فجر الثلاثاء الـ(18) من مارس الجاري جدَّدتْ «إسرائيل» عدوانها على الفلسطينيِّين في قِطاع غزَّة، وبما يُثبتُ أنَّ تكلفة الحرب على «إسرائيل» أقلّ بكثير من متطلَّبات المُضي قُدمًا في البنود الَّتي تمَّ الاتِّفاق عَلَيْها لوقفِ النَّار، وبالتَّالي إرساء السَّلام، خصوصًا وأنَّ وقف إطلاق النَّار الَّذي تمَّ الإعلان عَنْه في يناير الماضي مِثلما جاء بعد وعيدِ الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب للفلسطينيِّين بجحيم في غزَّة، فإنَّه جاء أيضًا بضغوط مارسها ترامب على رئيس الوزراء «الإسرائيلي» لِيتمكَّنَ ترامب من تحقيق وعدِه الانتخابي بإحلال السَّلام في المنطقة فَوْر وصوله البيت الأبيض.
وبدَا منذُ اللَّحظة الأولى أنَّ «إسرائيل» لن تنفِّذَ من الاتِّفاق سوى مرحلته الأولى الَّتي تتمحور حَوْلَ تبادل الأسرَى دُونَ الدُّخول في استحقاقات المرحلة الثَّانية الَّتي تتضمَّن إدخال المساعدات والمنازل المتنقِّلة والشُّروع في ترتيبات إعادة الإعمار وآليَّات إدارة القِطاع، حيثُ حاولتْ «إسرائيل» الالتفاف على ترتيبات المرحلة الثَّانية بتكثيف جهودها نَحْوَ تهجير الفلسطينيِّين من قِطاع غزَّة مدعومةً بإصرار من الرَّئيس الأميركي قُوبل برفضٍ عربي قاطع قادَتْه مصر الَّتي قدَّمتْ خطَّة للإعمار لاقتْ ترحيبًا دوليًّا.
ومع ما بدا أنَّه تراجعٌ أميركي عن الإصرار على التَّهجير خصوصًا بعد أن قالَ الرَّئيس دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء أيرلندا إنَّ سكَّان غزَّة لن يُجبروا على مغادرة القِطاع، مشيرَا إلى أنَّ أيَّ عمليَّة تهجير قسري ليسَتْ مطروحةً، وأنَّ الوضعَ في غزَّة يتطلب حلولًا أخرى بعيدًا عن النُّزوح الجماعي للسكَّان فإنَّ «إسرائيل» لا تجد فائدة من الاستمرار في وقف النَّار، خصوصًا مع ضغوط السِّياسة الدَّاخليَّة «الإسرائيليَّة» حيثُ إنَّ حلفاء نتنياهو من اليمين عدُّوا وقف إطلاق النَّار استسلامًا لحماس وانسحبوا من الحكومة، واعدين بالعودة بعد استئناف الحرب، وهو ما حدَث فعلًا، رُبَّما سعيًا في أن يدفعَ تَجدُّد المجازر وتصاعدها إلى تنفيذ مُخطَّط التَّهجير.
? هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]
