الجمعة 28 مارس 2025 م - 28 رمضان 1446 هـ
أخبار عاجلة

الطعام فـي العالم القديم: إرث ثقافـي من العصور الغابرة

الطعام فـي العالم القديم: إرث ثقافـي من العصور الغابرة
الاثنين - 10 مارس 2025 02:26 م


مسقط ـ العُمانية: يشكل الطعام في العالم القديم، وبالأخص لدى شعوب الإغريق والرومان، نافذة فريدة تطل على حياتهم اليومية ومعتقداتهم الاجتماعية والدينية، حيث كان أكثر من مجرد وسيلة للعيش، بل رمزًا للهوية والتراث. كان اللحم يحتل مكانة خاصة في تلك الحضارات، فهو لم يكن غذاءً فحسب، بل علامة على الرفاهية والقوة. ارتبط استهلاكه بالطقوس الدينية، حيث كانت القرابين من الحيوانات تُقدم لتعزيز الروابط الاجتماعية في المدن القديمة. وتُظهر القصص التاريخية شغف الإغريق بتناول لحم البقر في ملاحمهم الأدبية، بينما أثارت عادات الفرس في طهي حيوانات كبيرة كالجمال دهشتهم، ما يعكس تنوعًا ثقافيًّا في أنماط الطعام.

وفي جانب آخر، برزت الحبوب كعنصر أساسي في النظام الغذائي اليومي، لا سيما عصيدة الشعير التي شكّلت قوتًا رئيسًا للإغريق ، ومع تطور الزراعة، انتقلت هذه الحبوب عبر الزمن لتؤسس تنوعًا غذائيًّا نراه اليوم في الأرز والقمح والذرة. تدريجيًّا، ومع التفاعل بين شعوب حوض المتوسط والثقافات الآسيوية والإفريقية، أُدخلت أطعمة جديدة كالدجاج والخوخ، ما أثرى المائدة القديمة. لم تكن الأطعمة وحدها من يحمل الدلالات، بل الأماكن المرتبطة بها أيضًا، فقد شُيدت غرف الطعام بجوار المعابد الإغريقية لتكون مساحات للتجمع والعبادة، بينما كانت هياكل ذبح الحيوانات شاهدة على ارتباط الطعام بالروحانيات. وفي ظل بنية اجتماعية أبوية، كان الرجال يتناولون اللحم بكميات أكبر، بينما تولت النساء تحضير الحبوب، وهو تقسيم أدوار يمتد تأثيره إلى ثقافات لاحقة.

هكذا، يبرز الطعام في العالم القديم كمرآة للحضارة، حيث ارتبط بالزراعة والتكنولوجيا والدين، تاركًا بصماته في عاداتنا المعاصرة. فمن مائدة الإغريق البسيطة إلى ولائم الرومان الفاخرة، يبقى هذا الإرث شاهدًا على تنوع الثقافات وتفاعلها عبر التاريخ.