عدَّت بلادنا الجميلة ـ منذُ أن سطعتْ شمس نهضتها المباركة ـ تنمية البيئة والمحافظة على مفردات الطَّبيعة من ثوابت السِّياسة الرَّشيدة وقدَّمتْ وما زالتْ تُقدِّم الكثير من الجهود والفعاليَّات والمبادرات المحليَّة والإقليميَّة والدّوليَّة الَّتي تهدف لصونِ البيئة ومكافحة التَّلوُّث الَّذي وضعَ الأرض على صفيح ساخن نتيجة تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وتزايد معدَّل الكوارث الطَّبيعيَّة الَّتي لا يَعْلَم تبعاتها سوى الله وحده.. لذلك فإنَّ العالَم يتَّجه في السَّنوات الأخيرة لاتِّباع السِّياسة الخضراء في كُلِّ ما يتعلق بالأنشطة البَشَريَّة بحيثُ يُقلِّل الإنسان من كُلِّ ما يدمِّر البيئة، ويسعَى للحفاظِ عَلَيْها وتنميتها واستبدال مصادر الطَّاقة النَّاتجة من الأحفوريَّات الَّتي تسبِّب انبعاث الكربون المُسبِّب للاحتباس الحراري بأخرى نظيفة صديقة للبيئة.. فرأينا المباني الخضراء والمُدُن الذَّكيَّة والهيدروجين الأخضر الَّذي أحدَث ثورة صناعيَّة وتكنولوجيَّة عظيمة وألواح الطَّاقة الشَّمسيَّة الَّتي تنتج الكهرباء وغيرها من الابتكارات الَّتي تُحافظ على البيئة.وبلادنا ـ ولله الحمد ـ سبَّاقة في مجال المحافظة على البيئة يبرهن على ذلك الإنجاز البيئي المتميِّز الَّذي حقَّقتْه مؤخرًا وفقًا لمؤشِّر التَّلوُّث العالَمي لعام 2025 الَّذي تُصدره منصَّة «Numbeo» حيثُ تصدَّرتِ المركز الأوَّل في قائمة الدوَل العربيَّة، واحتلَّتِ المرتبة الـ(22) عالَميًّا في قائمة الدوَل الأقل تلوُّثًا.. وقَدِ اعتمد المؤشِّر عدَّة عوامل، مِنْها جودة الهواء والمياه وإدارة النّفايات والتَّلوُّث الضَّوضائي ومدَى توافر المساحات الخضراء.
بالتَّأكيد هذا التَّصنيف الدّولي يجسِّد حِرص دَولتنا الرَّشيدة على الحفاظ على جودة البيئة والحدِّ من التَّلوُّث وتعزيز الاستدامة البيئيَّة.. فهي نموذج يُحتذى في العمل على تحسين معيشة المواطنين، وتوفير الحياة الصحيَّة والبيئة النَّظيفة الخالية من التَّلوُّث لكُلِّ مَن يعيش فوق الأرض الطيِّبة.. وجهودها في هذا المجال تشهد له الأبصار حيثُ أدركتْ أهميَّة الحفاظ على البيئة والتَّنوُّع الأحيائي وصونها من التَّلوُّث، وتأمين الاستخدام الأمثل للموارد الطَّبيعيَّة حتَّى يتمَّ وصولها للأجيال القادمة وهي نظيفة وسليمة.. فانتهجتْ سياسة حماية المحيط البيئي من التَّلوُّث وتنمية مواردها وجعلَتْها ركنًا أساسًا من أركان التَّنمية الَّتي تُحقِّق الرَّفاهيَّة والتَّقدُّم لأبنائها والضَّمان الحقيقي لاستمرار مَسيرة البناء والتَّطوُّر؛ لِمَا لذلك من تأثير إيجابي على صحَّة الإنسان والبلاد.. بل لم يقتصرْ اهتمامها داخل حدودها فقط، وامتدَّ التَّعاون مع مختلف الهيئات والمنظَّمات الخليجيَّة والعربيَّة والدّوليَّة المعنيَّة بالحفاظ على البيئة؛ وذلك لإيمانها العميق بأنَّ الاهتمام بالبيئة هو اهتمام بالإنسان نَفْسِه. كما أنَّه إرث يَجِبُ أن نوصلَه للأجيال القادمة وهو في أفضل حالاته.
إنَّ التَّحدِّيات الَّتي تواجهها الطَّبيعة من حَوْلِنا تتطلب من البَشَر سرعة إنقاذها والكفَّ عن العبثِ بمقدَّراتها واستغلال التكنولوجيا الحديثة لحمايتِها والحفاظ عَلَيْها وتقليل تهديدات المناخ الَّتي تتزايد يومًا بعد يوم.. لذلك نتمنَّى أن يتحملَ كُلُّ فردٍ في المُجتمع مسؤوليَّته في الحفاظ على البيئة والعيش النَّظيف وتقليل الملوِّثات قدر المستطاع حتَّى تظلَّ طبيعتنا خلَّابة ونقيَّة.
حفظَ الله بيئتنا الخلَّابة من التَّخريب والتَّلوُّث، وأدام على وطننا الحبيب نعمة الاستقرار والأمن والرَّخاء.. وكُلُّ التَّحيَّة لِمَن يشارك في الحفاظ على النِّعمة الَّتي حبانا الله بها.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني