إن الحياة مع القرآن لها طعم عظيم يختلف عن كل الأمور في حياة الدنيا فهو الحياة والسعادة والأمان.
فيا أيها الصائم العزيز.. أدعوك أن تتأمل وتتدبر كيف كانت حياة السلف الصالح في شهر القرآن وكيف عاشوا مع كتاب الله خلال هذا الشهر المبارك، فعن مسبح بن سعيد قال: كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرأها في غير الصلاة، وكان قتادة: يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وقال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد القطان يختم القرآن كل يوم وليلة يدعو لألف إنسان، ثم يخرج بعد العصر فيحدث الناس، وعن محمد بن مسعر قال: كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن، وقال يحيى اليماني: لما حضرت الوفاة أبا بكر بن عياش بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة، وكان الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة، وقال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري: إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وكان الزُّهري ـ رحمه الله ـ إذا دخل رمضان، قال: فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام، ويقول الإمام حمزة بن حبيب الزيات، القيم بكتاب الله، العابد الخاشع، القانت لله: نظرت في المصحف حتى خشيت أن يذهب بصري.
ومن خلال هذه النفحات الرمضانية التي يعيشها المسلم أدعو نفسي وكافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى استغلال هذه المناسبة المباركة والثمينة في العمل بآيات القرآن وتدبر وتمعن وفهم آيات هذا الكنز والإقبال عليه بالحفظ والقراءة والتفسير والاستماع إليه من مختلف القراء وتكون كل أوقاتنا تحيا بالقرآن عملًا وقولًا وفعلًا ونكون من المخلصين لهذا الكتاب المبين.. ونسأل الله سبحانه أن يجعلنا من السعداء الفائزين ومن أهل القرآن وخاصته يوم الحساب.
إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
كاتب عماني