الثلاثاء 01 أبريل 2025 م - 2 شوال 1446 هـ
أخبار عاجلة

الضغط على الفلسطينيين تحت النيران من جديد

الضغط على الفلسطينيين تحت النيران من جديد
الأربعاء - 26 مارس 2025 12:37 م

علي بدوان

20

«يشهد قِطاع غزَّة حاليًّا، أفظع المِحن غير الإنسانيَّة تحت أنظارنا اليوميَّة». جاءت تلك العبارة الصَّارخة والواضحة كملخَّص على لسان المفوَّض العامِّ لوكالة (أونروا) فيليب لازاريني، الَّذي نَدَّد بـ»إطلاق لا نهاية له لأفظع المِحن غير الإنسانيَّة» على سكَّان غزَّة بعدما جدَّدتْ «إسرائيل» حربها على القِطاع وتحديدًا في المسِّ بالمَدَنيِّين في هذا الشَّهر المبارك، وتركهم ضحايا للجوع والفاقة والحاجة. وقال (فيليب لازاريني) وباعتباره مسؤولًا دوليًّا رفيع المستوى وعلى قدرٍ عالٍ من المتابعة والدِّراية لحظةً بلحظةٍ بشأنِ ما يجري في قِطاع غزَّة. قال على منصَّة «إكس» إنَّه: «مرَّ ما يقرب من ثلاثة أسابيع وما زالتِ السُّلطات «الإسرائيليَّة» تمنع دخول المساعدات الإنسانيَّة أو إمدادات تجاريَّة أساسيَّة». وأضاف القول: «تحت أنظارنا اليوميَّة، يمرُّ سكَّان غزَّة مرارًا وتكرارًا بأسوأ كوابيسهم. إطلاق لا نهاية له لأفظع المِحن غير الإنسانيَّة». بالفعل، هناك شُح في المواد الغذائيَّة والأدوية والغاز المنزلي، ومُقوِّمات الحياة البَشَريَّة بشكلٍ عامٍّ. فضلًا عن قيام سُلطات الاحتلال بإصدار أوامر إخلاء من قوَّات الجيش في مناطق قِطاع غزَّة تُجبر النَّاس على الفرار من مكان لآخر في تهجير داخلي، ممَّا يؤثِّر على عشرات الآلاف من النَّاس في القِطاع، وغالبيَّة عظمى مِنْهم هُجِّروا بالفعل إلى مناطق تالية في القِطاع، وعوملوا من قِبل الاحتلال كما لو أنَّهم كرات (يتقاذفها جيش الاحتلال) منذُ بداية الحرب، أي قَبل ما يقرب من عام ونصف. الواقع صعب في قِطاع غزَّة، بعد عودة نتنياهو لإشعال الحرائق والنِّيران المُرعبة الَّتي أكَلَتْ أجساد مئات الشُّهداء في هذا الشَّهر الفضيل، حيثُ يقول مسؤولو الإغاثة الإنسانيَّة، إنَّهم «لم يشهدوا مِثل هذا النُّزوح في القِطاع وصولًا إلى مناطق في الضفَّة الغربيَّة منذُ حرب عام 1967، ممَّا أدَّى إلى نزوح نَحْوِ (300) ألف فلسطيني آخرين». كما يُلفت تقرير مسؤولو الإغاثة الإنسانيَّة من مؤسَّسات دوليَّة مختلفة إلى أنَّ الفلسطينيِّين «ينظرون إلى هذه العمليَّات العسكريَّة «الإسرائيليَّة» كوسيلة لترسيخ السَّيطرة «الإسرائيليَّة» على المنطقة الَّتي احتلَّتها في حرب عام 1967». وبالتَّالي تدمير الإجماع الدّولي لـ(حلِّ الدَّولتَيْنِ). ونشُير إلى أنَّ أعداد مواطني الضفَّة الغربيَّة تقارب ثلاثة ملايين نسمة، ونسبة (35%) مِنْهم لاجئون فلسطينيون من مناطق العام 1948. ويواجهون معاناة كبيرة جدًّا خصوصًا مع تجفيف الاحتلال لمنابع عمل وكالة (أونروا) بقرارها بتوقيف عملها بالأراضي المُحتلَّة عام 1967. لقَدْ عبَّر برنامج «الأغذية العالَمي» مؤخرًا، وفي أكثر من مناسبة، عن «قلقه إزاء تزايد انعدام الأمن الغذائي في القِطاع بشكلٍ رئيسٍ في الضفَّة الغربيَّة إضافة بَيْنَ لاجئي فلسطين في لبنان وسوريا». ولا ننسى في هذا الشَّأن أنَّ ما يجري في القِطاع هو هجمات مباشرة من الاحتلال، وممارسات تمسُّ مُقوِّمات الحياة ومنع تدفُّقها للقِطاع ومحاصرَة النَّاس. أمَّا في الضفَّة الغربيَّة فهي تشهد تصاعدًا في هجمات المستوطنين على الفلسطينيِّين، فمنذُ بدء الحرب على غزَّة في تشرين الأوَّل/ أكتوبر 2023»، لافتةً إلى أنَّ «أكثر من (500) ألف مستوطن يحملون «الجنسيَّة الإسرائيليَّة» يعيشون في أكثر من (100) مستوطنة في أنحاء الضفَّة الغربيَّة، تتراوح بَيْنَ البؤر الاستيطانيَّة على قمم التِّلال والضَّواحي المكتملة النُّمو»، على حدِّ توصيفها. وخلاصة القول، إنَّ سعيَ الاحتلال لِتَحقيقِ التَّهجير للمواطنين من قِطاع غزَّة، والضفَّة الغربيَّة بعد حين، ورُبَّما في فترة لاحقة فلسطينيو الدَّاخل المحتلِّ 1948، يراه ضرورة لاستكمال المشروع الصهيوني، فالجناح اليميني الصهيوني، وبخاصَّة الولايات المُتَّحدة، يعتقد أنَّ من غير المُمكن ولا المنطقي إقامة دَولة يهوديَّة يكُونُ أكثر من نِصفها من غير اليهود.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك

[email protected]