الجمعة 09 مايو 2025 م - 11 ذو القعدة 1446 هـ

من التعطيش والتجويع إلى حرب الكهرباء والغاز

من التعطيش والتجويع إلى حرب الكهرباء والغاز
السبت - 15 مارس 2025 01:00 م

علي بدوان

30


ما زال الاحتلال يواصل إغلاق معابر قِطاع غزَّة، وخصوصًا معبر رفح الفلسطيني المصري، أي العربي ـ العربي، ويُمسك بـ»صنبور المساعدات» الَّتي يُمكِن لها أن تتدفقَ إلى القِطاع، حيثُ يُغلق «صنبورها» ويفتحه كما يشاء، وبطريقة شحيحة، تكاد تقي النَّاس الحدَّ الأدنى من حالة الموت من الجوع، وتجعل حياتهم الجسديَّة البيولوجيَّة تحت «الكفاف» تمامًا، بل وعلى شفير الموت.

ومؤخرًا، وبخطواتٍ لا تمَّت للإنسانيَّة والبَشَريَّة بِصِلَة، بل تأتي في سياقات حرب الإبادة، قامتْ سُلطات الاحتلال بقطعِ إمدادات الَّتيار الكهربائي عن قِطاع غزَّة، والمدفوعة أثمانها فلسطينيًّا بشكلٍ مُسبق. في حربٍ جديدة ضدَّ الفلسطينيِّين تُضاف لحربِ النَّار والبارود والتَّجويع والتَّعطيش على عامَّة المواطنين في فلسطين، وخصوصًا قِطاع غزَّة.

وامتدادًا إلى الضفَّة الغربيَّة فعل ويفعل جيش الاحتلال الأفاعيل. فدمَّر مؤخرًا عشرات المنازل والبنى الأساسيَّة وهجَّر نَحْوَ عشرين ألف مواطن فلسطيني من اللاجئين الفلسطينيِّين من (مُخيَّم نور شمس) قرب مدينة طولكرم وفق المفوَّض العامِّ لوكالة (أونروا) فيليب لازاريني الَّذي أطْلَق تصريحات عدَّة بهذا الشَّأن خلال الأسبوع الماضي مناشدًا المُجتمع الدّولي والأُمم المُتَّحدة للتَّدخُّل.

لقَدْ أسْفَرَ العدوان الأخير لقوَّات الاحتلال على مدينتَي جنين وطولكرم، أسْفَرَ عن ثلاثين شهيدًا خلال الأسبوعيْنِ الماضيَيْنِ، واعتقال العشرات بَيْنَهم عددٌ من الأسرَى المُحرَّرِين.

وبالمحصِّلة. إنَّ الاحتلال يصعِّد هجماته في أنحاء الضفَّة الغربيَّة خلال شهر رمضان المبارك. ويواصل التغوُّل الاستيطاني التَّهويدي. بعد تنفيذه (79) عمليَّة هدم خلال شهر شباط/ فبراير الماضي بالضفَّة الغربيَّة.

إنًّ ما يُفاقم الأزمة الإنسانيَّة في غزَّة عدَّة عوامل وممارسات يَقُوم بها الاحتلال كما في قطعِ إمدادات التيَّار الكهربائي والغاز الخاصِّ بالاستعمال المنزلي، وهو ما أشار إِلَيْه عزَّت الرشق عضو المكتب السيسي لحركة حماس، حينما طالب المُجتمع الدّولي بـ»إلزام سُلطات الاحتلال وجيشه، بتنفيذ البروتوكول الإنساني لاتِّفاق وقف إطلاق النَّار المتعلِّق بإدخال المساعدات الإغاثيَّة، منعًا لوقوعِ «كارثة إنسانيَّة غير مسبوقة». خصوصًا: «في ظلِّ استمرار وتفاقم المعاناة والأزمة الإنسانيَّة في قِطاع غزَّة، والنَّقص الحادِّ في الغذاء والمياه الصَّالحة للشُّرب، ما تسبَّب بارتفاع معدَّلات سُوء التَّغذية خصوصًا للأطفال، مع الخشية من نفاد المستلزمات الطبيَّة يهدِّد حياة آلاف المَرضى». هذا رغم الاتفاقيَّات الواضحة الَّتي نصَّ عَلَيْها البروتوكول الإنساني الموقَّع ضِمْن اتِّفاق وقفِ إطلاق النَّار، فإنَّ الاحتلال «الإسرائيلي» لم يلتزمْ بتعهُّداته، ولم ينفِّذِ البنود الَّتي وقَّع عَلَيْها.

إذًا، إنَّ قرار الاحتلال بقطعِ إمدادات التيَّار الكهربائي عن غزَّة، بعد أن حرمَها من الغذاء والدَّواء والماء، يُعَدُّ في جوهره محاولة يائسة للضَّغط السِّياسي على الشَّعب الفلسطيني وعامَّة النَّاس عَبْرَ سياسة الابتزاز الرَّخيص والمرفوض، ويُعَدُّ عقابًا جماعيًّا لشَعبٍ محاصَر على بقعة ضيِّقة من الأرض من قِبل قوَّة احتلال.

إنَّ قرار حكومة نتنياهو، وقراره الشَّخصي، بوقفِ الإمدادات الإنسانيَّة إلى القِطاع لا يؤثِّر على أيٍّ من القوى والفصائل، بل على عامَّة الشَّعب والنَّاس من أبناء غزَّة الصَّامدِين فوق ترابها.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك

[email protected]