تحرص قيادتنا الحكيمة على تحقيق الاستقرار والأمن والأمان وترسيخ مبادئ العدل في المُجتمع.. لذلك نرى أنَّ المنظومة القضائيَّة بسلطنة عُمان تُعَدُّ مثالًا للنَّزاهة والشَّفافيَّة والتَّفاني من أجْلِ تحقيق مصلحة الوطن والمواطن والسَّعي لتوفيرِ العدالة النَّاجزة بكُلِّ مصداقيَّة وإقرار الأمن والعيش بكرامة وحُريَّة لكُلِّ مَنْ يعيش فوق الأرض الطيِّبة حتَّى أصبحتْ هذه المنظومة المضيئة أحَد أهمِّ مكتسبات مَسيرة النَّهضة المباركة.
والمرسوم السَّامي الَّذي صدَر من لدُن عاهل البلاد المُفدَّى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ مؤخرًا بإنشاء محكمة الاستثمار والتِّجارة يجسِّد الحرص السَّامي على ترسيخ مبادئ العدالة والشَّفافيَّة وسيادة القانون في البلاد.. فالمحكمة الجديدة بقوانينها المستحدثة تختصُّ بقِطاع التِّجارة والاستثمار في السَّلطنة وستنظر في الدَّعاوى الَّتي يرفعها التجَّار والشَّركات والمتعلِّقة بالأمور الاقتصاديَّة.. وهذا بالطَّبع سيسرِّع من البتِّ في مِثل هذه المنازعات دُونَ انتظار أيِّ أنواع أُخرى من القضايا والَّتي لا تتعلق بالأمور الماليَّة.
لا شكَّ أنَّ وجود منظومة قضائيَّة تختصُّ بالأمور الاقتصاديَّة سيُسهم في تحفيز الاستثمار ومنح البيئة الاستثماريَّة الأمان والاستقرار؛ كون المستثمرين سيدركون أنَّ شكواهم سيتمُّ البتُّ فيها بسرعةٍ وبعدالة من قِبل قضاة متخصِّصين في هذا النَّوع من القضايا، وهو ما سيُشجِّعهم على خوض السُّوق العُمانيَّة باطمئنان؛ لأنَّ أموالهم في أيدٍ أمينة.
إنَّ إنشاء محكمة الاستثمار والتِّجارة يُعَدُّ أُولى خطوات تطوير المنظومة القضائيَّة في السَّلطنة وفقًا للخطَّة الاستراتيجيَّة بعيدة المدَى (2024-2040) الَّتي وضعها المجلس الأعلى للقضاء والَّتي تتوافق مع الرُّؤية المستقبليَّة «عُمان 2040» لتسريعِ عجَلة التَّنمية الاقتصاديَّة.. فتوفير بيئة قانونيَّة ناجزة سيُسهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبيَّة والمحليَّة على السَّواء إلى جانب مُواكبة المنظومة لأحدَثِ التَّطوُّرات العالَميَّة كالتِّجارة الإلكترونيَّة وحماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة وحماية المنتجات المحليَّة وغيرها.
إنَّ الشَّعب العُماني الوفي يعوِّل على مثلَّث العدالة الأمل في تحقيق الأمن والاستقرار للمُجتمع، فالصَّرح القضائي الشَّامخ بكافَّة مُكوِّناته من قضاة وادِّعاء ودِفاع يجتهدون جميعًا لإظهار الحقيقة وإقرار العدالة وحصول كُلِّ مواطن على حقِّه ومعاقبة المُسيء على جريمته.. لذلك نرَى أنَّ هؤلاء الجنود المجهولين يعملون يدًا واحدة بلُحمةٍ وعلى قلبِ رجُلٍ واحد شعارهم الحقُّ والعدالة والأمان.. ومَنْ ينظر إلى حجم القضايا الواردة للمنظومة القضائيَّة المُخلصة والَّتي تقدَّر بالآلاف يدرك مدَى الجهد المبذول وقدر المعاناة النَّفْسيَّة والبَدَنيَّة الَّتي يتكبَّدها أعضاؤها ويُجْبرنا على أن نقفَ إكبارًا وإجلالًا لهؤلاء المُخلِصِين الَّذين يبذلون الغالي والنَّفْيس من أجْلِ استتباب الأمن ونصرة المظلومِين ووضع الحقِّ في نِصابه الصَّحيح.
كُلُّ الأُمنيات للصَّرح القضائي الشَّامخ الجديد بالاستقرار، ووفَّق الله أعضاءه لِمَا فيه خير البلاد والعباد.. وحمَى الله وطنَنا الحبيب من كُلِّ مَكْرُوه، وأنْعَم عَلَيْه بالأمن والاستقرار، وأرشدَ أهْلَه طريقَ الصَّواب.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني