الثلاثاء 04 مارس 2025 م - 4 رمضان 1446 هـ
أخبار عاجلة

عندما تنطق الألوان.. يصبح الفن التشكيلي مصدرا لتسجيل الموروث والتعبير عن الهُوية

عندما تنطق الألوان.. يصبح الفن التشكيلي مصدرا لتسجيل الموروث والتعبير عن الهُوية
الاثنين - 03 مارس 2025 01:55 م


مسقط ـ العُمانية: يُعدّ الفن التشكيلي مرآة تعكس روح المجتمعات، ونافذة يطلّ منها المبدعون على ماضيهم وتراثهم، ليجسّدوا هويتهم الثقافية في لوحات وأعمال فنية تحمل بصماتهم الخاصة. وفي سلطنة عُمان، يشكّل الفن التشكيلي جزءًا حيويًّا من المشهد الثقافي، حيث يسعى الفنانون إلى توثيق الموروثات والتعبير عن الهوية العُمانية بأساليب تجمع بين الأصالة والتجديد ومع تطور التقنيات الحديثة، برزت تساؤلات حول العلاقة بين الفن التقليدي والفن الرقمي، ودور الفنان العُماني في الساحة العالمية.

ويقول إبراهيم بن محمد اليحمدي فنان تشكيلي ومدرس تربية فنية، إن الفن التشكيلي لغة عالمية تتجاوز الحدود واللغات، ووسيلة قوية للتعبير عن الثقافات المختلفة، وأن الفنانين التشكيليين يعبرون عن ثقافاتهم من خلال الألوان والرموز والأنماط المستوحاة من بيئتهم، كما أن الثقافة العُمانية تظهر بشكل واضح في أعمال الفنانين التشكيليين، سواء في مشاركاتهم المحلية أو الخارجية، الأمر الذي يعكس أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية العُمانية ونقلها للأجيال القادمة، ومدى تأثير الفن العُماني وتأثره بالفن العالمي دون المساس بهويته الأصلية. من جانبها قالت حفصة بنت عبدالله التميمية، فنانة تشكيلية، وصاحبة مرسم (آرت أند هارت لتدريب الـفنون التشكيلية)، إن الفن التشكيلي مصدر لتسجيل الموروثات والتعبير عن الهويات، ينقل القصص والواقع حسب رؤية الفنان في لغة عالمية تعكس ثقافات الشعوب وتؤثر عليها، إذ لابد أن تظهر ثقافة الفنان بشكل واضح في أعماله لينقل هذه الثقافة عبر الشعوب والأوطان، وإن الفنان العُماني دائما ما يستلهم في أعماله من تراثه الغني كالطبيعة والرموز التراثية والمشاهد اليومية والعمارة والأسواق والخط العربي كل حسب أسلوبه ومدرسته الفنية التي ينتمي إليها. وقالت عزة بنت محمد البكرية، فنانة تشكيلية، إن العمارة العُمانية مصدر إلهام بالنسبة لها، فرسم البيوت القديمة التي تمثل البيئة التي ترعرعت فيها، والذكريات التي تحوم من حولها تحمل قصصا متنوعة من الأعمال التي تشتغل عليها، والفنان العُماني لديه الكثير ليستلهمه من بيئته الخصبة والمميزة بالعمران القديم الذي يعتبر رمزًا من رموز الهوية الوطنية العُمانية، بالإضافة للعادات والموروثات الثقافية على اختلافها وتنوعها. وبيّنت حليمة بنت خميس البلوشية أن كل فنان هو انعكاس مرئي وفكري لثقافته المحلية وأن هذا الأمر يحدث عفويًّا وتلقائيًّا فروح الفنان روح شفافة وقادرة على امتصاص الجمال بشكل مختلف عن الآخرين والفنان لديه قدرة كبيرة على ملاحظة واستيعاب الفلسفة الجمالية؛ لذلك فإن أعماله الفنية وتقنياته التي يستخدمها تعمل على إظهار هذه الفلسفة والجماليات الخفية للجمهور المتذوق للفن وبالتالي تصبح الأعمال الفنية إضافة ذات أبعاد مرئية وفكرية للثقافة المحلية. وأشارت إلى أن الهوية الثقافية للمجتمع العُماني تظهر بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال الفنان العُماني لأنه ابن بيئة ساحرة في طبيعتها وغنية بتراثها وإرثها وتاريخها العريق فلا يمكن ألا يتأثر الفنان بهذا الخليط الجمالي والثقافي الذي تتميز به سلطنة عُمان، وترى بأنه فنان محظوظ كونه يعيش وسط هذا الزخم الهائل من التغذية البصرية والمعرفية. من جانبه أكد ليث بن خليفة الشيادي، فنان تشكيلي ومصمم معماري على أن الفن التشكيلي هو نتاج حضاري ومرآة عاكسة لأفكار الأفراد والمجتمعات على مر العصور، فمن خلاله يعبر الناس عما بداخلهم من مفاهيم وأفكار ورؤى ويشاركونها الجمهور والمهتمين، وأن الفن اليوم أصبح وسيلة لتوجيه وتشكيل الاتجاهات الثقافية العامة وإبراز ثقافات الشعوب، كما أن الفنان العُماني ممثلا لثقافته وبيئته التي تمتاز بالتعدد والتنوع، إذ يميل الفنانون في سلطنة عُمان إلى إعادة صياغة الموروث الثقافي العُماني وتقديمه بأساليب تشكيلية متنوعة، مستفيدين من أدوات الفن المعاصر، كونه يحمل على عاتقه مسؤولية تمثيل بلده في المحافل الدولية والتعريف بثقافتها، والإجابة على التساؤلات حول المشهد الفني العُماني ودوره في الساحة الإبداعية العالمية. وأكد أحمد بن راشد القاسمي فنان ومعلم فنون تشكيلية، على أن الفنان التشكيلي ابن بيئته يتأثر بها ويؤثر عليها، حيث ينسج أعماله من خلال أفكاره معتمدا في ذلك على رؤيته الخاصة التي تترجم وتوثق الواقع والمحيط من حوله من أحداث وتاريخ، الأمر الذي يجعل أعمال الفنان العُماني تُظهر وبشكل واضح تأثرها بالثقافة العُمانية وتجسد عناصرها بكل تفاصيلها، وتعكس للمشاهد على المستوى المحلي والعالمي كل ماله علاقة بالموروث العماني الأصيل.

عندما تنطق الألوان.. يصبح الفن التشكيلي مصدرا لتسجيل الموروث والتعبير عن الهُوية