السبت 29 مارس 2025 م - 29 رمضان 1446 هـ

أمريكي فـي صحراء العراق .. رواية جديدة لوليد الزبيدي

أمريكي فـي صحراء العراق .. رواية جديدة لوليد الزبيدي
الأحد - 23 مارس 2025 02:02 م
50

عرض ـ محمد عبدالصادق:

صدر حديثا، للكاتب العراقي وليد الزبيدي رواية بعنوان (أمريكي في صحراء العراق)، اختار الزبيدي لها غلافا، يصور دبابات إبرام الأمريكية وهي تسير وسط الصحراء، في إشارة للحرب الأمريكية على العراق، وتحديدا معركة الفلوجة، في العام 2004، وتصدر الغلاف كلمات تشرح ظروف كتابة الرواية، بعد الرسالة التي تلقاها الكاتب على بريده الإلكتروني، تطلب فيها فتاة أمريكية، كتابة قصة عن والدها الذي تعتقد أنه مفقود في صحراء العراق، بالمخالفة للرواية الة الرسمية التي تؤكد مقتله في معركة الفلوجة، حيث لم يعثروا على جثته حتى الآن، ووضعوا مجسما رمزيا داخل تابوت ودفنوه بديلا عن الجثمان.

وافق المؤلف على كتابة الرواية، بعدما تلقى التفاصيل والملابسات والأحداث الحقيقية من أسرة بطل الرواية، مع بعض الإضافات للضرورة السردية، أدخلها الكاتب من خياله.

يبدأ الزبيدي قصته، بنفس روائي مشوق، شارحا مشاعر جون الطفل ذي الرابعة من عمره، الذي جاءه خبر موت والده، وأدرك أنه لن يراه مرة أخرى، لم يعرف وقتها أن والده ذهب إلى بلد (العراق) يبعد آلاف الكيلومترات، وتبعد عشرين ساعة بالطائرة عن موطنه بأمريكا، وكيف أخبرته أمه هو وأخته سارة بعد سنوات بحقيقة مقتل والده، وكيف أنهم لم يستلموا جثمانه، خلافا لما حدث مع عوائل كثيرة قتل أفراد منها في حرب العراق، كانت الأم تتعمد تفخيم بعض الوقائع، لإضفاء نوع من البطولة على سيرة الأب الذي غاب في وقت مبكر، بينما كان أطفاله صغارا لايعون شيئا.

أضفى الزبيدي أجواء من الدراما والإثارة والخيال على أحداث الرواية، عند حديثه عن زيارة والد الطفل له في المنام، ومحاولته التعرف على ملامح والده من خلال تذكر ملامحه التي بقيت محفورة في مخيلته وهو في الرابعة من عمره، وعبر الصور المعلقة على جدران المنزل، الأمر الذي ساعده على التعرف بدقة على شخص والده الذي يزوره في المنام، ورغبته في تفسير سر حزن أبيه ورفضه التحدث معه، وملابسه الغريبة التي لم يشاهد مثلها من قبل، والصحراء والأغنام والجمال والكثبان الرملية المتناثرة والسماء الزرقاء الواسعة التي تحيط بوالده من كل جانب.

مرت السنون، وأصبح جون شابا يافعا عمره أربعة وعشرين عاما، ولم تتركه المنامات التي يظهر فيها والده، حتى فاجأ والدته بقراره الذهاب إلى العراق، للبحث عن والده، الذي يعتقد أنه مازال حيا، رفضت الأم التي كانت مازالت مفجوعة لما حدث لزوجها، وحذرته من التطرق لهذا الحديث مرة أخرى، فالعراق بلد خطر ما زال يعاني من ويلات الحرب، وانعدام الأمن حتى الآن، حاول جون تهدئة والدته التي أعتقدت أنها أثنته عن هذه الفكرة، ولكنه عاد يحاول إقناعها بأن والده ربما يكون على قيد الحياة، كما يزوره في المنام، واستشهد بما رآه في أحد أفلام هوليوود، التي تحكي عن جندي أصيب بهجوم وسقط بين الأحراش، وفقد الذاكرة بعدما اصطدم رأسه بجذع شجرة، وتدحرج جسده في منحدرات صخرية، واضطرت كتيبته للانسحاب السريع لشدة القصف الذي كان يستهدفهم، وبعد ساعات لم يجدوه بين المنسحبين، جراء حالة الفوضى التي سادت، عثرت مجموعة من المزارعين المحليين على الجندي المصاب، وخضع للعلاج وبقي معهم لفترة ليست بالقصيرة.

بعد شفائه بدأت ذاكرته تجمع الأحداث، ويكتشف أنه يعيش بين أناس لا يعرف عنهم شيئا.

تساءلت والدة جون عن مغزى هذه القصة، وكان رده: أخشى بل أملي أن يكون والدي قد تعرض لحادث فقد على إثره ذاكرته، كانت والدة جون تعيش صراعا في داخلها، تتمنى أن تكون قناعة ولدها صحيحة، وأن تلك القناعة ستقود لعودة زوجها الذي أحبته بعمق وطالما افتقدته، لكنها سرعان ما تشعر بالهلع عندما تتخيل ابنها وقد سافر إلى العراق هذا البلد الذي ارتبط في مخيلتها بالموت والدمار، تحاول أن تأخذ نفسا عميقا في كل مرة تتخيل فيه هذا المشهد. تتوالى أحداث الرواية، بأسلوب مشوق، برع الزبيدي في تصوير أحداثها، مازجا بين الحقيقة والخيال، في رحلة ممتعة، يلقي فيها الضوء على المأساة التي تعرض لها العراق، منذ الغزو الأمريكي في العام 2003 ، والحرب المستعرة التي استمرت سنوات، ودور المقاومة العراقية الباسلة في إجبار المحتل الأمريكي على الدخول في حالة من اليأس والتسليم بأنه لا عيش لهم على أرض العراق.