلما انهزم الناس أسند رايته إلى شجرة، وهرب هو وبنو عمه وقومه، ولم يقتل من الأحلاف غير رجلين، منهما رجل يقال له: الجلاح، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين بلغه قتل الجلاح: قتل اليوم سيد شباب ثقيف، ولما انهزم المشركون، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجه بعضهم نحو نخلة، وتبعت خيل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من سلك في نخلة من الناس، وبعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري، فأدرك من الناس بعض من انهزم، فناوشوه القتال، فرمي أبو عامر بسهم فقتل، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري، وهو ابن عمه، فقاتلهم، ففتح الله على يديه وهزمهم، مما قاله بن هشام: (أن أبا عامر الأشعري لقي يوم أوطاس عشرة إخوة من المشركين، فحمل عليه أحدهم، فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول: اللهم اشهد عليه، فقتله أبو عامر، ثم حمل عليه آخر وآخر حتى قتل منهم تسعة، وبقي العاشر، فحمل على أبي عامر، وحمل عليه أبو عامر، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول: اللهم اشهد عليه، فقال الرجل: اللهم لا تشهد علي، فكف عنه أبو عامر، فأفلت، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه، فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا رآه قال: هذا شريد أبي عامر).

ولا يفوتني أن أذكر جانبا من البطولات النسائية: ما رواه ابن إسحاق: (أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التفت فرأى أم سليم بنت ملحان، وكانت مع زوجها أبي طلحة، وهي حازمة وسطها ببرد لها، وإنها لحامل بعبد الله بن أبي طلحة، ومعها جمل أبي طلحة، وقد خشيت أن يغلبها الجمل، فأدنت رأسه منها، فأدخلت يدها في خزامته مع الخطام، فقال لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: أم سليم؟ قلت: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: إن الله قد كفى وأحسن يا أم سليم؟ قال: ومعها خنجر، فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟ قالت: خنجر أخذته، إن نال مني أحد من المشركين بعجته به».. فاللهم لك الحمد.

محمود عدلي الشريف

[email protected]