الخميس 13 مارس 2025 م - 13 رمضان 1446 هـ
أخبار عاجلة

التفاوض المباشر مع المقاومة ودلالاته

التفاوض المباشر مع المقاومة ودلالاته
الأربعاء - 12 مارس 2025 01:02 م

جودة مرسي

10

تُشير بعض التَّقارير إلى أنَّ آدم بولر، مبعوث الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصَّ بشؤون «الرَّهائن» التقى بشكلٍ مباشر مع وفد رفيع من حركة المقاوَمة الإسلاميَّة (حماس) في قِطاع غزَّة؛ من أجْلِ إجراء مفاوضات (4 جولات) بشأن إطلاق سراح الأسرَى الَّذين يحملون الجنسيَّة الأميركيَّة (4 جثث وأسير على قَيْدَ الحياة)، وقَدْ كان صدى هذه اللقاءات هو انزعاج الكيان المحتلِّ، لِمَا يُمثِّله أوَّلًا كاعترافٍ بحركة المقاوَمة الإسلاميَّة (حماس)، وثانيًا هو يُمثِّل ـ من وجهة نظر المسؤولين في حكومة الكيان المحتلِّ ـ خسارة لمكاسب كان يُمكِن التَّفاوض عَلَيْها في حضور مسؤولين من الكيان حسب تعبير أحَد المسؤولين (عِندَما يعمل الأميركيون من ورائها وتدفع أثمانًا دُونَ أن تكسبَ ما تتوقعه)، خصوصًا وأنَّ مَنْ سعَى إلى المفاوضات هو إدارة الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب، وطالبتْ خلالها بالإفراج عن الأسرَى (الإسرائيليِّين) الَّذين يحملون الجنسيَّة الأميركيَّة وهو ما رفضَتْه المقاوَمة الفلسطينيَّة بالإفراج من دُونِ ثَمَن.

وبعيدًا عن توقُّف المفاوضات واستئنافها مرَّة أُخرى من عدَمِه، فإنَّ انعقادها بشكلٍ مباشر بَيْنَ رئيس حركة المقاوَمة الإسلاميَّة حماس الدكتور خليل الحيَّة ومبعوث الرَّئيس الأميركي بعيدًا عن الكيان المحتلِّ يعني أنَّ إدارة الرَّئيس الأميركي تُثبتُ أنَّها تهدف إلى مصالحها أوَّلًا بعيدًا عن الكيان المحتلِّ، وأنَّ انعقاد هذه الاجتماعات هو اعتراف رسمي بحركة حماس، وأنَّ ما يَدُور في العلَنِ من تصريحات للرَّئيس دونالد ترامب شيء والواقع شيء آخر، ممَّا ينفي تلك التَّهديدات المُعلَنة الَّتي أطلقها سابقًا عن تدمير وحرق حماس وترحيل أهالي غزَّة إلى مصر والأردن، فيما يُدرك ترامب أنَّ رئيس وزراء الكيان المحتلِّ ـ من وجهة نظره ـ لا يختلف كثيرًا عن الرَّئيس الأوكراني زيلينسكي في استغلال الولايات المُتَّحدة وتوريطها في أثمانٍ باهظة لمصالحِه الشَّخصيَّة، ويتضح ذلك من خلال المفاوضات الَّتي تسعى إلى الإفراج عن الأسرَى جميعًا وإنهاء الحرب تمامًا، وهذا ما يرفضُه (النتنياهو) رئيس وزراء الكيان المحتلِّ، الَّذي يُفضِّل استمرار الحرب، ولولا وجود اللوبي الصهيوني وقوَّته في الولايات المُتَّحدة لكنَّا رأينا رئيس وزراء الكيان المحتلِّ (النتنياهو) في موقفٍ مشابِه للموقف الأخير للرَّئيس الأوكراني زيلينسكي في البيت الأبيض، ويؤكِّد ذلك تصريحات آدم بولر مبعوث الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون «الرَّهائن»، من أنَّ (اجتماعه مع حماس مفيد جدًّا، ونتفهَّم قلق «إسرائيل» ولكنَّنا لَسْنا عميلًا لها). إنَّ الإشادة بحركة المقاوَمة الإسلاميَّة حماس يعني أنَّ هناك انقلابًا في المفاهيم والتَّوجُّه يتمُّ ملاحظته من خلال التَّعامل في موضوع صفقة الأسرَى، ويؤكِّده وجود اتِّصالات مباشرة بَيْنَ إدارة ترامب وحركة حماس، وأنَّ إدارة الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب هي مَنْ طلبتِ المفاوضات الَّتي تمَّتْ مع وفْدِ رفيعٍ من حركة المقاوَمة الإسلاميَّة حماس، وتوصَّلتِ المفاوضات إلى المُوافقة بَيْنَ الطَّرفَيْنِ الفلسطيني والأميركي، على أن يتمَّ الإفراج عن (5) جنود (جندي حي و4 جثث) مقابل الإفراج عن (250) أسيرًا فلسطينيًّا (100 من ذوي المؤبَّدات و(150) من ذوي المحكوميَّات العالية) لولا أنَّ الكيان المُحتلَّ تحفظُ على خمسين اِسمًا من ذوي المؤبَّدات المشمولين بالاتِّفاق، ليتمَّ تجميد المفاوضات انتظارًا لِمَا ستُسفر عَنْه الزِّيارة المُرتقبة للمبعوث الأميركي إلى الشَّرق الأوسط ستيف ويتكوف لمناقشةِ مصير اتِّفاق وقفِ إطلاق النَّار وبقيَّة الأسرَى، وخطط إعادة إعمار غزَّة.

الخلاصة، إنَّه رغم توقُّف المفاوضات الَّتي سعَتْ إِلَيْها إدارة الرَّئيس ترامب مع حركة حماس وعدم تنفيذ البنود الَّتي كانوا قَدْ توصَّلوا إِلَيْها بسبب اعتراضات الكيان المحتلِّ، إلَّا أنَّ المقاوَمة الفلسطينيَّة أثبتتْ أنَّها تملك من القوَّة ما يجعل الجميع يسعَى للتَّفاوض المباشر معها رغم كُلِّ السرديَّات الكاذبة من الكيان المحتلِّ، ويؤكِّد ذلك تصريحات المسؤولين الأميركان بحلِّ الأمور مع حماس عن طريق التَّفاوض، مِثل ما صرح به المبعوث الأميركي للشَّرق الأوسط ويتكوف من أنَّ رغبة الولايات المُتَّحدة في «حلِّ الأمور مع حماس من خلال الحوار».

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير «الوطن»