الثلاثاء 01 أبريل 2025 م - 2 شوال 1446 هـ
أخبار عاجلة

المخلصات القضائية للحقوق الاستثمارية والتجارية

المخلصات القضائية للحقوق الاستثمارية والتجارية
الأربعاء - 26 مارس 2025 12:50 م

عادل سعد

10

•من أنْسَب الضَّمانات لتبديدِ مخاوف المستثمرين والتجَّار والجهات ذات الصِّلة بالحقوق المترتبة عَلَيْهما، وجود منصَّة قضائيَّة لمخالصات قانونيَّة تُلبِّي استرجاع الحقوق لأصحابها في الحالات الَّتي تعجز التَّسويات الثنائيَّة الإرضائيَّة توفيرها، ومع تعدُّد وتنوُّع بيئتَي الاستثمار والتجَّار تكُونُ منصَّة من هذا النَّوع وباختصاص مُعيَّن هي الجهة الضَّامنة الَّتي لا غبار على أحكامها، إذا أخذنا بِعَيْن الاستخدام وجود قوانين تتوخَّى العدل في الفصل بَيْنَ المتنازعين.

•لقَدْ أجمعتْ دراسات دوليَّة لخبراء في القوانين الاقتصاديَّة العامَّة على أنَّ واحدًا من مُحفِّزات تسهيل محرِّكات الاستثمار والتِّجارة والحدِّ من ظواهر الغشِّ والابتزاز والاستغلال والمضاربة على حساب الشُّركاء، وجود مؤسَّسات معنيَّة تنظر في قضايا من هذا النَّوع، وفي هذا السِّياق، المؤكَّد أنَّ تأسيس منظَّمة الشَّفافيَّة الدّوليَّة الَّتي أُنشئت يوم الرَّابع من مايو (أيار) 1993 جاء لتوظيفِ هذا الاختصاص، أي مراقبة مدركات الطُّعون وفقَ الاتِّهامات المعروضة.

وإزاء ذلك وغيره من الاعتبارات يُعَدُّ إنشاء محاكم في سلطنة عُمان بخصوصيَّة (الاستثمار والتِّجارة) يُمثِّل تطوُّرًا مؤسَّسيًّا إجرائيًّا على جانب مُهمٍّ من الضَّرورة لضمانِ انسيابيَّة هاتيْنِ البيئتَيْنِ، الوضع الَّذي لا بُدَّ أن يُحقِّقَ خطوةً مُهمَّة على طريق الثِّقة الميدانيَّة، جوهر الاستثمار والتِّجارة ومنع المضاربة بحقوق الآخر.

لِننظر بالاختصاصات الَّتي أُنيطتْ بها وفقَ ما أعلنَه مجلس القضاء العُماني (النَّظر في جميع الدَّعاوى الَّتي يكُونُ أحَد أطرافها تاجرًا والمتعلِّقة بأعماله التِّجاريَّة، والمنازعات النَّاشئة عن عَقد الاستثمار، وتشمل الدَّعوى النَّاشئة بَيْنَ الشُّركاء، أو المساهمين، أو بَيْنَ أيٍّ مِنْهم والشَّركة بحسب الأحوال في الشَّركات التِّجاريَّة، بما فيها شركات المساهمة العامَّة المُدرَجة أسْهُمها للتَّداول، المنازعات المتعلِّقة بالأُصول التِّجاريَّة والدَّعوى المتعلِّقة باستثمار رأس المال والنَّشاط الاقتصادي، والدَّعوى المتعلِّقة بالبيوع البحريَّة، الدَّعاوى المتعلِّقة بعمليَّات المصارف والأوراق التِّجاريَّة الماليَّة لشركات التَّمويل والاستثمار وشركات التَّأمين).

•الحال، يُمكِن الإشارة إلى أربعة محرِّكات ميدانيَّة جعلتْ من استحداثٍ قضائي لهذا الاختصاص في سلطنة عُمان خطوةً كان لا بُدَّ مِنْها، خصوصًا وأنَّها أُنشئتْ بمعزل عن الاختصاصات القانونيَّة الاقتصاديَّة الأخرى.

•المحرِّك الأوَّل، إنَّ السَّلطنة بمنزلة اقتصاديَّة مُتعدِّدة الفرص لعوامل سياسيَّة إيجابيَّة ضامنة، وبيئة اقتصاديَّة متنوِّعة، وجغرافيا بحريَّة وبَرِّيَّة على درجة من التَّعاطي الموقعي، الإقليمي والدّولي.

•المحرِّك الثَّاني، إنَّ السَّلطنة صاحبة مشروع تنموي نهضوي واضح من مؤشِّراته الميدانيَّة رؤية عام 2040.

•المحرِّك الثَّالث، إنَّ الضَّمانات القانونيَّة بمنصَّات قضائيَّة محفِّزًا مُهمًّا للاطمئنان على مستحقَّات الأطراف المتعاقدة أيًّا كان نَوْعها، وهذه في حقيقة الأمْر واحدةٌ من أولويَّات محفِّزات الاستثمار والتَّبادل التِّجاري العام إذا أخذنا بضرورات الثِّقة وانعكاساتها الإيجابيَّة الأساسيَّة على الواقع التَّنموي ضِمْن التَّطلُّعات الضَّامنة.

•المحرِّك الرَّابع، يتعلق بمنهج التَّسريع القضائي فحين تكُونُ هناك محاكم مختصَّة حصريًّا بالاستثمار والتِّجارة فإنَّ هذا التَّوَجُّه يعطي مجالاّ رحبًا للمقاضاة ضِمْن مُددٍ مناسبة حتمًا، في حين كانتْ تندرج سابقًا ضِمْن قضايا قانونيَّة ذات طبيعة اقتصاديَّة أخرى، الأمْر الَّذي قد يقتضي الانتظار أطول بحُكم تعدُّد القضايا المنظورة أمام المحاكم.

•إزاء هذه المحرِّكات الأربعة، يُفيد إنشاء محاكم للنَّظر في القضايا المتعلِّقة بالاستثمار والتِّجارة في سلطنة عُمان، إذا تمَّ الأخذ باليَّات إعلاميَّة تصبُّ لصالحِ التَّعريف بها للرَّأي العامِّ العُماني، وكذلك من شأن هذا أن يضعَها في خدمة البتِّ القانوني، الوضع الَّذي يوفِّر دافعًا إضافيًّا لقائمة الضَّمانات وهذا بحدِّ ذاته يتطلب عَقد ندوات ومؤتمرات وتطبيقات إعلاميَّة وثقافيَّة متنوِّعة أخرى للتَّعريف بهذا الوليد القضائي الجديد.

•أنا لا أعطي دروسًا، ولكنِّي أنطلق من مسؤوليَّتي الإعلاميَّة، إنَّ المرحلة المُقبلة تتطلب هذه النَّشاطات التَّعريفيَّة على امتداد الواقع الاقتصادي العُماني من أجْلِ استبانة، كيف يُمكِن توجّه أصحاب القضايا لاسترداد حقوقهم.

عادل سعد

كاتب عراقي

[email protected]